العالم السياسي مليء بالمتغيرات والتجاذبات المصلحية والاقتصادية والسياسية، والتي من خلالها تتشكل الأحلاف ويتمدد النفوذ، حيث يصعب تصور شكل العالم دون هذا الفهم ودون فهم الآليات والمنطق الذى يعمل العالم وفقا له.
فالعلاقة بين الدول تحكمها التقلبات والتوترات والصراعات بين منطقين: منطق المصالح الاقتصادية، ومنطق القوة والأيدولوجيات... فالمصالح الاقتصادية تدفع الدول للتعاون وزيادة العلاقات السياسية والدبلوماسية فيما بينها.. بينما منطق القوة يعمل على مزيد من تعميق الانقسامات والصراعات فيما بينها.. ووفقاً لهذه القواعد التي تحكم العالم وتؤدى للدفع بمراكز القوة للسيطرة على مسرح الهيمنة السياسية العالمية.
فالعالم مقبل على تغيرات جذرية جيوسياسية لها علاقة بجهات الشرق والغرب، تقترب من خلالها مؤشرات نهاية حكم القطب الواحد إلى القطبية المتعددة، المتمثلة بالدب الروسي والتنين الصيني.
هذه القوى العظمى الصاعدة التي بها سيتغير شكل العالم، وستتشكل الأحلاف ومراكز القوة في العالم وفقاً لذلك المتغير الديناميكي السياسي والاقتصادي، وبما أن هذا شكل العالم المرتقب: فإن
هذا يدلل على أن الغرب والشرق سيسيران باتجاه قيادة العالم نحو القطبية المتعددة، والتي ربما يكسب العالم حالة من التوازن وفقاً لهذا التصور وهذا المنظور المرتقب، وبعيدًا عن حكم القطب الواحد المتمثل بالهيمنة والاستكبار الأمريكي على العالم وحضاراته.
(فالتنين الصيني): القوة العظمى المتصاعد وبقوة صاروخية، والذي تفوق على الولايات المتحدة في بعض النواحي الاقتصادية المتعددة، ولا سيما في المجالات التكنولوجية وغيرها من الصناعات، مما شكل تهديدًا وتنافساً استراتيجياً حقيقياً على قيادة العالم...
فالصين التي تسعى للاستيلاء ولو بالقوة لإعادة تايوان، والتي تعتبرها جزءًا أصيلاً من الأراضي الصينية، والتي يجب استرجاعها إلى الأم الصين. بينما في الجهة المقابلة تُعتبر تايوان حليفاً مهماً للأمريكان، ومنطقة استراتيجية تستطيع الولايات المتحدة أن تشكل تهديدًا من خلالها في المواجهة مع الصين، فحالة التوتر القائمة المتصاعدة نتيجة لمحاولات إعادة تايوان للأراضي الصينية. الذي من الممكن أن تذهب فيه الأمور إلى أبعد من التوتر، باندلاع حرب طاحنة بين القطبين المتنافسين على قيادة العالم.
بالإضافة الى الحرب المفصلية الروسية الأوكرانية، حيث إن الولايات المتحدة قد خسرت حربها الاقتصادية بحصارها لروسيا عبر دول الناتو، والتي جاءت نتائجها عكسية وسلبية، وشكلت أزمات وتضخمات اقتصادية، أفقدت الولايات المتحدة قدرتها على الحل وإيجاد المخرج لهذه الأزمات، نتيجة الفشل المركب الذي جنته إدارة بايدن بفعل السياسة الفاشلة في مواجهة وإدارة ملفات الصراع، إضافة إلى عدم قدرتها على حل الملف النووي الإيراني، والذى زاد من فشلها كدولة تهيمن وتتحكم وتدير العالم، مما دفع بها نحو تبريد ساحة وإقليم الشرق الاوسط، واستخدام السياسة الناعمة لتتفرغ لباقي الجبهات الأكثر سخونة وأهمية كجبهتي الصين وروسيا.