فعلت كل ما بوسعها، سابقت الزمن لإنقاذ فلذة كبدها، فكانت تجاهد نفسها لمنع استمرار نهر الدمع من الجريان بين وجنتيها أمام طفلها الذي عانى من تدهور كبير في النمو، قبل أن يُعلن عن وفاته بسبب الحرمان الإسرائيلي من العلاج، في إصرارٍ وتأكيدٍ على سياسة الاحتلال؛ لقتل كل من هو فلسطيني حتى وإن كان طفلًا.
الطفل فاروق محمد أبو النجا (3 أعوام) عانى من تراجع مفاجئ في نمو جسده، تقول والدته لـ"شمس نيوز": "ولد فاروق بشكل طبيعي، وعاش الأيام والشهور دون أن يعاني من أية مشاكل تذكر، لكن فجأة بداية العام الماضي بدأ جسده يتراجع".
"لا يستطيع فاروق تحريك قدمه اليمنى؛ ما أثارة الريبة والخوف؛ ما دفعنا للانتقال مباشرة إلى أحد الأطباء في غزة، والذي أبلغ العائلة، بأن فاروق لا يعاني من مشكلة صحية، إنما يحتاج إلى حذاء طبي فقط وهو ما أجمع عليه طبيب آخر" وفقًا لوالدة الطفل أبو النجا.
عقدت أسرة الطفل فاروق الأمل في استعادة طفلها لنموه؛ لكن بعد مرور نحو شهر من ارتداء الحذاء تراجعت حالته الصحية بشكل أكبر، ولم يعد يستطيع الوقوف على قدميه الاثنتين (اليمنى واليسرى) ما دفع العائلة لاتخاذ قرار بالسفر إلى جمهورية مصر العربية.
وصلت العائلة وفقًا لوالدة الطفل فاروق إلى القاهرة، وأبلغها أحد الأطباء أن مشكلة نجلها خفيفة ولا تحتاج لحذاء طبي، إنما تحتاج فقط إلى إبر وفيتامينات، وتؤكد والدة الطفل، أن الأطباء في مصر لم يتمكنوا من تشخيص الحالة بشكل دقيق.
وبعد مرور أسابيع عدة اشتدت الأمور سوءًا لدى الطفل، تقول والدته: "لم يعد أمامنا سوى الحصول على تحويلة للعلاج في مستشفى المطلع بالقدس المحتلة أو مستشفيات الاحتلال، مشيرة إلى أنها حصلت على تحويلة علاجية للعلاج بالخارج في تاريخ 12 يناير؛ لكن المفاجأة كان رد الاحتلال الإسرائيلي "طفلك مرفوض أمني!".
وذكرت والدة الطفل أن حالته بدأت تزداد سوءًا يومًا بعد آخر، إذ أصبح الطفل يتعرض لتشنجات واضطرابات كبيرة، وفقد الحركة بالكامل، مشيرة إلى أن الأطباء أجروا عملية جراحية للطفل في المعدة لإدخال أنبوبة الطعام".
ورغم ما عانته عائلة الطفل فاروق إلا أنها لم تفقد الأمل بإنقاذ حياته فتقول والدته: "حصلنا على تحويلة علاج في الخارج مرة أخرى بتاريخ 24-8-2022 لكن تفاجأنا بالرفض كالمرة الأولى من طرف الاحتلال الإسرائيلي الذي قال "طفلك مرفوض أمني" وبعد ساعات قليلة توفي الطفل.
أثارت حادثة وفاة الطفل حالة من الألم الشديد لدى أسرته التي تساءلت: "هل الطفل قنبلة موقوتة ليتم رفضه بشكل أمني من تلقي العلاج"، هو كأي طفل من حقه أن يتم علاجه، مطالبة جميع المؤسسات الحقوقية والإنسانية بالضغط على الاحتلال لفتح المجال أمام الأطفال لتلقي العلاج اللازم دون عوائق.
يُشار إلى أن الطفل أبو النجا ليس الطفل الأول والوحيد الذي يتوفى بسبب منع الاحتلال الإسرائيلي من السماح له بالسفر لتلقي العلاج اللازم في القدس أو مستشفيات الداخل المحتل، وهذا يؤكد أن الاحتلال يواصل سياسته الإجرامية والإرهابية بحق الطفولة في فلسطين وخاصة أطفال قطاع غزة.