تحاول الجامعات الفلسطينية في السنوات الأخيرة، بذل جهود كبيرة من أجل مواكبة متطلبات سوق العمل، من خلال صقل المهارات المطلوبة من أجل شغل وظائف لم تكن متوافرة في سابقاً، فحاجة سوق العمل المتغيرة والمضطربة، أنتجت واقعاً تعليماً جديداً، وما عزز هذا الأمر، هو بروز التحول الرقميّ الذي وجدت الجامعات الفلسطينية نفسها مجبرة على مواكبته، في ظل التوجه الكبير والسريع لإدخال تخصصات جديدة إلى الجامعات، مثل الهندسة الجينيّة، والطاقة البديلة، والمستشار التقنيّ، والتعليم باستخدام التقنيات الحديثة عن بعد، سيما بعد دخول جائحة كورونا خلال العام 202 وما تبعه من تعليم غير وجاهي، بالإضافة إلى التسويق الإلكترونيّ، والذكاء الاصطناعيّ، وغيرها من التخصصات بما يحقق الاستدامة الحياتية، والنماء الاقتصادي، وذلك باستحداث مناهج مبتكرة، وآليات تعليم عصرية، وتأهيل قيادين، ومنظومة قيمية ، تواكب التطور الكبير الذي تحاول الجامعات حث الخطى تُجاهه.
وأمام هذا الواقع فإنه يظهر للمتابع أن تحديد أي علاقة سليمة بين الجامعات وسوق العمل، يجب أن يحظى بشروط وضوابط محددة، تستوجب أن تصبح الجامعات مستقلة عن السوق، بسبب أن الكثير من المزايا تتلاشى وتختفي، بل وتخسرها الجامعات عندما تُبقى نفسها في صراع مع سوق العمل، في القوت الذي يجب أن تحافظ الجامعات على شكلها ورسالتها النموذجية، من أجل أن تبقى منارات للمعرفة، ولكي تكون منبعاً لأجيال من الخريجين الذين يمتلكون المعرفة والعلم والثقافة، ولتكون صاحبة دور في جيل واعٍ ، لديه الدراية والإلمام بالمعرفة والعلوم الإنسانية ، الأمر الذي من شأنه إنتاج طلبة خريجين قادرين على إنتاج أفكار وتطوير ابتكارات وإطلاق مشروعات، تتولى تحديد اتجاهات سوق العمل، لا أن تكتفى بالاستجابة لمتطلباته ، كما يجب أن يكون معلوما أنه من المهم العناية ببناء مهارة التعليم، واكتساب المعرفة وممارستها، فقد يتلقى الطالب مناهج علمية وتخصصات قد لا تكون مواكبة لسوق العمل الذي يتغير بشكل دائم ومتسارع، فيصبح الطالب غير مؤهل للانخراط في سوق العمل، الأمر الذي يدفعنا للحديث عن دور هام جداً في تكوين اهتمام الطالب في اختيار تخصصه الجامعي واهتماماته التعليمية المستقبلية، وهو الأمر المنوط بالأسرة التي تُعتبر المستشار الأول للطالب، والذي ينور طريقه لاختيار تخصصه الجامعي وتوجيهه أحياناً، لكن دون إجباره على دخول تخصص لا يرغب فيه، ما سينتج عنه ، طالب كاره لتخصصه الجامعي الذي أُجبر عليه.