شمس نيوز/القاهرة
ما زالت تبعات التوقيع الكارثى على "ميثاق المبادئ" الخاص بسد النهضة الإثيوبى تلقي بظلالها السيئة على المصريين، التى لم تقتصر على تهديد أمن مصر المائى فقط، بل طمس هوية مصر الزراعية، مخلفة كوارث للأجيال القادمة.
ستتولى الدولة الإثيوبية الريادة السياسية والزراعية على حساب مصر؛ نظرا لأن السد يوفر مساحة من الأراضي الخصبة والصالحة للزراعة والمقدرة بمليون و500 الف فدان لاستخدامها في إنتاج ما ستعجز مصر عن إنتاجه من محاصيل بعد أن انتهكت إثيوبيا حقوق مصر التاريخية من مياه النيل.
قال الدكتور نادر نور الدين، أستاذ الموارد المائية بزراعة القاهرة، إن إثيوبيا طالبت في فترة سابقة البنك الدولي بإصدار سندات تمويل لسد النهضة بضمانه، لكن البنك رفض حتى التوافق مع مصر أولا، مضيفا: "الآن من الممكن أن يصدر البنك الدولي هذه السندات على اعتبار أنه أصبح سدا توافقيا أقيم بالتراضي بين مصر وإثيوبيا والسودان، كما أن الإمارات فقد وعدت بأن تحل محل الصين في تمويل السد بقيمة تقدر بـ 5.5 مليار دولار، لكنها توقفت مؤقتا بعد 30 يونيو، وتواجدها في مؤتمر توقيع الوثيقة يعني أنها قد تعيد التمويل المتوقف للسد".
وأوضح "نور الدين" أن الإثيوبيين يدعون كذبا أن السد مقام فقط لتوليد الكهرباء، حيث ينص البند الثاني من ميثاق المبادئ على أن السد لتوليد الكهرباء والتنمية الاقتصادية، لافتا إلى أن النشاط الاقتصادي يشمل استصلاح أراضي وإقامة مصانع وتجمعات سكنية وتجارية، خاصة أن السد سيعمل على توفير ما يقرب من 1.5 مليون فدان صالحة للزراعة تستلزم نحو 9 مليار متر مكعب سنويا للري؛ لأن المنطقة شديدة الحرارة ولا يوجد بها أمطار، متابعا: "كان لزاما على المفاوض المصري التنبه لذلك البند الذي يمثل تهديدا لأجيالنا القادمة، فكان ينبغي حذف هذه الجملة".
واستطرد أستاذ الموارد المائية: "حتى الآن لم يتم الإعلان عن الدول التي ستستصلح تلك الأراضي، إلا أن هناك بعض الدلائل والتكهنات تشير بقوة إلى أن إسرائيل ستستغل الفرصة، حيث تتواجد إسرائيل بالفعل في إثيوبيا من خلال استصلاح 400 ألف فدان، كما أنها ستنشئ 50 % من شبكة الكهرباء الخاصة بالسد"، كاشفا عن احتمالية توجه السودان للاستثمار الزراعي بإثيوبيا، إضافة إلى دول "قطر، وتركيا، والصين، والسعودية".
من جانبه، قال الدكتور زكريا الحداد، الخبير الزراعي، إن استغلال السد اقتصاديا في مشاريع زراعية يعني حرمان مصر والسودان من المياه، وتهديدهم زراعيا، الأمر الذي يؤكد أن هناك مؤامرة وخطة ممنهجة لإضعاف مصر اقتصاديا، لافتا إلى أن مصر ستفقد قدراتها على تغذية شعبها الذي يصل تعداده إلى 90 مليون نسمة، الأمر الذى يهددنا بالمجاعات كالصومال.
وأكد "الحداد" أن هناك خللا في أولويات الحكومة المصرية واستراتيجيتها، بدليل أن معظم المشاريع التي تم طرحها بالمؤتمر الاقتصادي فى شرم الشيخ كانت بعيده كل البعد عن المشاريع الإنتاجية، في ظل استيرادنا أكثر من 80 % من غذائنا من الخارج.