علمت "القدس العربي" من مصادر مطلعة أن وفدا أمنيا مصريا كبيرا سيصل إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي الأسبوع القادم، من أجل العمل على تنفيذ البنود التي وردت في قرار وقف إطلاق النار، بين حركة الجهاد الإسلامي والاحتلال الإسرائيلي، وأهمها إطلاق سراح الأسير خليل عواودة، وبحث ملف الأسير بسام السعدي، وذلك بعد أن ألمح وزير حرب الاحتلال إلى إمكانية إطلاق سراح هذين الأسيرين، رغم زعمه عدم المعرفة بوجود نص في اتفاق وقف إطلاق النار يؤكد على ذلك.
الترتيبات المصرية الجديدة
وحسب المصادر المطلعة، فإن الجانب المصري أبلغ الأطراف الفلسطينية المعنية بملف التهدئة، بأن وفدا كبيرا من حيث التمثيل والعدد، سيصل دولة الاحتلال الإسرائيلي الأسبوع القادم، ويضم شخصيات كبيرة في جهاز المخابرات المصرية، وسيتكفل في بحث تطبيق بنود وقف إطلاق النار، على أن ينجز هذا الأمر في أسرع وقت.
وستنصب جهود الوفد المصري الرفيع، الذي قد يترأسه مدير الجهاز اللواء عباس كامل، في بداية الأمر، على الإشراف على عملية إنهاء اعتقال الأسير خليل عواودة، الذي ورد اسمه في نص الاتفاق، بأن يعمل الجانب المصري على إطلاق سراحه بعد نقله للعلاج في مستشفى مدني متخصص، بدلا من مكوثه في وضعه الصحي الخطير في "عيادة سجن الرملة" التي تفتقر لكل المقومات الطبية.
ويترقب أيضا أن يصل جزء من الوفد المصري، بعد إجراء اللقاءات في "تل أبيب" مع مسؤولين "إسرائيليين"، إلى قطاع غزة للقاء قادة حماس والجهاد الإسلامي، لوضعهم في صورة التطورات على الأرض.
يشار إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار، الذي أبرم ليل الأحد الماضي، بعد ثلاثة أيام من التصعيد العسكري، اشتمل على أن تعمل مصر من أجل إطلاق سراح الأسير المضرب عن الطعام خليل عواودة، بعد نقله إلى مشفى مدني للاحتلال، بسبب تردي وضعه الصحي، على أن تتحرك مصر أيضا من أجل الإفراج عن القيادي في الجهاد الإسلامي بسام السعدي في أقرب وقت ممكن.
وتنتظر حركة الجهاد الإسلامي بأن يتم انتهاء ملف الأسير عواودة الأسبوع القادم، خلال تواجد الوفد الأمني المصري الكبير في "تل أبيب"، ويتردد أن الحركة تلقت، بعد استفساراتها من الجانب المصري عن سبل تطبيق تفاهمات وقف إطلاق النار خلال اليومين الماضيين، اللذين عم فيهما الهدوء، وعودا مصرية بإطلاق سراح عواودة بشكل عاجل، وأن الأمر متروك حاليا لكيفية الوصول إلى الآلية التي يتم فيها الإفراج عنه.
وتطمئن قيادة حركة الجهاد الإسلامي السياسية إلى الوعود المصرية في هذا الشأن، بناء على تدخلات سابقة قادتها القاهرة في ملف الوساطة، انتهت بإطلاق سراح أسرى مضربين عن الطعام.
وحسب الترتيبات فإن الوفد الكبير سيتابع تنفيذ شروط اتفاق وقف إطلاق النار، ونقل الأسير عواودة إلى مستشفى مدني عام لتلقي العلاج فيه، تمهيدًا لإعلان فك إضرابه هناك عن الطعام، على أن يجري نقله بعد العلاج إلى منزله في مدينة الخليل.
وكان الأمين العام لحركة الجهاد زياد النخالة قال إن اتفاق وقف إطلاق النار يشمل ضمانات مصرية بالإفراج عن الأسيرين عواودة والسعدي، لافتا إلى أن حركته تلقت تعهدا مصريا بتنفيذ هذه النقاط بصورة شمولية.
يشار إلى أن نادي الأسير الفلسطيني أعلن أن سلطات الاحتلال قرّرت تحويل الأسير خليل عواودة (40 عامًا)، والذي يواصل إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم الـ 150، رفضا لاعتقاله الإداري المستمر؛ للفحص الطبيّ، وذلك وسط ظروف صحية خطيرة يعاني منها.
ونقل نادي الأسير، عن زوجة الأسير خليل عواودة، القول، إن "محكمة الاحتلال في سجن عوفر قررت تحويله للفحص الطبي، ولم يكن هناك قرار بشأن الاستئناف"، لافتة إلى أن جلسة محاكمة ستعقد له يوم الخميس.
