بقلم/ خالد صادق
دخلت الى بيت عزاء السفير الأمريكي في البحرين لتعزيته في وفاة والده, فوجدت السفير الإسرائيلي في البحرين حاضرا في العزاء, رفضت مصافحة السفير الإسرائيلي والتواجد في المكان الذي يتواجد فيه, بل اكثر من ذلك طالبت بالا يتم نشر صور لها في بيت العزاء حتى لا يسجل عليها احد, انها تواجدت في مكان يتواجد فيه السفير الإسرائيلي, لان هذا يعتبر وصمة عار لا تريد ان يسجل عليها هذا الموقف, اثناء جولتها الخارجية في دول البلقان والبانيا, يوم الخميس 21 تموز الجاري علمت بقرار إقالتها المفاجئة من منصبها في رئاسة هيئة البحرين للثقافة والآثار, لأنها بمواقفها الوطنية زلزلت عرش البحرين, خلال عملها في الإعلام والثقافة لأكثر من 20 سنة صنفت كشخصية رائدة في المشهد الثقافي والفني العربي, حيث تم تصنيفها عام 2005 ضمن النساء الخمسين الأكثر تأثيراً في العالم العربي من قبل مجلة فوربس, انها الشيخة مي بنت محمد ال خليفة, التي اقيلت من منصبها بسبب رفضها لتطبيع بلادها مع الاحتلال الصهيوني ورفضها مصافحة السفير الصهيوني, رغم ان الشيخة مي تعبر بموقفها الرافض للتطبيع عن موقف اكثر من 70% من الشعب البحريني, حيث اظهر استطلاع للرأي نظمه "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" ان 71% من البحرينيين يرفضون التطبيع مع الاحتلال, وأن 76% من الشعب الإمارات يرفضون التطبيع، وفي السعودية عارض التطبيع مع الاحتلال 75%, وهذا حسب المؤسسة الامريكية, فالشيخة مي تعبر عن موقف الشعب البحريني وتتبناه, لكن الفئة الباغية في البحرين ترفض ذلك وتصر على ان تخالف إرادة الشعب البحريني, وتمضي بعار التطبيع الى ما لا نهاية.
معالي الشيخة مي بنت محمد ال خليفة التي زلزلت عرش المملكة, معروفة بمواقفها الوطنية واقترابها من القضية الفلسطينية, حيث رفضت كل الجرائم التي يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين, وجرمت التطبيع معه, واعتبرته بمثابة تأييد لقتل الفلسطينيين الابرياء وازهاق ارواحهم, وان التطبيع يمثل اختراق للامة وعبث في تاريخها وثقافتها وتراثها واقتصادها, ولان الاحتلال الصهيوني كان يعلم تلك المواقف الوطنية للوزيرة البحرينية, فقد حاول ان يشتري موقفها من خلال دعم ترشح الوزيرة مي لمنصب الأمين العام لمنظمة السياحة العالمية عام 2021 م, رغم أنها رفضت لقاء أي من المسؤولين الصهاينة الذين زاروا البحرين منذ بدء خطوات التطبيع, لكن حيلهم الخبيثة لم تنطل عليها, فقد رفضت لقاء أي منهم, كما رفضت ابداء أي موقف مؤيد للتطبيع مع الاحتلال, وعندما حاول البعض اثبات الوجود التاريخي لليهود في البحرين, رفضت الوزيرة هذا الامر, وقالت ان عددهم لم يتجاوز الأربعين يهوديا, وقد أتوا من العراق خلال الحرب العالمية الثانية, وان الطائفة اليهودية في المنامة وعلى طول السنين بقيت منعزلة ولم تندمج في المجتمع البحريني, لذلك وفي اعقاب توقيع اتفاقيات التطبيع بين البحرين و"إسرائيل" رفضت الشيخة مي تماما السماح لمستثمرين يهود من أميركا بتهويد أحياء قديمة في العاصمة البحرينية, حيث اعتاد اليهود ان يخترقوا العواصم العربية للبحث عن تراثهم فيها, تمهيدا لضمها ضمن حدود "إسرائيل" الكبرى, حتى البقيع في المدينة المنورة والتي تضم قبور الصحابة الكرام رضوان الله عليهم اجمعين اقر الشيخ محمد العيسى خطيب حجاج بيت الله الحرام يوم عرفة بأحقية اليهود بها فما بالكم بالمنامة.
اقالة الوزيرة البحرينية من منصبها اغضب الشعب البحريني, وحرك المياه الراكدة ليثير تساؤلات عديدة في الشارع البحريني, عن موقف القيادة البحرينية من "إسرائيل" ولماذا كل هذا الإصرار على التحدي لإرادة البحرينيين ومواقفهم الرافضة للتطبيع؟ , ولماذا يحارب ويلاحق كل من يعارض التطبيع مع الكيان الصهيوني؟, واي مصلحة ستتحقق للبحرين من وراء هذا التطبيع؟, "فإسرائيل" تستغل التطبيع مع البحرين لتحويل المملكة الى قاعدة عسكرية إسرائيلية, "فإسرائيل" كشفت عن نشرها لمنظومة رادارات في عدة دول بالشرق الأوسط من بينها البحرين والامارات, لأنها تريد ان تواجه ايران عسكريا من مواقع متقدمة قريبة من ايران, فهل لهذه الدرجة وصلت حالة الخنوع والاستسلام الرسمي العربي للاحتلال الصهيوني, ان الحالة المزرية التي وصل اليها الرسميون العرب في مواقفهم المتحالفة مع "إسرائيل" وفي مواقفهم المنكرة للحقوق الفلسطينية, حتى تلك الحقوق التي اقرها المجتمع الدولي, تدل على اتساع الفجوة بين الزعماء العرب والشعوب الرافضة للاحتلال, والملتفة حول القضية الفلسطينية كقضية مركزية للامة العربية والإسلامية, فمهما حاولتم ومهما فعلتم للتسويق "لإسرائيل" وفك عزلتها فلن تفلحوا في ذلك ابدا, لان "إسرائيل" منبوذة بجرائمها البشعة في فلسطين, وفي لبنان, وفي سوريا ومصر بمجزرة بحر البقر واعدام الجنود المصريين, ومؤخرا تم الكشف عن مقبرة جماعية في القدس المحتلة لجنود مصريين قتلهم جيش الصهيوني, وطالبت بهم القيادة المصرية, لذلك لا يمكن قبول "إسرائيل" المجرمة, ولا يمكن التعايش معها, وستبقى الشعوب العربية والإسلامية ترفض التطبيع معها وتنبذه.