ولد الشهيد المجاهـد أنـور عـبـد اللـه عزيـز في مخيم جباليا في 5 يناير (كانون الثاني) 1965م ونشأ في بيـت متدين ومحافظ وكـان مـن رواد المساجد منـذ الصغـر، وتلقـى تعليمـه الابتدائي والإعدادي في مدارس المخيـم، ثـم حـصـل عـلى شهادة الثانوية العامـة لينتقل إلى دراسـة دبلـوم تربيـة، وبعدهـا دبلـوم صناعـة، وفي العام 1989م تـزوج من فتاة متدينة وأنجـب منها ثلاثة أطفـال أكبرهـم أحمـد.
تميز شهيدنا المقـدام أنـور بالذكاء الشديد وسرعة وبحسن معاملة والدته وإخوته، ويعتنـي أكـبر العناية بأسرته الصغيرة المؤلفة مـن زوجته وأطفاله الثلاثة. ويشـهـد لـه كـل مـن خالطـه مـن الخـلان والجيران بسهولة الخلـق وأدب العلاقة الرفيع كـمـا حـافـظ عـلى صـلاة الجماعة في المسجد، وقبـل استشهاده قبـل بالتبرع بقطعة أرض لمسجد وشارك في بنائه وسـمي باسمه لاحقا بعد استشهاده.
كان الحـس الإسلامي لـدى شـهيدنا المجاهـد أنـور ينمـو مـنـذ الصغـر وذلك بفضـل تـردده على مسجد أبو خوصة في جباليا، ومع معركة الشجاعية البطولية وأحداثهـا الرائعة كانت البداية الحقيقية لظهور الخيار الوحيد، خيار الطلقة. وتأثـر شـهيدنا كثيرًا وأحـب أن يسلك طريق المجاهديـن حيـث قاد مظاهرات عنيفة في مخيم جباليا بعـد حادثة استشهادهم.
ومع بداية الانتفاضة الأولى المباركـة عـام 1987م وبالتحديد مع حادثة المقطورة الصهيونية التي قتلت أربعـة عمال فلسطينيين مـن مخيم جباليـا كانـوا يعملون في داخل الأراضي المحتلة عام 1948م ذهـب شـهيدنا المجاهـد أنـور مـع جمـوع غفيرة إلى المقبرة لدفن الشهداء، ثـم خـطـب فيهـم خطبـة رائعـة أذهلت الجماهير كلهـا حيـث كان أول ملثم في الانتفاضـة في ذاك الوقـت حيـث سمى بعدهـا «الملثم الأول»، وكان لخطبتـه دور هام في تأجيـج مشاعر المتظاهرين الذين دعاهـم للهجـوم عـلى معسكر الجيش القابع وسـط المخيم المحاصر بالبارود والأسلاك الشائكة. وبالفعـل توجـه الأهـالي هنـاك وذلك بفضل الشهيد المجاهـد أنـور الـذي كان سابقة غير مألوفـة عـلى الإطلاق ودارت مواجهات عنيفة استمرت ساعات الليـل الطويل.
التحـق شـهيدنا المجاهـد أنـور بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين مع بداية الانتفاضة الأولى حيـث كلـف رسميًا بتكوين مجموعات وخلايا تتبع للجهاد الإسلامي هـو وصديـق لـه في منطقة سكناه، وبالفعـل بـاشر هذا العمـل الجهادي حيث كان لـه الـشرف في توزيع أول بيـان صـدر في الانتفاضـة عـن حركة الجهاد الإسلامي، وكان مـن أهـم العناصر المعتمد عليها في تأجيج المظاهرات والفعاليات الشعبية.
وبعـد ضربة وجهتهـا أجهـزة الأمـن الصهيوني (الشين بيـت) للجهاد الإسلامي توقـف العمـل كثيرا لمدة ستة أشهر، ولكن لم يتـوان عـن تقديـم الواجـب رغـم الحصـار الشديد الذي واجهـه هـو وبقيـة إخوانـه بسـبب هـذه الضربات.
وفي سنة 1989م أكمـل شـهيدنا المجاهـد أنـور دوره ضمـن اللجان الشعبية التابعة للحركة، وكذلك الجهـاز الأمني. وسُجن لمدة سنتين ونصـف عاشـها في معتقـل النقـب الصحراوي بين إخوانه المجاهدين الذين عرفـوه بالرائـع عـلى الـدوام، وبعـد إتمامـه لمـدة السجن خـرج أكـثر تمـردًا وثـورة وأكثر عنفوانـًا مـن ذي قبـل، وبالفعـل انـضـم الشهيد البطل إلى مجموعـات لـواء أسـد اللـه الغالـب العاملة في قطاع غزة والتابعة للقوى الإسلامية المجاهدة (قسم) الجهاز العسكري لحركة الجهاد الإسلامي وذلك في النصف الثاني من عام 1993م، لينفذ عدد من العمليات البطولية أبرزها عملية الإسعاف المفخخ التي ارتقى خلالها مقبلًا غير مدبر.
وذكرت صحيفة حدشوت العبرية في عددها الصادر يوم 14/12/1993م أن "الجهاد الإسلامي في بيروت أعلن مسؤوليته عن السيارة المفخخة التي انفجرت على تقاطع الشجاعية وقتل فيها أنور عبد الله عزيز 22 عامًا من مخيم جباليا".
وأضافت حدشوت: "أحبط جنود الجيش عملية تفجير عبر إسعاف مفخخ قرب تقاطع الشجاعية شرق مدينة غزة، بعد توجيه حذر شديد للجنود في التعامل مع مركبات مثل الإسعافات وسيارات المشافي في المناطق".
وتابعت: "قاد أنور عزيز أحد سكان مخيم جباليا عند الساعة 07:20 صباحًا من يوم 13/12/1993م إسعافًا مفخخًا على الشارع الشرقي لغزة باتجاه تقاطع الشجاعية، حيث تم الحصول على سيارة الإسعاف من المركز الطبي في بيت لاهيا، ثم تم تفخيخها بعبوات ناسفة، لكن رسالة وصلت قوات الأمن عن اختفاء الإسعاف وإمكانية استخدامه في عملية ما".
وأردفت الصحيفة: "الجنود أغلقوا المنطقة وأقاموا الحواجز، وبعد أن وصل عزيز بالإسعاف لتقاطع الشجاعية طلب منه الوقوف لكنه استمر بالسير فتم إطلاق النار عليه، فاصطدم الإسعاف بجيب عسكري وانفجر واشتعل بالنيران، ونتيجة للانفجار أصيب 3 جنود، فيما تجمعت قوات من الجيش وحرس الحدود وحاصروا المكان".
وأوضحت حدشوت أن "الجهاد الإسلامي تبنى العملية في بيان قال فيه إن العملية انتقامًا للشهيد خالد شحادة الذي نفذ عملية حولون قبل 8 أيام".
ويشار إلى أنه خلال تأبين الشهيد المجاهد أنـور عـزيـز تم الكشف عن تنفيذه عمليـة البـاص بالقـرب مـن الشيخ عجلين والتـي قـتـل مـن جرائهـا مـديـر الضرائب الصهيوني في غزة وأصيـب 5 مـن الصهاينة ومنهـم قائد شرطة المرور التابعة للاحتلال في قطاع غـزة.
حديثنا في المرة القادمة عن عملية خطف وقتل الصهيوني إيلان سودري عام 1994م.