لقد كان الحشدُ مهيباً، لقد كان المشهدُ حافلاً، لقد كان المشهدُ مزدحماً بالجماهير الفلسطينية والعربية التي احتشدت في خمس ساحاتٍ لتجدد العهد والبيعة للمقاومة في ذكرى انطلاقة حركة الجهاد الإسلامي الـ35، التي يرون فيها الحركة التي تنتهج الخيار الأقدر على تحرير البلاد والعباد من دنس الإسرائيليين.
الزحف الجماهيري الهادر قدم رسالة (استفتاء شعبي) تؤيد المقاومة وتفديها، وتقاوم العدوان، والحصار، والاستيطان، والتنسيق الأمني، وهو حشد أبرق بعديد الرسائل ليس (لإسرائيل) وحدها، بل لكل الأحلاف التي تقف في خندق الشر مقابل خندق الحق.
الجهاد الإسلامي وعلى لسان أمينها العام القائد زياد النخالة قدمت رؤيتها السياسية، والميدانية، الوطنية الجامعة، الرؤية التي تضمن إدامة الصراع حتى التحرير، بكل السبل، والأدوات، والقدرات الممكنة، الرؤية التي تقوم على وحدة الحال الفلسطينية؛ فلا فرق بين غزة، ولا القدس، ولا جنين، ولا الخليل، ولا عكا، ولا الجليل.
استفتاء شعبي
يرى الكاتب والمحلل السياسي عرفات عبد الله أبو زايد أن المشاركة الجماهيرية الحاشدة في مهرجان الانطلاقة الجهادية الـ35، لحركة الجهاد الإسلامي، والذي حمل عنوان "طريقنا ماض حتى القدس"، تحمل عدة رسائل مهمة.
وقال أبو زايد لـ"شمس نيوز": "هذه الجماهير أكدت أنها وفية لحركة الجهاد الإسلامي، كما أن هذه المشاركة تحمل رسالة مشتركة، ترسلها الحركة -التي لتوها خرجت من معركة وحدة الساحات- لأكثر من جهة، ورسالة لشعبنا ولجماهير أمتنا العربية والإسلامية بأن هذه المقاومة ستبقى متواصلة، وستبقى محافظة على هذا النهج حتى التحرير".
وأضاف "جماهير شعبنا خرجت اليوم لتؤكد تمسكها بالمقاومة، رغم كل عمليات الاعتقال، والاغتيال، والقتل، والتصفية، وأنها ستبقى ماضية معها حتى القدس".
وأشار إلى أن من بين تلك الرسائل رسالة للعدو أن معركة وحدة الساحات لم تثنِ المقاومة، ولا حركة الجهاد الإسلامي، ولا سرايا القدس عن مواصلة جهدها نحو التحرير، أو الرد على الانتهاكات الصهيونية كافة.
وتابع أبو زايد: "الرسالة التي أرادت الجماهير الفلسطينية إبراقها لحركة الجهاد الإسلامي، من خلال هذا المهرجان، هو التأكيد على خيار المقاومة وخيار الجهاد الإسلامي، والخيار الذي خاضت من أجله معركة وحدة الساحات، وتأكيد على كل ما تحمله الجهاد الإسلامي من أفكار ومعتقدات تخص القضية الفلسطينية".
رسالة وأكثر من رسالة
بدوره، اعتبر الكاتب والمختص في الشؤون السياسية قسام الزعانين، أن مشاركة الجماهير العربية في ذكرى الانطلاقة الـ35 لحركة الجهاد الإسلامي، تحمل دلالات كبيرة ومهمة.
وقال الزعانين لـ"شمس نيوز": "أول هذه الدلالات هي أن الصراع عاد من جديد وبشكله الصحيح، إذ عاد الصراع إلى أبجدياته الأولى والصحيحة، وهي أنَّ هذا الصراع صراع فلسطيني، عربي، إسلامي، بعد أنْ حاول الاحتلال فلسطنة الصراع، وبدأت هذه المعادلة بالتلاشي بفعل المقاومة، وأصبحنا نشاهد الصراع عاد للتحول إلى عربي إسرائيلي".
وأشار إلى أن الفلسطينيين بحاجة لعودة فلسطين لحاضنتها الجماهيرية العربية، مضيفًا "أن تقام الاحتفالات بذكرى الانطلاقة لحركة الجهاد الإسلامي في صنعاء، ودمشق، وبيروت، وجنين، وغزة، يشير لأهمية ومكانة فلسطين والقدس في الوجدان العربي".
