غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

"عبد الله السمك" قائدٌ ترك بصماته في كل الميادين

الشهيد عبدالله السمك.jpg
شمس نيوز - غزة

إن الأحرار في وطننا لا يسعنا الحديث أو حتى الكتابة عنهم، فمن أين نبدأ وبِمَ نتحدث عن هؤلاء العظماء الذين نذروا أنفسهم وجهودهم وأوقاتهم في سبيل الله.

نقف اليوم لنسرد حياةَ مَن عاشوا لأجل الله، وقدموا في صفحات المجد أروع مثال، وسطروا أسماءهم في قواميس العز والفخار، إنهم الجنود المجهولون الذين يعملون باتقانٍ وصمت خلف الكواليس وبعيداً عن الأضواء، مستبشرين بقوله تعالى:" وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ".

نتحدث عن الذين صدقوا الله فصدقهم، ورضوا عنه وأرضاهم، عن القائد الجهادي عبد الله السمك.. رجل المهام الصعبة، وصاحب العقلية الفذة والخبرة الواسعة في الاستخبارات العسكرية والإعلام الحربي في سرايا القدس.

يصادف اليوم الاثنين الموافق 3- 10 الذكرى السنوية الأولى لرحيل القائد "عبد الله نهاد السمك"، نائب عضو المجلس العسكري ومسؤول الإعلام الحربي في المنطقة الشمالية، والذي توفي متأثراً بإصابته بفيروس كورونا، بعد مشوارٍ جهادي مشرّف وبصمات ستبقى حاضرة عند كل صولة.

ميلاد القائد

ولد الشهيد القائد عبد الله نهاد السمك (أبو جهاد) في الرابع من شهر سبتمبر للعام 1982م، في تل الهوا بمدينة غزة، وتفتَّحت عيناه على الحياة وسط أسرة مؤمنة محافظة، ربَّت أبناءها في بيوت الله على تعاليم الإسلام الحنيف وحب الجهاد والوطن.

تزوج الشهيد القائد عبد الله من فتاة ذات أخلاقٍ عالية، فكانت له عوناً في حياته اليومية والجهادية، وأقرَّ الله عينهما بخمسة من البنين والبنات.

تلقى شهيدنا القائد تعليمه الابتدائي والإعدادي في مدرسة أنس بن مالك، والثانوي في مدرسة الكرمل، وبعد تفوقه في الثانوية العامة انتقل لإكمال مسيرته التعليمية في جامعة الأزهر قسم المحاسبة.

صاحب الأخلاق العالية

كانت علاقة شهيدنا "أبو جهاد" بوالديه علاقة وطيدة، وكان حريصاً على مساعدتهم ونيل رضاهما، وعُرِف شهيدنا بعطفه وحنانه على إخوته وحرصه الشديد على راحتهم وإسعادهم، فكان وجوده يُضيف أجواء الفرح والسعادة بينهم وفي قلوبهم، وكان حنوناً على زوجته وأبنائه محباً لهم، حريصاً على صقل شخصية الرجولة والاعتماد على النفس لدى أبنائه.

ويُشهد للقائد أبو جهاد في منطقة سكانه بسمو أخلاقه وجميل صفاته، وعلاقاته الحسنة مع جميع أهل منطقته الذين أكنوا له الكثير من الحب والود والاحترام، فكان يقدم يد المساعدة والعون لكلِّ من يحتاج إليه دون أن يطلب منه، ويقف بجوارهم في أحزانهم وأتراحهم.

في صفوف الجهاد والمقاومة

تفتَّحت عينا الشهيد القائد عبد الله السمك على صور الاعتداءات والجرائم الصهيونية على أبناء الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده، وهو ما أثرَّ في شخصيته وزرعَ بداخله حب الالتحاق بصفوف المجاهدين للثأر لأبناء شعبه والدفاع عنهم.

فمنذ نعومة أظافره، قرَّر شهيدنا القائد عبد الله الانتماء إلى مشروع الجهاد والمقاومة فكان خياره الذي انتمى إليه هو الالتحاق بصفوف حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، فبرز في صفوفها وأصبح من أبنائها الفاعلين وبرز نشاطُه بالعمل الطلابي، والعمل السياسي، والتزم في الأسر الدعوية التربوية التي تنظمها الحركة، وكان يدعو إخوانه إلى الالتزام ونصرة دين الله عز وجل، والثبات على الحق والدين.

ولم يَرُق لشهيدنا أبو جهاد أن يكون في صفوف القاعدين المتخلفين عن الجهاد، فألحَّ على إخوانه في حركة الجهاد الإسلامي أن تتسنى له الفرصة للالتحاق في صفوف سرايا القدس، فكان له ما أراد.

