يُشكل التفاعل على صفحة المنسق الإسرائيلي أمرًا خطيرًا، على مستويات عدة أبرزها المستوى الأمني، والنفسي، والوطني، إذ أن إدارة صفحة المنسق تتم عبر طاقم متخصص من رجال الأمن والمخابرات؛ لدراسة سلوك الأفراد واحتياجاتهم ونقاط ضعفهم؛ لدفع بعضهم إلى وحل "العمالة" عن طريقة الابتزاز.
ويعتبر التفاعل على صفحة المنسق -وفقًا لخبير أمني- حالة طارئة، تزامنًا مع الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تدفع أبناء قطاع غزة للبحث عن العمل لمواجهة شبح البطالة والفقر المدقع، إلا أنه لم يخفِ خشيته من سقوط بعض ضعاف النفوس في وحل "العمالة"؛ لعدم توعيتهم بخطورة تعليقات الثناء والشكر للمنسق، أو من خلال تعليقات تحمل طابع "التحذلق" والتحدي والمناظرة لجهاز مخابرات الاحتلال.
الكاتب والخبير الأمني الدكتور إبراهيم حبيب قال: "الحال الذي وصل إليه بعض الشباب للتفاعل على صفحة المنسق للأسف الشديد يُشكل أمرًا خطيرًا، إذ أن الكثير من الشباب يقدمون الشكر والعرفان والاحترام للمنسق المجرم".
وأضاف لـ"شمس نيوز" يجب أن يدرك المعلقون على صفحة المنسق أن الصفحة تديرها مجموعة من مخابرات الاحتلال الإسرائيلي، لا يجوز أن نقدم لهم الثناء والشكر؛ فهؤلاء المجرمون يتأمرون على أبناء شعبنا، ويضيقون عليهم ويحاصرونهم بكل ما يملكون؛ بهدف إخضاعهم ومنعهم من الدفاع عن كرامة الإنسان الفلسطيني".
وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي يهدف من وراء تقديم ما تُسمى بـ "التسهيلات" إلى إيصالنا إلى حالة من الإيلام والإيحاء الذهني، بأنه يقدم الخدمات لأبناء شعبنا، وللأسف الشديد فقد نجح في تحقيق جزء من هذا الهدف، وذلك واضح من خلال تعليقات بعض المغيبين وضعاف النفوس.
وأوضح المختص الأمني أن مواجهة صفحة المنسق ومن يقف خلفها من جهاز مخابرات الاحتلال، يتطلب جهدًا كبيرًا من الجهات المسؤولة كافة؛ لتوعية الشباب من خطورة هذه البوابة الخطيرة التي يحاول الاحتلال الإسرائيلي من خلالها إسقاط ضعاف النفوس.
ولفت إلى أن ما يقدمه الاحتلال من "فرص عمل" داخل الأراضي المحتلة أو بعض ما تُسمى "بالتسهيلات" لا يستوجب أن نقدم لها الشكر والتقدير والاحترام لهذا المنسق المجرم، مؤكدًا أن ما يقدمه هو واجب مفروض على الاحتلال، ومتعارف في جميع المواثيق الدولية؛ كونه يتولى مسؤولية قطاع غزة من خلال حصاره المستمر منذ عام 2006م حتى الآن.
الخطر ليس على العمال فقط
ويعتقد الخبير الأمني د. حبيب أن جهاز الأمن في غزة يتابع التعليقات على صفحة المنسق بالتفصيل الدقيق، حيث يوجه بعض التحذيرات للشباب والاستدعاءات؛ بهدف التوعية قبل أن يتخذ إجراءات ضد بعض الشباب الذين يقعون فريسة للاحتلال الإسرائيلي.
وأكد أن الخطر ليس على العمال الذين يطلبون تصاريح للعمل في الأراضي المحتلة فقط؛ إنما الخطر الشديد على الشباب الصغار من خلال تعليقات تحمل طابع "التحذلق" والتحدي والمناظرة لجهاز مخابرات الاحتلال.
وأشار إلى أن محاولة تحدي صفحة المنسق أو صفحة المتحدث باسم جيش الاحتلال افيخاي ادرعي تشكل بداية السقوط، وتضع علامات الاستفهام والشبهة لبعض المعلقين، حيث تنتقل مخابرات الاحتلال لمرحلة أخرى من خلال إثارة التعليق والرد ثم الدخول على الخاص وتقديم الخدمات الاقتصادية للمعلق.
وفيما يتعلق بالأسباب يرى الخبير الأمني د. حبيب هناك عوامل نفسية واقتصادية، تدفع الأشخاص للتفاعل مع صفحة المنسق أو صفحة المتحدث باسم جيش الاحتلال؛ ما يشكل خطرًا حقيقيًا لسقوط بعض الشباب في وحل العمالة.
وأشار إلى أن المطلوب حاليًا هو تعزيز فكرة التوعية من جميع الجهات، سواء كانت "حكومية أو مدنية أو أسرية"؛ ليكون على وعي ودراية بكل ما يحيط به من مخاطر إسرائيلية؛ خشية من أن يأتي يوم يقول فيه الشخص: "يا ريت اللى جرا ما كان".