ستبقى الضفة الغربية المحتلة شوكة في حلق الاحتلال الصهيوني، فكلما أرادوا اخمادها ازدادت قوة، وكبدت الاحتلال الصهيوني المزيد من الخسائر، فقد شهدت الضفة الغربية خلال الأسبوع الماضي تصاعداً لافتاً في المواجهات مع الاحتلال وأعمال المقاومة المتنوعة، وخلال أيام الأسبوع استشهد 7 مواطنين فلسطينيين، وأصيب جنديان ومستوطنان صهيونيان، ورصدت 156 نقطة مواجهة، و15 عملية إطلاق نار، و49 عملية إلقاء عبوات متفجرة وزجاجات حارقة في عدة مناطق, واللافت في ذلك ان هناك مزجاً في الفعل المقاومة المسلح والفعل المقاوم الشعبي, وهذا يمثل نذير شؤم للاحتلال, على اعتبار ان ذلك قد يؤدي الى انتفاضة شعبية مسلحة حسب تقديرات الإسرائيليين, الذين يشعرون بخيبة امل كبيرة نتيجة عدم قدرتهم على السيطرة على الأوضاع في الضفة رغم التنسيق والتعاون الأمني بينهم وبين السلطة, قناة كان العبرية قالت إنه تم تسجيل عدد قياسي من عمليات إطلاق النار في الضفة الغربية المحتلة منذ بداية العام, وبحسب القناة العبرية، فإنه تم تنفيذ 60 عملية إطلاق نار منذ بداية 2022 حتى أغسطس الماضي, وفي وقت سابق، كشف ضابط صهيوني عن قلق إسرائيلي من التطورات الأمنية المتلاحقة في الضفة الغربية، ما يجعل جيش الاحتلال في حالة استنزاف مستمرة على مدار الساعة, وقال اللواء احتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي، “إيتان دنجوت”، إن هناك خشية من تبعات لقاءات الأمناء العامين لحركتي حماس والجهاد الإسلامي وحزب الله اللبناني, وأضاف “دنجوت” في تغريدة له، أن هذه اللقاءات، تشير إلى تنسيق لتصعيد أمني قريب ومتزامن من الضفة الغربية، وفي الداخل المحتل، وفي غزة ولبنان», وبات الاحتلال يدرك انه ليس من السهل اخماد المقاومة في الضفة وبات الهدف منع تمددها.
ويبدو ان «إسرائيل» تعيش حالة من الهوس الأمني الذي يربك الحكومة ويجعلها تتخبط في قراراتها, ما بين الحديث عن استخدام الطائرات في استهداف المقاومين, والحديث عن تسليح اجهزة امن السلطة لكي تمسك بزمام الأمور, وزيادة التعاون والتنسيق الأمني معها, والتهديد بعملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية المحتلة ومعارضة البعض الاخر لذلك, وقد ذكرت وسائل إعلام عبرية، بأن قوات جيش الاحتلال رفعت حالة التأهب القصوى في جميع أنحاء كيان الاحتلال مع حلول ما يسمى بـ»عيد الغفران» وأنه « تم فرض حالة التأهب القصوى، بعد ورود أكثر من 80 إنذارا عن احتمال وقوع عمليات فلسطينية», تقديرات ما تسمى بالمؤسسة الأمنية «الإسرائيلية» تخشى من تنفيذ عملية عسكرية واسعة في جنين، خوفاً من إشعال النار مع قطاع غزة. ووفقاً للقناة العبرية، فإن جيش الاحتلال لديه مخططات لتنفيذ عمليات أوسع داخل جنين، بطريقة أوسع وأعمق وهذه خطوة قد تؤدي إلى إشعال النار في غزة، خاصة مع تهديدات فصائل المقاومة الفلسطينية، وتصريحات الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين القائد زياد النخالة، الذي قال اننا لن نقف صامتين ومكتوفي الايدي امام جرائم الاحتلال في جنين والضفة الغربية، لذلك وحسب قناة كان العبرية فقادة الجيش الصهيوني ما زالوا يدرسون تداعيات كل الاحتمالات. ويعتقد جيش الاحتلال أنه سينفذ عمليات أقل حجماً من العمليات واسعة النطاق لكنها فعالة، وتؤدي ببطء إلى إحباط العمليات المخطط تنفيذها، وهذا معناه ان عمليات التوغل داخل المدن والمخيمات في الضفة ستبقى مستمرة، وهذا له تداعيات خطيرة على السلطة الفلسطينية التي يجب عليها وقف التنسيق والتعاون الأمني مع الاحتلال، وعلى الفصائل التي ارست معادلات جديدة وفرضتها بالقوة على الاحتلال.
ما تسمى بالمنظومة الأمنية الإسرائيلية مشغولة بعدة معضلات في ظل التصعيد الأمني والهجمات المستمرة، واي قرار تصعيدي فيه مخاطرة كبيرة ولم يعد اجتياح المدن والمخيمات امرا سهلا كما كان سابقا, فما يسمى بقائد قوة المستعربين الذي شارك في عملية اغتيال الشهيد عبد خازم في مخيم جنين قال ان تفجير العبوات كان مشابهاً للهزة الأرضية، حيث وصلت شظاياها وموجتها الارتدادية للمقاتلين في الدائرة الثانية والذين تموضعوا على مسافة تبعد نحو 30 إلى 40 متراً من المنزل, بينما حذّر مسؤولون أمنيون صهاينة من أنّ خلايا مسلّحة في الضفة الغربية تحاول تنفيذ “هجمات إستدراج” لجعل القوّات الإسرائيلية تقوم بملاحقتها، للوصول إلى كمين يحضر فيه مسلحون آخرون, لذلك، طُلِب من الجهات الاستخباراتية، والمقاتلين في الميدان توخّي الحذر واليقظة في مثل هذا النوع من السيناريوهات, ونقلت تقارير إسرائيلية عن مصدر أمني تقديره أنّه لا جدوى حالياً من القيام بعملية واسعة مع حضور كبير. التقارير أشارت إلى أنّه في المؤسّسة الأمنية والعسكرية يوجد خشية من دخول قوّات بشكل كبير إلى الضفة الغربية، لأنّ الأمر لن يُعقّد المشكلة فقط، بل سيؤدّي إلى مزيد من التحريض. وأضافت التقارير أنّهم في المؤسّسة السياسية أيضاً لا يحبّذون توسيع العملية، بسبب الخشية من أن يتسبّب ذلك باحتدام الوضع على الأرض، ويبدو ان «إسرائيل» باتت تدرك ان الاستهداف والقتل والاجتياحات غالبا ما تؤدي الى تأجيج الأوضاع وزيادة «التوتر» وانهم كلما أرادوا اخماد المقاومة في الضفة ازدادت اشتعالا, وتوسعت وتمددت الى مناطق أخرى, وانه بات لزاما عليها ان توكل بعض المهام المباشرة لأجهزة امن السلطة كي تقوم بفعل الجرم نيابة عنها, فهل تنصاع الأجهزة الأمنية لرغبات «إسرائيل», ام تنحاز الى شعبها الفلسطيني؟!.