ومنذ التحاقه في صفوف السرايا تلقى القائد أبو جهاد العديد من الدورات العسكرية والأمنية والتي جعلت منه مجاهداً صلباً صامتاً، وشارك في العديد من المهمات الجهادية خاصة الرباط على الثغور مع إخوانه المجاهدين، كما شارك شهيدنا في صد العديد من الاجتياحات على حي الشجاعية وتل الهوا والصبرة، كما شارك في إطلاق العشرات من صواريخ القدس وقذائف الهاون تجاه المدن والمغتصبات المحتلة.

وتدرج شهيدنا القائد عبد الله في العمل العسكري، فكان في بداية انضمامه مجاهداً في كتيبة تل الهوا والصبرة، ثم انتقل ليكون مسؤولاً عن مجموعة من المجاهدين، وتدرج في العمل العسكري حتى تولى قيادة سرايا القدس في كتيبة تل الهوا والصبرة.

ونظراً لعقليته الفذة وشخصيته الصامتة وعمله السِّري، كلَّفته قيادة السرايا للعمل في وحدة الاستخبارات العسكرية، فأحدث فيها نقلة نوعية، وكانت بصماته واضحة في توجيه رسائل التهديد لقادة وجنود العدو الصهيوني خلال معركة السماء الزرقاء عام 2012م.

وبعد ارتقاء الشهيد القائد رامز حرب، تولى شهيدنا أبو جهاد قيادة الإعلام الحربي بلواء غزة، وتدرج في الوحدة حتى تولى مسؤولية المنطقة الشمالية في الإعلام الحربي وتكليفه نائباً لعضو المجلس العسكري لسرايا القدس.

وخلال عمله في الوحدة أحدث نقلة نوعية عبر عقليته المتقدمة وخبرته الواسعة التي راكمها عبر سنوات طويلة من العمل الجهادي المقاوم، فعمل برفقة إخوانه على تطوير العمل الإعلامي المقاوم.

في الميدان

كان الشهيد القائد عبد الله حاضراً في كافة ميادين المواجهة برفقة مجاهدي الإعلام الحربي، لا يغادرهم لحظة واحدة، فكان دائماً ما يقول: "أينما يكون الجندي فلا بُدَّ أن يجد القائد بجانبه"، أسوةً بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الذي كان دوماً في مقدمة الجيش، لأن وجود القائد في المقدمة يبعث الثقة والطمأنينة في قلوب المجاهدين، ويقوي الحافز الجهادي في نفوسهم، وهو عامل مهم حتى يستبسلوا في العطاء والتضحية والبذل والجهاد، وهو واحد من أهم عوامل الانتصار في المعارك.

بصمة في كل ميدان

لم تقتصر بصمات الشهيد القائد أبو جهاد في نطاق العمل العسكري فحسب، بل كانت له بصمات واضحة في العمل الدعوي والخيري والإنساني، فكان ممن وضعوا حجر الأساس لبناء مسجد "عائشة أم المؤمنين" في منطقة تل الهوا، وكان يشارك إخوانه في أعمال البناء ويُوفِّ لهم ما يحتاجونه.

كما عمل قائدنا على تأسيس تكيات الخير لمساعدة المحتاجين في منطقته، وكان حريصاً على وصول المساعدات إلى من يستحقونها.

بعض من بأس القائد

كان للقائد أبو جهاد بصمة واضحة في العديد من العمليات والمعارك التي خاضتها سرايا القدس ضد العدو الصهيوني، فكان برفقة قائد أركان المقاومة الشهيد بهاء أبو العطا في غرفة العمليات المُكلَّفة بالرد على الجرائم الصهيونية ضد المتظاهرين السلميين في مسيرات العودة، إضافةً إلى أنه كان "ركن الإعلام" في عملية قنص الجندي الصهيوني شرق المحافظة الوسطى بتاريخ 22-1-2019م أثناء اعتدائه على أبناء شعبنا، برفقة الشهيد القائد أبو العطا.

كما كان ركناً من أركان غرفة عمليات السرايا خلال المعارك التي خاضتها، وصاحب بصمة كبيرة في بث الرعب في قلوب الصهاينة من خلال بث المقاطع الإعلامية التي تُوضح قوة صواريخ المقاومة ومدياتها وحجم التأثير الذي تُنتجه، والتي كان أبرزها منظومة "صواريخ البدر" التي أدخلتها السرايا للخدمة العسكرية في معركة حمم البدر عام 2019م.

رحيل القائد

في الثالث من شهر أكتوبر للعام 2021م، كانت فلسطين على موعد مع رحيل القائد عبد الله السمك إثر إصابته بفيروس كورونا.

رحل القائد (أبو جهاد) كما رحل من قبله القائد خالد بن الوليد على فراش المرض، والرابط بين الرحيلين، أنهما رحلا بعد رحلة جهادية طويلة أثخنا فيها بأعداء الأمة، رافعين رايات الحق والعدل خفاقةً.

فسلام لروحك الطاهرة يا أبا جهاد.. وعزائنا فيك أنك حيٌّ عند مليك مقتدر في أرواح طير خضر، وإن رحلت جسداً فذكراك الطيبة وسيرتك العطرة باقية في القلوب والمقل.