حذَّر عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي خالد البطش من تداعيات زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الأخيرة للمنطقة العربية، وحشده عددًا من الأنظمة العربية والخليجية، من أجل "ضمان أمن (إسرائيل) وإدماجها في المنطقة".
وعدَّ البطش في حوار مع صحيفة "فلسطين"، أمس، الزيارة "من أخطر الزيارات التي نتج عنها أيضًا ترسيم وتشريع بايدن بلغة ناعمة لإجراءات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب" التي منحت "القدس عاصمة لدولة الاحتلال".
وقال: وعليه جاءت زيارة بايدن لإعلان وثيقة مزورة باسم القدس، وذلك في إشارة لإعلان" بايدن-لبيد" المُوقّع بين الأول ورئيس وزراء الاحتلال يائير لبيد؛ لإظهار وجود مساعٍ أمريكية تتحدث عن "حل الدولتين والتنسيق الأمني، لكن كل هذه القضايا والتفاصيل الهدف منها تثبيت القدس عاصمة للاحتلال".
ووصف لقاء "عباس – بايدن" بـ "لقاء الترضية الذي من خلاله سعى بايدن لأخذ شرعية أكثر لقمّة جدة التي عُقدت في المدينة السعودية، وأما اللقاء فبحد ذاته لا يوجد فيه شيء جدي".
سلطة عاجزة
وأضاف: "الأمريكان لم يأتوا للمنطقة من أجل البحث عن حلّ القضية الفلسطينية وإعادة الحقوق للشعب الفلسطيني أو لإلغاء قرارات ترامب".
واستدرك البطش: كان الأفضل للرئيس عباس ألا يلتقي ببايدن، أو أن يعتذر عن اللقاء بطريقة أو بأخرى، أو أن يشترط مُسبقًا أن يكون اللقاء على قاعدة الاعتراف بحقّ الشعب الفلسطيني.
وأكد أنّ السلطة عاجزة وغير قادرة على تبنّي الموقف الشعبي بما يُعبّر عن آمال وطموحات شعبنا "وحشرت نفسها ببعض الجمل المكررة التي ذكرت بخطاب عباس".
وكان عباس، قال خلال لقائه بالرئيس الأمريكي في مدينة بيت لحم، الجمعة الماضية، "أمدُّ يدي إلى (إسرائيل) لتحقيق سلام الشجعان، وهذا ما واصلنا فعله منذ اتفاق أوسلو".
وتابع البطش "بايدن جاء ليُعلن أنه لا حلّ للقضية الفلسطينية وأنه يجب على المنطقة العربية أن تقبل (إسرائيل) قطرًا طبيعيًّا"، لافتًا إلى أنّ اللقاء "جرَّ خسارة للقضية الفلسطينية مجددًا ولم يستفد منه عباس".
واستطرد: اللقاء بين عباس – بايدن أثبت أنّ العلاقات مع الإدارة الأمريكية "غير متوازنة ولا تهدف لاستعادة الحقّ الفلسطيني".
وفيما يتعلق باستمرار السلطة في المراهنة على الإدارات الأمريكية أوضح القيادي في حركة الجهاد أنّ السلطة فقدت "كل أوراق القوة بيدها، وبالتالي تتعلق بأيّ أمل له علاقة بالعودة للمفاوضات والعودة لمنظومة التفاوض".
وتساءل: "ماذا يعني أن يُقدّم بايدن بعض الدعم لمؤسسات المجتمع المدني وهي لا تمرّ عبر السلطة؟ وماذا يعني أن يُقدّم بايدن بعض الدعم لوكالة أونروا؟ هذه جائزة ترضية لا أكثر!".
كما تساءل: "هل الشعب الفلسطيني سيستعيد حقوقه عبر خدمة إنترنت 4G، التي ستعود بالنفع على الأمريكي نفسه صاحب مشروع الاتصالات، بل حتى الشركات المستفيدة هدفها الربح وليس بناء الدولة".
ونبّه إلى أنّ "بايدن" لم يقدم للسلطة شيئًا بل استنفد كل ما لديها من أجل حماية دولة الاحتلال.
