أنهى المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين دورة اجتماعاته، اليوم الأربعاء، والتي توقف فيها أمام المستجدات السياسية، حيث رحب بالجهود الدولية التي تتبلور في مواجهة سياسات الهيمنة والتفرد الأمريكية، وبنتائج قمة شنغهاي التي تأتي في هذا السياق، وأكد على ضرورة تخليص المؤسسات الدولية بما فيها الأمم المتحدة التي تنعقد ـ جمعيتها العامة السنوية هذه الأيام ـ من الهيمنة الأمريكية عليها وعلى قراراتها، واستخدامها المعايير المزدوجة لطي القرارات التي تنتصر لحقوق الشعوب بما فيها القرارات ذات الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير والدولة، وأدان الأنظمة العربية الغارقة في التطبيع مع الكيان الصهيوني، وفي توسيع تعاونها معه على مختلف الصعد الأمنية والاقتصادية والعسكرية والسياسية، مشدداً على أن كل ذلك يمس بالقضية الفلسطينية وبنضال شعبنا الفلسطيني وحقوقه الوطنية والتاريخية.
ورحب بموقف الشعوب العربية وقواها الرافض للتطبيع، وبتأكيدها على مركزية القضية الفلسطينية، ودعاها إلى توحيد وتنظيم جهودها بصيغ محلية وقومية لمواجهة التطبيع الرسمي وقطع الطريق على محاولات تعميمه شعبياً.
ومن جانب آخر، نبه المكتب السياسي من النتائج التي قد تتولد عن التحولات الجارية في العلاقات الثنائية بين بعض الدول العربية ، وبينها وبين الدول الإقليمية خاصة وأنها تأتي في سياق ترتيب للمنطقة بتشجيع أمريكي، أوروبي غير بعيد عن ما يجري على الصعيد الدولي، وبشكل خاص في العمل على توفير الطاقة بعد الأزمة التي تعيشها أوروبا نتيجة مقاطعتها لروسيا ما أسفر عن وقف النفط والغاز الروسي، عدا عن هدف توسيع دائرة التعاون بين دول المنطقة ودولة الكيان.
وعبر المكتب عن دعمه الكامل للبنان الشقيق في نضاله للحصول على كامل حقوقه النفطية في البحر المتوسط بكل الوسائل، وأدان أي محاولات للوسيط الأمريكي أو غيره في الدفع بإتجاه الانتقاص من هذه الحقوق ومقايضتها بتنازلات سياسية.
ورحب المكتب السياسي بدعوة الأشقاء في الجزائر لحوار فلسطيني بهدف إنهاء الانقسام وبناء وحدة وطنية راسخة على قاعدة الشراكة الوطنية نستعيد فيها منظمة التحرير الفلسطينية كقائدة لنضال شعبنا بالاستناد إلى برنامج وطني مشترك يتمسك بكامل الحقوق الوطنية ويفتح على كل الخيارات النضالية لتحقيقها.
وشدد المكتب السياسي على أن الجبهة ستبذل كل الجهود المخلصة من أجل إنجاح الحوار في الجزائر، ويدعو جميع القوى وبخاصة حركتي فتح وحماس إلى اغتنام هذه الفرصة ومغادرة التخندق أمام المصالح والقضايا الفئوية، حتى يصل الحوار إلى نهاياته بنجاح، وحتى نتمكن جميعاً من توحيد قوانا في مواجهة السياسة الاستعمارية الإجلائية الفاشية الصهيونية التي تتسع دوائرها على مساحة الأرض الفلسطينية والتي من خلالها يتعمق المشروع الصهيوني في فلسطين.
واعتبر أنّ اتساع وتصاعد دائرة الاستهداف الصهيوني لأرضنا وشعبنا بما في ذلك استهداف القدس التي تتعرض للتهويد ومحاولات تغييب الرواية الفلسطينية من خلال فرض مناهج تعليمية صهيونية على مؤسساتها التعليمية، ومن خلال الاقتحامات المبرمجة للمسجد الأقصى والمخطط تزايدها مع الأعياد اليهودية، يتطلب بشكل عاجل دعم وإسناد أهلنا في القدس بكل الوسائل ومشاركة جماهير شعبنا من مختلف المناطق بالتصدي لقطعان المستوطنين وقوات الاحتلال داخل القدس، كما يتطلب وبشكل عاجل تشكيل الأطر الميدانية الموحدة في كل قرية ومدينة ومخيم وصولاً إلى تشكيل القيادة الوطنية الموحدة التي تدير الاشتباك مع قوات الاحتلال على كامل الأرض الفلسطينية.
وللنجاح في ذلك دعا المكتب السياسي إلى وقف التعديات على الحريات وتوفير عوامل الصمود لشعبنا وعدم إنهاكه بفرض المزيد من الضرائب والإجراءات عليه، وفي هذا السياق دان المكتب السياسي الملاحقات والاعتقالات والتعدي على حياة الناس والمناضلين من أي جهة كانت، والتي كان آخرها ما جرى في نابلس منذ يومين وما تلاه من أحداث هددت السلم الأهلي.
ونبه المكتب السياسي إلى أن هكذا أحداث ستؤدي إلى حرف الأنظار عن جرائم الاحتلال أولاً، وإلى إضعاف المقاومة المتصاعدة في الضفة والقدس التي باتت تبشر بإمكانية الوصول إلى انتفاضة ثالثة تقلب الطاولة على مخططات العدو الصهيوني.
وفي سياق متصل، وقف المكتب أمام ما يعيشه الكيان الصهيوني من مأزق يتمظهر بفشل استمرار حكوماته واللجوء إلى الدعوة المباشرة لانتخابات الكنيست.
وبهذا الصدد رحب المكتب السياسي بموقف شعبنا الفلسطيني في 48 الذي أشارت الاستطلاعات إلى أن غالبيته لن يشارك في هذه الانتخابات، حيث بات على يقين من أن المشاركة تغطي على الكيان الصهيوني وسياساته، وتخلق لبساً بشأن هويته الوطنية التي أعاد التأكيد عليها وبشكل جلي في معركة سيف القدس وغيرها من المعارك.
وبالاستناد إلى ذلك، وإلى موقف الجبهة الشعبية من عدم شرعية الكيان ذاته، دعا أهلنا في الـ 48 إلى عدم المشاركة في مهزلة الانتخابات المسماة بالعملية الديمقراطية.
كما رحب المكتب السياسي بالجهود الجارية لتصويب علاقة حركة حماس مع الشقيقة سوريا، ويرى أن عودة العلاقات المرتقبة بين الطرفين تعزز من دور محور المقاومة، ومن دعم شعبنا وقواه ل سوريا في صمودها ومقاومتها لقوى الإرهاب، ومخططات المس بوحدة أراضيها.
وأخيراً توجه المكتب السياسي بتحية الفخر والاعتزاز لجميع منظمات الجبهة الحزبية والجماهيرية التي عكست وحدتها وانسجامها مع نتائج المؤتمر الوطني الثامن للجبهة والذي عبرت عنه بنشاطاتها السياسية والجماهيرية في مختلف الساحات.
كما توجه بتحية خاصة لرفاقنا في سجون الاحتلال وللرفيق الأمين العام الذين يواجهون مع رفاقهم وأخوتهم في الفصائل الأخرى إجراءات السجان بكل شجاعة ويحققون الانتصار عليه، ووجه التحية أيضًا لكل لشعبنا في 48 والضفة والقدس والقطاع ومخيمات الشتات في سوريا و الأردن ولبنان وكافة أماكن تواجده في بلدان المهجر.