مغمضة عينيها كالملاك، وعلى شفتيها ابتسامة رقيقة، وجسدها الصغير ملفوفٌ بالكفن وعلم فلسطين، وحولها كثير من الناس يبكون، والدموع تتطاير من عيونهم، أحدهم يقول باستهزاء: "هذه الطفلة ذات الـ 5 أعوام كانت تطلق الصواريخ على إسرائيل".
هذه الملاك هي الطفلة آلاء عبدالله قدوم (5 أعوام) والتي استشهدت اليوم الجمعة الموافق 5 أغسطس 2022 بعد استهدافها بصاروخ إسرائيلي مع والدها قرب منزلها في حي الشجاعية شرق قطاع غزة.
عقارب الساعة كانت تُشير إلى الرابعة عصراً قبل عملية الاغتيال بعشر دقائق تقريبًا، ارتدت الطفلة آلاء أجمل ملابسها، وتركت ابتسامة عريضة لعائلتها كأنها "ضحكة الوداع"، ولحقت بوالدها الذي كان يستعد للذهاب إلى حفل إشهار أحد أصدقائه.
توقف والدها أمام مسجد "أبو سمرة" القريب من البيت، وفجأة ودون سابق إنذار، أطلقت طائرات الاحتلال الإسرائيلي صاروخًا واحدًا على الأقل صوب الطفلة ووالدها، فصعدت روحها الطاهرة إلى السماء، أما والدها ما زال يعاني من جراح خطيرة جدًا.
ففي مستشفى الشفاء بغزة هرع الآلاف من المواطنين وأبناء عائلة قدوم للاطمئنان على الطفلة آلاء ووالدها المصاب، وتفاجأ الجميع باستشهاد آلاء؛ لتعم حالة من الحزن والألم والبكاء الشديد.
أحد الرجال لم يستطع أن يتمالك نفسه من المشهد الأليم، فالطفلة كانت مسجاة أمامه بدمائها الزكية، وكان وجهها كالقمر المضيء، كان يردد كلمات لا يفهمها إلا من عاش هذا الفراق، ودموعه كاللهب كانت تتطاير من وجنتيه، لتعبر عن مدى الألم الذي أحرق قلبه.
فجأة وقف الرجل يصرخ أمام عدسات الكاميرات متسائلًا:" هل يعقل أن هذه الطفلة كانت تلقي الصواريخ والقذائف على المستوطنات المحاذية لقطاع غزة؟، هل هذه الطفلة قتلت المستوطنين؟ هل هذه الطفلة تستطيع حمل السلاح؟".
لم يتوقف الرجل من ترديد الكلمات المؤلمة، لكن شريط ذكرياته فجأة سار أمام عينيه ليقول: "كانت الطفلة آلاء تستعد مع عائلتها لشراء ما تحتاجه من ملابس وكراسات وحقيبة؛ لتذهب إلى الروضة كغيرها من أطفال العالم، إلا أن براءة الطفلة آلاء لم تشفع لها أمام آلة القتل والإرهاب الإسرائيلية الحاقدة.
يُشار إلى أن وزارة الصحة في غزة أعلنت الساعة الحادية عشرة مساءً من يوم الجمعة 5 أغسطس 2022 استشهاد 10 مواطنين بينهم الطفلة آلاء عبدالله قدوم (5 أعوام) وقائد "سرايا القدس" في المنطقة الشمالية لقطاع غزة تيسير الجعبري؛ وذلك بشن سلسلة غارات استهدفت مناطق عدة في قطاع غزة.