وبشأن تصاعد الاعتقالات السياسية في الضفة، ذكر أنّ هذه الاعتقالات لها علاقة بالتفاهمات مع وزير جيش الاحتلال الإسرائيلي بيني غانتس، والتزام الإدارة الأمريكية بدعم أجهزة السلطة سواء الدعم المادي أو اللوجستي من أجل القيام بمهامها في قمع المقاومة والحفاظ على أمن المستوطنين.
وتطرّق البطش إلى الخيارات الفلسطينية للخروج من حالة المراهنة على "أوسلو"، قائلًا: إنّ "الرهان على المفاوضات أوصلنا لما نحن عليه الآن من ضياع الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني وأنّ عملية التسوية السياسية أوصلتنا إلى حائط مسدود"، مؤكدًا أنّ الطريق لاستعادة الحقوق تمر عبر الوحدة الوطنية.
ودعا رئيس السلطة إلى العودة لخيار الوحدة ودعم الحاضنة الشعبية التي من خلالها يمكن تعزيز مواقع الاشتباك مع الاحتلال وكسب دعم الأمة لخيارات شعبنا بالمقاومة والعودة والتحرير و"دون ذلك فإنّ السلطة تقدم غطاء للعرب حتى يستمروا في التفاوض والتطبيع".
القضية وأسوأ مراحلها
ونبّه إلى أنّ عودة السلطة لمربع العمل مع الفصائل الوطنية والإسلامية من أجل مقاومة الاحتلال والتمسك بالعودة والتحرير، "سيرفع الغطاء عن كلّ محاولات التطبيع العربية مع الاحتلال".
وأكد أنّ القضية الفلسطينية تمرُّ بأسوأ مراحلها في ظلّ الانقسام الداخلي، واستمرار السلطة بالذهاب لعملية التسوية لأبعد مدى دون الالتفات للأضرار الكبيرة الناجمة عنها.
وأكمل: "السلطة بعلاقتها مع الاحتلال تعطي مظلة لكل هذه الإجراءات العربية".
وأشار لوجود حالة من الانهيار العربي الرسمي والتماهي مع الاحتلال على حساب القضية الفلسطينية، مشددًا على أنّ الأمل معقود على فصائل المقاومة في فلسطين ثم "محور المقاومة وحلف القدس الذي تُشكّله فصائل المقاومة في غزة ولبنان والعراق واليمن وسوريا".
وزاد في حديثه: "هذا الحلف الذي نراهن عليه أن يقوى وتتقاطع بنادقه في مواجهة مشروع الاحتلال".
وعن قمة جدة التي شاركت بها عدة دول عربية بحضور الرئيس الأمريكي، أكد أنّ القمة جاءت من أجل تكريس المطلب الأمريكي بتوفير مصادر الطاقة لأمريكا وأوروبا، وإدماج الاحتلال في المنطقة العربية وإنشاء منظومة دفاع جوي مشترك، مُنبّهًا إلى أنّ "مخرجات القمة كلها في صالح الاحتلال الرابح والمستفيد الوحيد من زيارة بايدن".
وذكر أنّ محاولات خلق "عدو" بديل عن الاحتلال أمر مطروح منذ زمن طويل، لكنها لم تنجح لأنّ الشعوب العربية والإسلامية غير مقتنعة أنّ هناك عدوًّا مركزيًّا للأمة غير الاحتلال.
في المقابل رحّب القيادي في الجهاد الإسلامي بعقد ملتقى "طلائع شباب العالم الإسلامي" الذي أُقيم في إسطنبول قبل أيام، وحضره 250 قائدًا وناشطًا شبابيًّا من 40 دولة عربية وإسلامية.
وأكد أنّ أي ملتقى لمكونات الأمة الشبابية يجب أن يحمل في طيّاته مشروع استعادة وحدة الأمة ومنع تشظّيها ووقف الانحراف الفكري والأخلاقي والقيَمي والعروبي تجاه القضية الفلسطينية.