انطلقت أمس الاثنين، أولى رحلات سفر الفلسطينيين عبر مطار "رامون"، جنوب فلسطين المحتلة، في خطوة أحادية الجانب من قبل حكومة الاحتلال، ودون أي تنسيق مع السلطة الفلسطينية.
وتأتي هذه الخطوة استمرارا من قبل الاحتلال في محاولة طمس أي معالم للسيادة الفلسطينية، وبالوقت الذي تمنع فيه إعادة إعمار مطار غزة الدولي، ومنع الفلسطينيين من تشغيل مطار قلنديا في القدس، وبناء مطار جديد شرق الضفة المحتلة.
ووفق ما اعتبر مراقبون، فإن هذه الخطوة تأتي في سياق العمل من حكومة الاحتلال؛ لفرض سيطرتها على حركة الفلسطينيين، وتهرباً من الالتزامات والاتفاقيات الدولية.
خطوة أحادية مرفوضة
المتحدث باسم وزارة النقل والمواصلات موسى رحال، إذ أشار إلى أن هذه الخطوة أحادية الجانب، ولم يكن للوزارة أو الجهات الفلسطينية المعنية أي دراية بهذا الإعلان، أكد أن الموقف من هذا القرار واضح وهو الرفض المطلق.
وقال رحال لـ"شمس نيوز": "هذا الإعلان تهرب من الالتزامات بموجب الاتفاقيات التي تنص على تسليم مطار القدس الدولي (قلنديا)، وإعادة إعمار مطار غزة، والسماح بإنشاء مطار شرق الضفة الغربية، يكون خاص بالفلسطينيين، ويدار من قبل إدارة فلسطينية كاملة بحتة دون تدخل الاحتلال".
وأضاف "توجيه الاحتلال للمواطنين إلى مطار رامون، يأتي في سياق مصلحته الاقتصادية، والمس بالسيادة الفلسطينية، وإيهام العالم أنهم يقدمون تسهيلات للفلسطينيين".
وأوضح رحال أن الإيهام بالتسهيلات تفنده المسافة التي سيقطعها المواطنون للوصول إلى المطار، مبينًا أنه في أفضل الأحوال سيسير المواطن نحو 400 كيلو للوصول إلى المطار.
وتابع "بدلًا من هذه المسافة، لماذا لم يسهلوا الإجراءات على معبر الكرامة، وعدم تعطيل حركة المواطنين هناك، والسماح لهم بالتحرك الحر دون تحديد مواعيد وشروط معقدة؟".
ولفت رحال إلى أن ما يعيق حركة المواطنين هي الحواجز المنتشرة بين القرى، والقيود المفروضة على معبر الكرامة، متابعًا "ينهوا هذه العقبات، بدلًا من دفع المواطنين للسفر عبر ريمون، ما يتحدثون بع عبارة عن فقاعات وليس تسهيلات".
وذكر أن من سيدير مطار رامون هو ذاته الذي يدير معبر الكرامة، موضحًا أن المواطنين سيواجهون ذات التعقيدات والشروط.
وأردف رحال حديثه "الذي سيسافر من رامون سيسيئ لنفسه بالدرجة الأولى، كون هذا الشأن موقف وطني ويمس بالسيادة".
وأكد أن من سيستخدم هذا المطار للسفر، لن يعود من خلاله، نظرًا للمعاناة التي سيعانيها من هذا المطار، مضيفًا "هناك مستوى سياسي ينظر بالموضوع على أعلى مستويات ".
إخضاع للمواطنين
هذا الموقف للوزارة أيدته حركة فتح، على لسان رئيس المكتب الاعلامي في مفوضية التعبئة والتنظيم منير الجاغوب، الذي قال: "موقفنا في حركة فتح بأن يكون هناك مطار كما كان مطار غزة الدولي، ومطار قلنديا يكون خاص بالفلسطينيين، بدلًا من إجبار المواطنين على الذهاب إلى رامون بنحو 300 كيلو من أجل السفر".
واعتبر الجاغوب في حديث مع "شمس نيوز" هذا القرار يذهب بالمواطنين إلى ما هو أبعد من السيادة وأصعب منها، موضحًا أنه يأتي في سياق إخضاع المواطنين للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، والبقاء تحت الأمر العسكري للتحكم بهم.
وقال: "إسرائيل دمرت الاتفاقيات جميعها، وأول ما بدأته بتدمير الاتفاقيات، تدمير مطار غزة الدولي؛ لأنه كان أحد أنواع السيادة التي كانت تسعى لهدمها".
وطالب الجاغوب بمطار خاص بالفلسطينيين، وبسيادة فلسطينية كما كان مطار غزة الدولي ومطار القدس "قلنديا".
إجبار المواطنين على الترك
ما تقدم وافقه الكاتب والمحلل السياسي أحمد رفيق عوض، مبينًا أن هناك رفضًا شعبياً ورسميًا لهذه الخطوة.
وقال عوض لـ"شمس نيوز": "الأولى هو تشغيل المطارات الفلسطينية المتعارف عليها، والموقفة بفعل الاحتلال منذ زمن".
وأشار إلى أن مسألة السفر عبر رامون أكبر من أنها مجرد استطاعة السفر عبر المطار، وتقديم خدمة السفر، متابعًا "الأمر متعلق بترتيبات إقليمية وسياسية مستقبلية".
وبحسب اعتقاد عوض فإن هذه الخطوة التفاف على كل شيء، وفيها نوع من الخديعة الكبيرة، ورشوة فيها سم كثير، ومبطنة بالنوايا السيئة، موضحًا ذلك بالحديث أن "السفر عبر ريمون يخدم المحتل ولا يخدم الفلسطينيين لا على المستوى الخدماتي ولا السياسي".
وذكر أن هذه الخطوة ستؤثر سلبًا على الأردن، وعلى عمل معبر الكرامة، ومطار الملكة علياء، مستدركًا "هذه فرصة للأشقاء الأردنيين لإعادة النظر بالظروف التي يمر بها معبر الكرامة ومطار الملكة علياء".
وبشأن إجبار المواطنين على عدم السفر عبر ريمون استبعد عوض هذه المسألة، مرجعًا ذلك لعدة أسباب.
وقال: "مسألة الإجبار، لا يمكن إجبار الفلسطينيين على عدم السفر من خلاله، لعدة أسباب أهمها التقسيمات لمناطق الضفة، وخاصة مناطق "ب" و"ج" الواقعة خارج سيطرة السلطة".
ولفت عوض إلى أن الأمر يعود لوعي المواطن؛ كون الموقف الفلسطيني معلناً بالرفض، خاتمًا "كل مواطن متروك لوعيه الوطني".