كتب: محمد الفارس
منذ معركة سيف القدس يمكن القول: وداعا للمعارك ذات الأهداف التكتيكية، حتى المعارك التي تأتي رداً على العدوان هي تحولت إلى معارك ذات أهداف استراتيجية، فلا يقلُّ هدف معركة سيف القدس استراتيجيةً عن هدف معركة وحدة الساحات، فما فتئت فصائل المقاومة جهداً لتحقيق هذا الهدف (أي وحدة ساحات الاشتباك)، كونه هدف وطني واخلاقي وانساني وايضا هدف ذو بعد استراتيجي، وما فتئ العدو من محاولاته لحرف البوصلة وإغراق الفلسطيني بأهداف ذات بعد تكتيكي تارة وذات نزعة معيشية واقتصادية تارة أخرى، إلاّ أن المقاومة باتت وبعد معركة سيف القدس أكثر إنتباها لمكائد العدو وأكثر وعيا وإدراكا لمخططاته.
إن العقول التي تقود معركة وحدة الساحات الآن هي عقول مدركة لأهمية توحيد مناطق الاشتباك وعيونها ترنو نحو الضفة والداخل المحتل أملاً في تجميع القوة والإمكانيات لمواجهة العدو وضربه بقوس واحدة.
إن نتائج المعارك ذات الأهداف الاستراتيجية لا تظهر خلال المعركة أو بعدها مباشرة، ولكنها تأخذ وقت لاستثمار ما جرى على مستوى الوعي والتلاحم والاتصال والإعداد، تماما كما حدث بعد معركة سيف القدس الذي تبعها تشكيل كتائب عسكرية مسلحة وعمليات في الداخل المحتل، فإن معركة وحدة الساحات تؤسس لمزيد من القوة في الضفة ولمزيد من ردع العدو في غزة، ولربما بات قريبا أن نشهد بعد تلك المعركة بوقت قريب أو بعيد تفعيل درة تاج العمليات الفدائية وعودة العمليات الاستشهادية إلى صدارة المشهد من جديد، لذلك وبعد كل معركة تحمل هدف استراتيجي وعنوان وطني سنشهد تراجعا في أداء المشروع الصهيوني وفي المقابل تقدما لأداء المقاومة، وكل ذلك يؤسس لتآكل قدرة العدو على الفعل ويقربنا أكثر من تحرير فلسطين، فالمشروع الصهيوني يعاني الآن من سلسلة مشكلات تهدد وجوده وهو محاط بكتلة صلبة من المقاتلين الذين يرغبون في استئصاله.