شمس نيوز/ عبدالله مغاري
لم يكن ينظر بعين الاعتبار يوما, ما إذا كانت شريكة العمر المستقبلية تجلس في قوائم الموظفين, فالدين والجمال والحسب والنسب, أولى المواصفات التي كان يبحث عنها الشاب الذي ينوي اعتزال العزوبية, لتختلف هذه النظرة اليوم, ليس لتغير في العادات أو التقاليد التي كانت تحكم هذا الأمر نوعا ما، بل بسبب ظروف اقتصادية صعبة جعلت من بناء عش الزوجية أمرا مكلفا للغاية.
في ظاهرة جديدة تبدو أكثر وضوحا بغزة, مع تزايد نسبة البطالة وارتفاع نسبة العنوسة, يتجه الكثير من الشبان المقبلين على الزواج نحو البحث عن الفتاة الموظفة, بهدف أن تساعد في الحياة وتخفف من أعبائها كما يرى الكثير من الشبان الذين يحملون ذلك التوجه .
أعباء الحياة
الشاب "عيد عبدالهادي" الذي يعمل في أحد مصانع غزة , يؤكد على أن أعباء الحياة الكبيرة ,هي الدافع الأول الذي جعله يبحث عن فتاة موظفة للزواج منها, مشيرا إلى أنه مستعد للتنازل عن بعض الصفات التي كان يتمناها في عروسته المستقبلية ,مقابل تأمين حياة كريمة.
ليقول "عبدالهادي" لمراسل "شمس نيوز" :أنا عملي متقطع وأعباء الحياة كبيرة ,وفي النهاية أريد الزواج وأريد الستر لنفسي وأبحث عن موظفة، لأنه بالفعل لا يمكن لي أن أعيل أسرة لوحدي، خاصة وأن مرتبي ضئيل".
ويضيف: لا يوجد لدي أي مشكلة إذا كانت العروس أكبر مني سنا, ولا اعتبر ذلك عيبا، وأنا مستعد أن أتنازل عن بعض الأشياء المسموح بها مقابل أن أعيش براحة بال".
ويشير "عبدالهادي " إلى أنه يجد صعوبة كبيرة في البحث عن فتاة موظفة ليتزوج منها, عازيا ذلك إلى قلة أعداد الموظفات في القطاع العام والخاص بسبب ارتفاع نسبة البطالة وقلة فرص العمل وإلى أن معظم الموظفات قد تزوجن لأن الشباب يقتنصونهن، على حسب قوله.
معلقة بالوظيفة
الشابة "عناية حسين" والتي تعمل تحت بند التطوع في إحدى المؤسسات الخاصة, تعبر عن حالة الإحباط التي تعيشها اليوم ,بعد أن تعرضت لأحد المواقف التي جعلتها تصل إلى قناعة بأن الوظيفة هي التي ستنقذها من وحل العنوسة , لتقول لـ"شمس نيوز" : في أحد الأيام جاءت إلى منزلنا امرأة لطلبي لابنها وتم الاتفاق ما بيننا بشكل مبدئي, وجاء العريس ليراني وكانت الأمور في اتجاهها الصحيح, ولكن سرعان ما انقطع التواصل ولم ترجع المرأة بالرد النهائي وبدأت أتساءل لماذا لم يرجعوا؟.
وتضيف: بعد فترة تبين أن المرأة كانت تعتقد بأنني موظفة في المؤسسة التي كنت أتطوع بها وأنها تريد لأبنها موظفة".
وتردف بالقول: أي فتاة تتمنى الزواج وتحب الاستقرار والسكينة، ولكن المؤلم أن ترتبط أمنيتك بالوظيفة وبالوضع الاقتصادي".
وتشير عناية حسين إلى عدم لومها للشباب لبحثهم عن الموظفات فقط, معتبرةً أن الملام الأول والذي يتحمل مسئولية المشاكل الاجتماعية هم المسئولون, لتضيف: في النهاية الشباب أوضاعهم صعبة، وليس خطأ أن يبحث الشاب عن راحته ويؤمّن مستقبله, العيب في المسئولين الذين أوصلونا لهذا الوضع". بحسب تعبيرها.
أرهقني الاختيار
قضية الزواج من الموظفات لم تكن أمرا سهلا لدى الشاب "إيهاب أحمد" الذي تزوج قبل ثلاثة سنوات من إحدى المعلمات العاملات في حكومة غزة , ظنا منه أن الزواج من الموظفة سيصل به إلى أعلى درجات الرفاهية والاستقرار.
ويروي الشاب "أحمد" تجربته مع شريكة العمر قائلا: بصراحة أنا صممت على الزواج من موظفة، وفعلت، ولكن الذي لم أكن أعرفه أن الزواج من الموظفة أمر متعب وشاق، لأن الموظفة لا تكون لبيتها ولا تعطي الزوج حقه لأنها مشغولة في العمل دائما".
ويضيف: الذي يريد أن يتزوج موظفة عليه أن يكون على علم بأن الوظيفة ستكون على حساب أشياء أخرى منها الراحة والاستقرار والسعادة أحيانا، لأن المال ليس كل شيء , مناخ البيت لن يكون مناسبا".
لم تأت الرياح كما كان يشتهي الشاب "أحمد" بعد أن كان يخطط لسداد بعض ديونه من راتب زوجته الموظفة في حكومة غزة، والتي يعاني موظفوها من انقطاع للراتب بفعل الأوضاع والخلافات السياسية الداخلية".
لا بأس ولكن بضوابط
الشيخ الداعية "أيمن حماد" يوضح أن الشريعة الإسلامية لا تمنع أن يبحث الشاب عن الزواج من فتاة موظفة ولها دخل مالي بشرط؛ أن لا يكون الإنسان يبحث عن المرأة التي تقوم بإعالته ماديا، داعيا الشباب الذين يبحثون عن الموظفات لعدم تناسي ضرورة أن تكون متوافقة صفاتها مع ما حثت عليه الشريعة الإسلامية.
وقال "حماد" في حديثه لمراسل "شمس نيوز": لا حرج شرعا بأن يبحث الإنسان عن من لديها دخل مادي، فالنبي صلى الله عليه وسلم وضع من ضمن الصفات التي رغب عليها الشباب عند الزواج أن تكون ذات مال، ولكن بشرط أن لا يكون ذلك بغرض المال فقط".
وأضاف: البحث عن الموظفة مباح ولكن أن يبحث عنها للمسألة المادية فقط فهو يخالف هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولن يسعد في حياته الزوجية".
ويشير "حماد "إلى أن كثيرا من الشبان الذين تزوجوا من الفتيات لأغراض مادية لجئوا إلى المحاكم لحل خلافات مادية، مشيراً إلى أن كثيرا من الأسر تشتت وتفرقت بسبب بحث الشباب عن المال وتجاهل البحث عن المرأة الصالحة التي تربي الأبناء وتصون بيتها.
ودعا الشيخ الداعية "حماد" الشباب الذين يبحثون عن الفتيات ذوات المال أن لا ينسوا أن النبي "صلى الله عليه وسلم" حبب وسن أن تكون ذات المال تنعم بصفة ذات الدين في نفس الوقت.
جدير بالذكر أن الإحصائيات في قطاع غزة تظهر ارتفاع نسبة عنوسة الفتيات، إلى جانب زيادة عزوف الشبان عن الزواج بسبب الفقر والبطالة وعدم توفر تكاليف متطلبات الزواج لدى كثير من الشباب.