تتساقط أوراق التوت تباعا لتكشف عن الوجه القبيح للرئيس الأمريكي جو بايدن، والذي كان يتحدث اثناء حملته الانتخابية عن رفضه لما تسمى «بصفقة القرن», وايمانه بما يسمى «حل الدولتين», وعزمه فتح مكتب منظمة التحرير في واشنطن، لكن كل هذا تلاشى شيئا فشيئا، وتحول الى مستحيلات، بايدن اعلن في اول زيارة له للمنطقة انه جاء لتعزيز امن «إسرائيل» وتوقيع ما اسماه بإعلان القدس معها, الذي يحفظ امنها واستقرارها ويؤهلها لقيادة منطقة الشرق الأوسط برمتها، بايدن الدجال الذي يسعى الى تغطية الشمس بغربال, يظن ان اعلان القدس سيحبط الفلسطينيين ويدفعهم للاستسلام, لكن الفلسطيني لديه مناعة من الإحباط, ولا يمكن ان يركن لوعود أمريكا الزائفة وسياسة القهر التي تنتهجها, فخيار مقاومة الاحتلال سيبقى خيارا استراتيجيا قائما لا بديل عنه, وشعبنا يدرك ان الاحتلال لا يمنح شيئا بالمجان, انما تنتزع منه الحقوق انتزاعا, حتى امين سر منظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ الذي يقف على رأس التعاون الأمني مع الاحتلال الصهيوني قال خلال مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز الامريكية إنه لا يعتقد أن إسرائيل جادةً حيال مسألة إنهاء الاحتلال، انها حقيقة توصل اليها الجميع, ولكن المشكلة تكمن في كيفية التعامل مع هذه الحقيقة, فبدلا من ان يؤيد حسين الشيخ المقاومة ضد الاحتلال بكافة اشكالها, وجدناه يستسلم لهذا الواقع بالقول: «ليس أمام الفلسطينيين خيار سوى مواصلة العمل في ظل الترتيب الراهن» متذرعا بمقولة «إذا قمنا بتفكيك السلطة الفلسطينية، فما البديل؟ سيكون البديل هو العنف والفوضى وسفك الدماء، وأُدرك تداعيات مثل هذا القرار، وأعلم أن الفلسطينيين هم من سيدفعون الثمن», وهو بذلك يطمئن «إسرائيل» وامريكا اننا سنبقى ساكنين منبطحين مستسلمين ننتظر عطفكم.
اذا تمكن هذا الفهم لطبيعة الصراع مع الاحتلال الصهيوني من العقول المريضة والمهزومة، فإننا سنواجه واقعا مرا تتبناه وتسوق له الزعامات العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني، لقد اصبح همهم الجلوس على الكرسي ولو كان ذلك على حساب الثوابت الفلسطينية، وتسوقه أفكاره المريضة الى الاعتقاد انه المخلص لهذا الشعب المناضل والصابر والمضحي، فيقول حسين الشيخ «إن تاريخه وسجله الحافل يمنحانه الشرعية لقيادة الشعب الفلسطيني؛ وذلك في تعقيبه على سؤال بشأن تعيينه مؤخرًا أمينًا لسر اللجنة التنفيذية للمنظمة دون انتخاب. وأضاف في حوار “نيويورك تايمز” الأمريكية، قائلا: “أنت تتحدث إلى شخص يدور تاريخه بأكمله حول نضال الشعب الفلسطيني, أنا أعرف بالضبط كيفية قيادة شعبي إلى المسار الصحيح, إن خلفيتي وسجلي الحافل يمنحاني الشرعية للقيادة», هكذا تخيل اليهم نفوسهم المريضة, وهكذا هم يعتقدون, ويظنون ان الجلوس على كرسي السلطة دونه الرقاب فهو نعيم لا يزول, وعندما يصافح جو بايدن حسين الشيخ, ومحمد بن سلمان ولي العهد السعودي, ومحمد بن زايد حاكم الامارات, فهذا معاناه انه بارك وجوده على رأس السلطة, ومنحه الحق في الجلوس على الكرسي باي طريقة كانت, بالانتخاب او بدونه, بالدم او بدونه, بالتوافق او بدونه, المهم ان بايدن باركه وسلم عليه ومنحه الابتسامة التي تعبر عن حالة الرضا والقبول, لذلك علّقت الصحف الغربية على اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي بالرئيس الأمريكي جو بايدن ولقطة المصافحة بقبضة بينهما خارج القصر الملكي، بدلاً من المصافحة باليد, وهو الامر الذي اثلج صدر ولي العهد السعودي ومنحه شيئاً من الثقة والامان.
اننا امام واقع لا يصدق، ولا يمكن ان يستوعبه عقل ولا يقبله منطق، فهل كان أحد يتصور ان يقوم الحاخام الأكبر لما يسمى بالمجلس اليهودي الإماراتي «إيلي عبادي» بالقاء خطبة الجمعة في مسجد زايد الكبير في أبو ظبي؟!، فمنذ أن وقعت الإمارات اتفاقية الاستسلام التطبيعية مع الكيان، ارتفعت وتيرة العلاقات بينهما بسرعة كبيرة، حتى باتت الإمارات مقصد الإسرائيليين الأول للاستثمار والسياحة، ويسعى بن زايد لجعل البلاد التي يحكمها، أول بلدٍ خليجي يسمح للصهاينة بممارسة طقوسهم، بل ويسمح لهم بالاحتفال بذكرى احتلال فلسطين وحرب النكسة عام 1967 علنياً، كما يسعى للترويج لما يسمى «الديانة الإبراهيمية الجديدة»، التي يدعو من خلالها الى ذوبان الأديان السماوية الثلاثة في دين جديد، كما يسعى لأن تكون الإمارات هي مركز وجود هذا الدين، ويحاول بشتى الوسائل استقطاب رجال دين من مختلف المذاهب، واستضافة رؤساء الطوائف الكبرى، للترويج لذلك تحت عنوان «بيت العائلة الإبراهيمية», ونحن على يقين ان كل هذه المحاولات الإماراتية لن تنجح مطلقاً، لان الله يغار على دينه, لكن مسار التطبيع يساهم في كشف المواقف الحقيقية للحكّام، فتكليف المدعو محمد العيسى من دعاة التطبيع مع الاحتلال الصهيوني، بإلقاء خطبة عرفة بمجموع المسلمين يوم الحج الأكبر سابقة خطيرة تمس عقيدة المسلمين، لان العيسى سبق ان التقى بحاخامات يهود ومعروف عنه دعمه لمشروع ديارنا الذي يعتبر مقبرة البقيع في المدينة المنورة إرثًا يهـوديًا «،و قد زار في يناير2020 معسكر أوشفيتز في بولندا، بالتزامن مع إحياء ذكرى الهولوكوست. وصلى العيسى آنذاك في الموقع برفقة عدد من رجال الدين، فهلا أدركتم حجم الترحاب العربي الرسمي ببايدن ولابيد, ومدى التماهي والتساوق مع سياستهما, لكن هذا كله لا يمنع حقيقة ان الشمس لا تغطى بغربال, وان الامة لديها من الوعي ما يحصنها من فتنة بايدن الدجال ورعيته .