غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

أم المعارك والخطأ الاستراتيجي ورسائل التبختر

محمد مشتهى
قلم/ د. محمد مشتهى

في لقائه عبر قناة الميادين، ربما نحتاج لأكثر من مقال كي يتم تناول ما تحدث فيه الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي القائد زياد النخالة، لكن في هذه المقالة نتناول وصفه لمعركة وحدة الساحات ب"أم المعارك" لما شكلته من محطة مهمة وفارقة في تاريخ الحركة، وأيضاً إعتباره لوقف إطلاق النار الذي جرى في معركة وحدة الساحات بعد 55 ساعة من القتال بأنه "خطأ" إستراتيجي يسجله على نفسه، وكان بإمكان الحركة الإستمرار بالقتال لأسابيع مقبلة...إنتهى

هذا التصريح بتقديري له دلالتين:

أولاهما: الشجاعة التي يتسم بها الأمين العام وعلى الهواء مباشرة في تحمله شخصياً للخطأ حتى لو كان إستراتيجياً، وتلك هي أبرز صفات القائد المسلم الشجاع، وعملاً بقول الله تعالى: (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ) {النساء: 79}.

ثانيهما: هي رسالة كبرباء بلا تكبر ورسالة قوة للعدو الصهيوني، وهي بمثابة إعلان صريح بأن سرايا القدس كان لديها القدرة والإمكانيات للإستمرار في المعركة، وربما لو طال أمدها لشاهدَ العدو قدرات ومفاجآت أكثر.

لم تخلُ لقاءات الأمين العام خصوصاً تلك التي على الهواء مباشرة من رسائل التبختر المذلة للعدو، فتارة يأمر مقاتلي سرايا القدس على الهواء مباشرة بضرب "تل ابيب"، وتارة أخرى وعلى الهواء مباشرة يفاوض العدو ويفرض شروط المقاومة قبل وقف إطلاق النار، وها هو أيضا وعلى الهواء مباشرة وبرسالة قوية مهينة للعدو يقول بأنه أخطأ في وقف إطلاق النار، يعني بالعامية: وقف إطلاق النار كان بدري وكان لازم نضل نضربكم أكثر.

هناك مشية التبختر إشتهر فيها أبو دجانة "رضي الله عنه" حيث قال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها لمشية يبغضها الله إلاّ في مثل هذا الموطن، أيضا هناك رسائل التبختر، وما أشبه أبا طارق اليوم بأبي دجانة الأمس.

في العاشر من أكتوبر من عام 2017 حلَّ أبا طارق ضيفا على قناة الميادين بصفته نائباً للأمين العام آنذاك، حيث قال في لقائه: يوجد في حركة الجهاد الإسلامي ما هو ثابت وما هو متغير، الثابت هي المبادئ والمتغير في المواقف والمسارات، الثابت هو فلسطين من النهر إلى البحر، وعدم الاعتراف بالكيان الصهيوني، ووحدة الشعب الفلسطيني بالداخل والشتات، والحق في المقاومة حتى تحرير فلسطين، والمتغير هو المواقف ومن يقترب من الثوابت نقترب منه ومن يبتعد نبتعد عنه، ونحن في الجهاد الاسلامي فتحنا شبكة علاقات واسعة مع الدول والأحزاب ونقترب منها بقدر قربها من الثوابت، وأضاف أن الجهاد الإسلامي يميز بين العدو والصديق، ولو راجعنا كل لقاءاته وتصريحاته لوجدنا أن لغة أبا طارق منسجمة مع منطلقات ورؤية وأهداف حركته، لوجدناه حاملاً القضايا الوطنية، يمتاز بالوضوح والصّدق، إجاباته بسيطة وتلقائية وقريبة من قلوب عامة الناس، لا يخجل من تحالفاته، ولا يتبنى انجازاً ليس له، يعترف بانجازات من سبقه ولا يذكر انجازاته، لغته ليس فيها الأنا، يتحدث عن المخاطر بطبيعة هادئة وواثقة حتى أن مقدّم البرنامج غسان بن جدو قال له مستغرباً: أنت تتكلم عن أشياء خطيرة جداً لكنك تبدو هادئاً!!!

كان لائقاً عليك يا أبا طارق أن تحمل درع الأبطال أيها البطل

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".