التصريحات النارية الغاضبة التي أطلقها رئيس الحكومة الإسرائيلية يائير لابيد ووزير الامن بيني غانتس، بشأن دعوة الادارة الامريكية لإسرائيل بتغيير قواعد اطلاق النار في الضفة.
ومواصلة الضغط على إسرائيل لتراجع سياساتها وممارساتها بخصوص قواعد الاشتباك وذلك على إثر استشهاد الصحفية شيرين أبو عاقلة.
وحسب ما ذكرته وسائل إعلام إسرائيلية بأن تغيير قواعد الاشتباك، وفق رؤية الجانب الأميركي، من شأنه أن يقلل من خطر إلحاق الأذى بالمدنيين، ويحمي الصحافيين، ولمنع أحداث مثل استشهاد شيرين أبو عاقلة.
وجاء ذلك بعد صدور تقرير التحقيق من قبل الجيش الاسرائيلي حول قتل أبو عاقلة، والذي جاء فيه أنّ ثمة احتمالًا كبيرًا أن تكون أبو عاقلة قتلت بنيران جندي إسرائيلي إنما بطريق الخطأ.
هذا النوع من التحقيقات عادة ما تنتهي بدون نتائج. وتكون استنتاجاته، "قد" و "على الأرجح" و "ربما"، و"تقدير ذلك".
وجاء نشر التحقيق الغامض والمحاط بغطاء دخان كثيف هدفه، إخفاء الحقيقة، ما يعني أن هذا تحقيق شكلي وبدون قيمة، ويعير عن غطرسة إسرائيلية، ولن تتم مساءلة ومحاسبة أي أحد.
وعلى الرغم من ذلك هناك من الإسرائيليين من يقول أن التحقيق مهم، والخطأ هو التوقيت غير المحتمل للتحقيق ونشره، وهذا بحد ذاته مكسب للفلسطينيين، وهي وصفة لخسارة المعركة على الوعي.
وبناء على ذلك ومن خلال التجارب السابقة في حالات اطلاق النار والقتل، أنه لا داعي لفتح تحقيق جنائي مع الجندي الذي أطلق النار، وعليه تم إغلاق القضية ولا حاجة من وجهة نظر إسرائيل لتحقيق آخر حتى من قبل أي لجنة تحقيق دولية، ولا حتى من المحكمة الجنائية الدولية.
خطاب لبيد وتصريحاته، وقوله: لن يملي علينا أحد تعليمات بفتح النار، ونحن نقاتل من أجل حياتنا، و أنه يستمع إلى مطالب بمحاكمة جنود الجيش الإسرائيلي بعد مقتل أبو عاقلة، ولن أسمح لهم بملاحقة جندي في الجيش الإسرائيلي، دافع عن حياته إزاء إطلاق نار من قِبل (إرهابيين)، حتى نتلقّى التصفيق في الخارج فقط.
وأدعى أن جيش الاحتلال لا يطلق النار عمدا على الأبرياء.
بينما قال غانتس إنّ رئيس الأركان للجيش الإسرائيلي، هو وحده الذي يقرر، وسيستمر في وضع تعليمات إطلاق النار، وفقًا للاحتياجات العملياتيّة، وقيْم الجيش الإسرائيلي، وأن القادة والجنود ينفذون التعليمات بدقة، وأنه لم يكن هناك، ولن يكون تدخُّل سياسيّ في هذه المسألة، وأن جنود الجيش الإسرائيلي لديهم دعم كامل للقيام بمهمتهم.
تصريحات لبيد وغانتس اعتراف وتعبير صريح وواضح عن مسؤوليتهما بالدعم والموافقة، وبإصدار الأوامر للمسؤولين في الجيش الاسرائيلي بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين.
وما نراه ونتابعه من سياسية عدوانية وقتل يومي واغتيالات في الضفة الغربية، وكذلك اغتيال شيرين أبو عاقلة، وما أصدرته وتصدره لجان التحقيق الأممية حول الجرائم التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي، عدا عن المعلومات والتوثيق المتراكم من قبل منظمات حقو الانسان الفلسطينية والدولية تؤكد لكلّ صاحب بصيرة هوية المجرمين وفي مقدمتهم قاتل شيرين.
وكل هذا الدعم للجيش على نطاق واسع، يتجاوز الخطابات النارية، التي تعبر عن حقيقة النظام الاسرائيلي بكافة مكوناته السياسية والعسكرية والقضائية، والحزبية، والاعلامية وهي شريك في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين وتبريرها والتغطية عليها.
إضافة إلى الدعم والحماية والرعاية الامريكية، وأن الدعوة التي وجهتها بتغيير قواعد الاشتباك الخاصة بالجيش الإسرائيلي، ليس من أجل وقف القتل في الاراضي المحتلة. وهي ليس من أجل الضغط وإجبار إسرائيل على وقف الجرائم، إنما في سياق الطلب ودعوة الأصدقاء الشركاء بتخفيف الضغط علي الزناد والتملص من الإحراج من بعض الاطراف الداخلية في الحزب الديمقراطي.
تاريخ الولايات المتحدة حافل بالتواطؤ مع إسرائيل وبالصمت عن الجرائم لصرف الأنظار عنها ونسيانها.
وتأتي كما وصف بعض الصحفيين الإسرائيليين أن الردود الاسرائيلية الغاضبة من قبل لبيد وغانتس، هي في اطار الاستغلال السياسي والمعركة الانتخابية بنسبة 100٪ لكلا الجانبين. وأنه لا توجد ضغوط حقيقية ولا أزمة بين اسرائيل وامريكا.
فالتصريحات الأمريكية الغرض منها استرضاء الجناح اليساري للحزب الديمقراطي.
السياسة الإسرائيلية العدوانية قائمة على الكذب والدعاية والاحتيال وبتواطؤ جميع الإسرائيليين في ارتكاب الجرائم ونفيها في نفس الوقت، والادعاء أنها تحمل قيم ومعايير أخلاقية، وأن الجيش الاسرائيلي يمتلك الاخلاق، وانكار الجرائم والممارسات العدوانية ضد الفلسطينيين ووصفها بالقتل الخطأ.