منذ ثلاثة أيام والحاجة "أم عماد" تُشعل الأغاني الوطنية والثورية في المنزل، يُحيط بها الأبناء والنساء والأحفاد، فالفرحة تدغدغ مشاعرهم، والشوق إلى احتضان فراس يزداد توهجًا؛ لكن الأم كانت تُمسك دمعة الفرح وتقول: "يا رب تنال الحرية يا فراس وأزوجك وأربي أبناءك".
دخلت الفرحة منزل عائلة الأسير فراس صوافطة بعد انتهاء مدة محكوميته في سجون الاحتلال الإسرائيلي التي بلغت 18 عامًا، بتهمة الانتماء إلى حركة الجهاد الإسلامي والتخطيط لأعمال مقاومة ضد جيش الاحتلال وذلك عام 2004 في انتفاضة الأقصى.
لكن الفرحة التي ملأت منزل الأسير فراس استعدادًا لاستقبال نجلهم تأجلت إلى يوم غير معلوم، لتعم حالة من الغضب والتوتر بين أبناء العائلة، خشية من إصدار محكمة الاحتلال الإسرائيلي قرارًا باعتقاله ضمن ملف "الاعتقال الإداري" لا سيما بعد توصية من (الشاباك) للإبقاء عليه في السجن وعدم الافراج عنه.
جلست "أم عماد" على الأرض ووضعت يدها على خدها، معبرة عن الحسرة والألم؛ لاستمرار اعتقال نجلها فراس، في تلك اللحظة استعادت الأم تفاصيل اعتقال نجلها لترويها لـ"شمس نيوز".
عقارب الساعة كانت تُشير إلى الرابعة والنصف فجرًا، بتاريخ 23-7-2004 فالأجواء كانت هادئة جدًا فهي تبعث على الطمأنينة والسكون، فكانت والدة فراس قد أنهت لتوها صلاة الفجر، أما فراس فقد كان نائمًا في غرفته.
تبدد هدوء الفجر، وصاحت الأصوات المرعبة، "أين فراس؟"، أحدهم يُركل باب المنزل بقدمه، ومجموعة أخرى مدججة بالسلاح تقتحم المنزل، كان هؤلاء جنود الاحتلال الإسرائيلي، يبحثون عن فراس، تجمدت حركة "والدة فراس" في المكان ولم تستطع أن تتحرك أو تنطق بكلمة من شدة الإرهاب الإسرائيلي لأهل بيتها.
خطف جنود الاحتلال فراس أمام عيون والدته ووالده وأشقائه، وتركوا المنزل بعد أن عاثوا به خرابًا ودمارًا لا يمكن أن يُمحى من ذاكرة والدة فراس مع مرور الوقت أو كثرة الأحداث المتتالية، فتقول: "أخذوا فراس من حضني، كنت أبكي كثيرًا، لا أعرف متى سيعود؟ فكان قلبي يحترق كلما تذكرت تلك الحادثة المؤلمة".
توجهت والدة "فراس" إلى الصليب الأحمر وأبلغتهم بالواقعة، مشيرة إلى أن محكمة الاحتلال أصدرت حكمًا بالسجن على فراس لمدة 18 عامًا بتهمة انتمائه إلى فلسطين، ومقاومة المحتل بالحجارة، والتخطيط لعملية مقاومة".
قضت والدة فراس السنوات (بحلوها ومرها) تنتظر نجلها بفارغ الصبر، فبعد أن انتهى من قضاء كامل محكوميته بتاريخ 22-7 قررت محكمة الاحتلال تأجيل الإفراج عن فراس حتى تاريخ 5-9؛ إلا أن محامي فراس تمكن من تقديم موعد المحكمة إلى 14-8 لتقرر الإفراج عن فراس.
قبل ثلاثة أيام من موعد المحكمة 14-8 وصلت معلومات إلى عائلة الأسير فراس صوافطة، بأن إدارة مصلحة سجون الاحتلال، طلبت من فراس بأن يجهز نفسه جيدًا للإفراج عنه، وبسبب تلك المعلومات استعدت عائلة الأسير فراس صوافطة قبل الموعد بثلاثة أيام؛ لكن المفاجأة كان ثقيلة هذه المرة.
"فراس احمل ملابسك وعود إلى السجن، وأنتم عودوا إلى المنزل" بهذه الكلمات الصعبة أنهت محكمة الاحتلال القضية، وقررت تأجيل الإفراج عن فراس؛ لتُعيد النظر في قضيته بتاريخ 23-8 القادم بإيعاز من الشاباك الإسرائيلي.
اختفت علامات الفرح وحل مكانها الحزن والالم، فالأم كانت تُفكر كثيرًا بنجلها فراس، تقول: "بدي أشوفوا عريس يتزوج ويعيش زي الناس وأربي أبناءه، لكن ما أقوله الآن الحمد لله هذا هو قدرنا وهذا هو المحتل، ولن تنكسر إرادتنا وعزيمتنا، وسنبقى أقوياء حتى التحرير بإذن الله وسيأتي يوم أشعل به الأغاني الثورية والوطنية في المنزل؛ فرحة بالإفراج عن فراس".