جدير ذكره أن عواودة، استأنف إضرابه عن الطعام يوم الثاني من يوليو الماضي، بعد أن علّقه لعدة أيام، بعد إضراب دام لـ 111 يوما، استنادًا إلى وعود بالإفراج عنه، إلا أن سلطات الاحتلال نكثت بوعدها، وأصدرت بحقه أمر اعتقال إداري جديد لمدة أربعة شهور.
وهذا الأسير معتقل منذ 27 ديسمبر، وأصدر الاحتلال بحقه أمر اعتقال إداري مدته ستة شهور، وتم تجديد أمر اعتقاله للمرة الثانية لمدة أربعة شهور.
حسب هيئة شؤون الأسرى والمحررين، فإن عواودة يعاني من أوجاع حادة في المفاصل، وآلام في الرأس، ودُوار قوي، وعدم وضوح في الرؤية، ولا يستطيع المشي، ويتنقل على كرسي متحرك، وتتعمد إدارة سجون الاحتلال نقله بشكل متكرر إلى المستشفيات المدنية، بدعوى إجراء فحوصات طبية له، لكن في كل مرة تتم إعادته دون إجرائها، بذريعة أنه لم يصل إلى مرحلة الخطورة.
غانتس يلمح للتنفيذ
وفي هذا السياق، كان وزير الجيش الاحتلال بيني غانتس زعم أن حكومته لم تقدم أية تعهدات بالإفراج عن الأسيرين بسام السعدي وخليل عواودة، في إطار تفاهمات وقف إطلاق النار، التي أبرمت برعاية مصرية مع حركة الجهاد الإسلامي.
وقد رفض غانتس، في مقابلة مع "القناة 12" العبرية، الكشف عما تعتزم سلطات الاحتلال القيام به بخصوص ملف الأسير المضرب عن الطعام منذ 150 يوما، خليل عواودة، والقيادي في الجهاد الإسلامي بسام السعدي، الذي فجر اعتقاله الأسبوع الماضي على أيدي قوات الاحتلال في مخيم جنين بداية التوتر، بعد المشاهد التي ظهر فيها وهو يسحل من قبل جنود الاحتلال، حتى أن قادة الجهاد ظنوا أنه قتل خلال اعتقاله في بادئ الأمر، قبل أن تقدم إسرائيل دليلا على بقائه على قيد الحياة.
لكن غانتس، رغم ذلك، لم ينف إمكانية إطلاق سراحه، وقال إن حكومة تل أبيب ستواصل المناقشات مع الجانب المصري بهذا الشأن، وأضاف "الحوار متواصل مع الجانب المصري، والمصريون قالوا إنهم يريدون التحرك لفحص إمكانية حل هذا الملف"، لافتا إلى أن قرار اعتقال السعدي كان صائبا.
وأضاف "سيكون هناك حوار حول هذه الأمور (..) لا أريد التعهد من أجل التعهد بأنه لن يتم إطلاق سراحهما، نحن لا نبقي الناس في السجن لمجرد ذلك".
وتحدث غانتس من جديد عن مبدأ الهدوء يقابله هدوء، وقال وهو يشير إلى قادم الأيام ما دام سيستمر الهدوء في الجنوب، سنسمح بالعمل "يقصد خروج عمال غزة للعمل في الأراضي المحتلة" والرفاه الاقتصادي الأساسي لسكان غزة.
وتابع: "هذا شيء يمكن أن يحدث، وأعددنا خططا لإمكانية انضمام حماس إلى المعركة، ونحن على استعداد دائم لأن تتطور المعارك لمواجهات واسعة النطاق".
وهدد غانتس القطاع في حال جرى خرق حالة التهدئة القائمة، وقال إن الاحتلال سيقوم بـ "رد قوي"، كما حذر غانتس الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة قائلا: "لا يملك بوليصة تأمين على حياته حيثما كان"، وأضاف "يجب على جميع رؤساء التنظيمات أن يعيشوا في قلق".
وأشار إلى أن التنسيق بينه وبين رئيس حكومة الاحتلال يائير لبيد كان جيدا جدا، لافتا إلى أن لبيد منح أجهزة الأمن الحرية التامة في التصرف حسب الاعتبارات الأمنية.
وزعم وزير حرب الاحتلال الإسرائيلي أن بلاده حققت كل الأهداف التي حددتها في التصعيد الأخير ضد غزة، وقال إن جيشه حافظ على حرية عمله في الضفة الغربية وفي قطاع غزة، وإسرائيل نجحت في أخذ زمام المبادرة وتعزيز الردع في مواجهة حركة حماس وفصائل المقاومة في غزة، واعتبر أن حركة حماس التي لم تشارك في الجولة التصعيدية الأخيرة في قطاع غزة في مرمى النيران الاحتلال.
وعبّر عن أمله في إمكانية التوصل إلى عقد صفقة تبادل أسرى، يعود بموجبها الجنود الموجودون في قبضة حركة حماس بغزة، وقال إن قضية عودة الجنود تعد قضية حاسمة، ويجب أن تكون جزءًا من الحل ضمن رؤية طويلة المدى.