في اعقاب احداث نابلس المؤسفة التي جاءت نتيجة اعتقال أجهزة امن السلطة للمجاهد مصعب اشتية، وأدت لاستشهاد المواطن فراس يعيش برصاص أجهزة امن السلطة واصابة خمسة اخرين بجراح، أعلنت لجنة التنسيق الفصائلي في مدينة نابلس في ساعات الفجر الأولى من أمس الأربعاء عن التوصل لاتفاق بين المطلوبين والأجهزة الأمنية لإنهاء الأحداث في المدينة, بعد تكفل السلطة بجرحى الأحداث الأخيرة المؤسفة، والعمل على إنهاء ملف المجاهد مصعب اشتية بصورة مرضية وتشكيل لجنة من المؤسسات والفعاليات وشخصيات نابلس للعمل على زيارته ومتابعة ظروف احتجازه والعمل على سقف زمني للإفراج عنه, ويبدو ان هناك محاولة للتسويف والمماطلة هدفها احتواء الشارع في نابلس وتهدئة الأوضاع, فنقل المجاهد مصعب اشتية الى سجن اريحا (غوانتنامو) يعني اما تسليمه للاحتلال الصهيوني, أو تصفيته بعد الافراج عنه, فهذا مشهد متكرر وفاضح, ويدل دلالة قاطعة على ان أجهزة امن السلطة نفذت المطلوب منها حرفيا مع المجاهد مصعب اشتية, اما الباقي فسيتكفل به الاحتلال, وقد تم الاتفاق على اعتبار حالة المطاردين حالة وطنية دون العمل على ملاحقتها بدواعٍ أمنية إلا في حالة الخروج عن القانون، والإفراج عن الأشخاص الذين تم اعتقالهم على خلفية الأحداث الأخيرة عدا المعتدين على الأملاك الخاصة والسرقة، وعدم ملاحقة أي شخص على إثر هذا الحدث على مستوى الوطن, ولكن لم يقل لنا احد ماذا يعني الخروج عن القانون, هل استهداف الاحتلال خروج عن القانون؟, هل حماية المدينة والمخيم خروج عن القانون؟ وماذا يعني اشتراط الافراج عن المعتقلين على خلفية احداث نابلس بعدم الافراج عن المعتدين على الأملاك الخاصة و»السرقة»؟, انها اشتراطات تعطي السلطة مساحة للمناورة والتملص.
تداعيات الاعتقال السياسي خطيرة جدا, خاصة انها تأتي وفق خطة ممنهجة واضحة تحدث عنها الاحتلال الصهيوني, بضرورة تقوية السلطة ومدها بادوات القمع اللازمة للقيام بدورها بمنع كل اشكال المقاومة ضد الاحتلال, الاحداث في نابلس ستتكرر, لأن هذه رغبة الاحتلال الصهيوني, وستنتقل من نابلس الى جنين, حيث منبع المقاومة ومركزية العمل المقاوم, جنين التي استعصت على الاحتلال, واصبح لزاما على السلطة ان تقوم بدورها في قمع المقاومة وخنقها, فأجهزة امن السلطة تقوم بدورها معتمدة على وعي المقاومين الذين يحاولون تجنب اشعال مواجهة داخلية فلسطينية فلسطينية, رافضين ان تنحرف بوصلتهم عن وجهتها نحو الاحتلال, فمن يضمن استمرار ذلك في حال تغولت أجهزة امن السلطة على المقاومين وحاولت اعتقالهم او استهدافهم لا سمح الله, كان الواجب على لجنة التنسيق الفصائلي ان تأخذ ضمانات كافية على عدم تكرار حدث نابلس مجددا, وان تطالب باطلاق سراح مصعب واخوانه دون قيد او شرط, وأن تتعهد بحماية المجاهدين من أي عمليات ملاحقة صهيونية بغرض التصفية او الاعتقال, ووقف كل اشكال التنسيق الأمني, وتشكيل فريق مشترك بين المقاومين وأجهزة الامن مهمته الأساسية الرباط على حدود المدينة والمخيم لمنع أي عمليات تسلل للمستعربين الصهاينة او الجيبات العسكرية, لكن ما حدث كان دافعه الرئيسي هو احتواء الاحداث التي اندلعت في اعقاب اطلاق سراح المجاهد مصعب اشتية, دون انتزاع أي ضمانات بعدم تكرار هذا المشهد, فالأمور باتت واضحة, والسلطة بأجهزتها الأمنية لا تستطيع التنصل من جريمة التعاون الأمني مع الاحتلال, خاصة بعد ان ربطت إسرائيل وجود السلطة في الضفة بقدرتها على احتواء الشارع الفلسطيني ومنع كل اشكال المقاومة ضد الاحتلال باي شكل كان.
رحم الله الشهيد فراس يعيش الذي ارتقى متأثرًا بإصابته برصاص أجهزة أمن السلطة خلال احتجاجات غاضبة بنابلس. فقد شاركت جموع غفيرة في تشييع جثمان الشهيد «يعيش»، وسط تكبيرات وهتافات منددة بجريمة قتله برصاص أجهزة السلطة، وصدحوا بكلمات: «التنسيق ليش ليش.. مرة السلطة ومرة الجيش»، و «يا سلطة مالك مالك.. شو هذا اللي جرى الك «واندلعت مواجهات بين أجهزة السلطة ومئات من المواطنين الذين خرجوا في مسيرة رفضًا لاعتقال المطارد مصعب اشتية، من قبل قوات أمن السلطة، ودعت مؤسسات حقوقية إلى المحاسبة الفورية لمن قتل المواطن فراس يعيش، ونادت بإنفاذٍ عاجل لنتائج لجان التحقيق السابقة وتوصياتها الداعية إلى كفِ الأجهزة التنفيذية سلاحها عن المواطنين, فهل نحن امام جريمة أخرى على شاكلة جريمة قتل وتصفية الناشط السياسي الشهيد نزار بنات, والذي قتل على يد أجهزة امن السلطة دون ان يحاسب القتلة حتى الان على جريمتهم, رغم ان المشهد يتكرر والمجرم واحد؟, فمن قتل نزار بنات هو نفسه الذي قتل فراس يعيش, وهو الذي اطلق النار على الشيخ المجاهد خضر عدنان وهو الذي يلاحق المقاوم عميد طبيلة ويلاحق كتيبة نابلس ويلاحق كتيبة جنين, وسيبقى يلاحق الفدائيين الابطال أينما كانوا واينما حلوا, لأنه مكلف بذلك من الاحتلال, لذلك كان على لجنة التنسيق الفصائلي ان تتشدد في مواقفها, وتلزم هؤلاء بقرارات صارمة تضمن سلامة المقاومين, وتضمن امنهم وامانهم, وان لا تتجرأ السلطة عليهم, ولا يتجرأ سلاح السلطة على أبناء شعبنا.