ورجَّح الزعانين انضمام ساحات أخرى، كالعراق، وإيران، وغيرها من الساحات التي تؤيد المقاومة ومحورها، وتعبر بكل فخر واعتزاز عن أهمية ومكانة فلسطين والقدس.
وتابع "الرسالة الأهم في هذا الاحتفال، أن هذه الجماهير خرجت في الدول العربية؛ لتعبر عن غضبها أمام الانهيار الرسمي العربي أمام كيان الاحتلال، هذه الجماهير تقول وبكل عنفوان، وتخرج في وجوه المطبعين أن هذه الغدة السرطانية لا مكان لها في قلب أمتنا العربية الإسلامية".
وبحسب ما يرى الكاتب الزعانين فإن أهم ساحة يمكن الحديث عن مشاركتها في هذا المهرجان هي ساحة الضفة الغربية، ومنطقة جنين.
وأرجع ذلك إلى أن هذه المنطقة تحديدًا محاصرة من كل مكان، ويسعى الاحتلال من خلال عملية كاسر الأمواج، متابعًا "رغم ذلك انحازت جماهير الضفة وجنين لخيار كسر إرادة العدة، وتأييد المقاومة".
وذكر الزعانين أن هذه الجماهير اليوم تؤكد انحيازها للقدس والمقاومة، وللقضية الفلسطينية، مكملًا "بدأنا نلاحظ أن هذه القضية بدأت تعود للشعوب العربية والإسلامية، في كل مكان".
وأردف حديثه "اليوم شاهدنا كيف خرجت هذه الجماهير لتحتضن عوائل الشهداء، وتحمل صورهم، وتعبر بكل فخر واعتزاز بخطاباتها بكل مكان، عن دور المقاومة وأهميتها، وأنها خيار استراتيجي في وجه الاحتلال".
وختم الزعانين "الجماهير خرجت اليوم لتقول إنه لا مجال للتعامل مع الاحتلال في أي مكان لا في فلسطين، ولا في الدول العربية، هذه المؤشرات التي يحاول الإسرائيلي إعادتها من جديد عبر زيارات فلسطينية إلى واشنطن، وغيرها، اليوم الجماهير أكدت أن العودة لمثل هذه الخيارات هي عودة لسراب، ووهم من جديد وأن الخيار هو خيار المقاومة لدحر الاحتلال".
رسالة الزحوف الهادرة
من ناحيته، وصف معن بشور رئيس المركز العربي الدولي للتواصل والتضامن اليوم الخميس، الحشود المشاركة في مهرجان الانطلاقة الجهادية المباركة التي أقامته في مناطق خمس بأنه استفتاء بكل معنى الكلمة يعبر عن مكانة فلسطين والمقاومة.
وقال بشور في تصريح صحفي أعقب مهرجان الانطلاقة الجهادية الـ35 الذي أقيم في المناطق الخمس غزة وجنين واليمن ولبنان وسوريا: إن المشاركة في المهرجان استفتاء بكل معنى الكلمة لا يعبر فيه المحتشدون عن أنفسهم بل عن ضمير أحرار العالم في كل مكان.
وأكد بشور، أن حركة الجهاد الإسلامي ابتدعت هذه المكانة بشهيد تلو الشهيد، وعملية بطولية تلو العملية، فباتت فلسطين لها مكانة خاصة عند كل أحرار العالم.
وأضاف :" نرى اليوم اليمن بكل شعبه جاهزا في كل الساحات؛ لينتصر لفلسطين، كما أن كل أبناء أمتنا العربية هم جاهزون لمشاركة حركة الجهاد الإسلامي احتفالها".
وأحيت حركة الجهاد الإسلامي ذكرى انطلاقتها الـ35 في الساحات الخمس (سوريا – لبنان – اليمن – غزة - جنين) والتي تصادف يوم السادس من أكتوبر 2022، تحت عنوان "قتالنا ماضٍ حتى القدس"، فيما حمل شعار الانطلاقة خارطة فلسطين، يعلوها فوهة بندقية فوق الرقم 5، وصاروخ فوق الرقم ثلاثة، في إشارة إلى خيار المقاومة.