مثل كل الأفكار النبيلة، هناك جدل دائم بين صدق الفكرة وفعاليتها، فعندما يُطلق شعار ويكون هذا الشعار صادقاً وواقعياً ونبيلاً، فإنه يحتاج إلى تفعيله ليصبح واقعا متحركا يمشي على قدمين.
إن شعار وحدة الساحات الذي أطلقه الأخ الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي على المعركة الأخيرة قد لامس أشواقنا وأرواحنا، وقد جاء ليؤكد مرة بعد مرة أن شعبنا واحد وأن قضيتنا واحدة وأن عدونا واحد، فهو الذي يُحاصر غزة وأهلها، وهو الذي يتمدد بالاستيطان في الضفة الفلسطينية فيصادر الأرض ويقتحم البلدات والمخيمات والمدن ويُدمر المنازل ويستهدف الأبطال بالقتل والاعتقال والتعذيب وهو الذي يرتكب كل أشكال القهر والعربدة بحق أسرانا البواسل، وهو الذي يمارس أعلى درجات العنصرية ضد شعبنا في فلسطين المحتلة عام 1948، وهو المسؤول عن تشريد الملايين من أبناء شعبنا في الشتات.
إن شعار وحدة الساحات كان شعاراً عبقرياً رغم بساطته ووضوحه، ولعلّ عظمته تكمن في بساطته ووضوحه، فإلتقاط الشعار لم يكن شيئاً عادياً، بل كان إستثنائياً بكل ما تعني هذه الكلمة من معنى، ولا تقل أهميته عن الشعار الذي أطلقته حركة الجهاد الإسلامي بإعتبار أن فلسطين هي القضية المركزية للحركة الاسلامية وللأمة الاسلامية كذلك، حتى تحوّل هذا الشعار أقرب للنشيد الوطني يردده الجميع، وبنفس القدر فإن شعار وحدة الساحات قد التفَّت حوله جميع القوى والفصائل الفلسطينية، حيث تناوله المفكرون والمثقفون بالشرح والتوضيح ما بين كثرة مؤيدة وما بين قلة قليلة تغمز هنا وتلمز هناك، كل ذلك لا يزيد هذا الشعار إلا بريقاً وإلتفافاً حوله، فالكل يدعو إلى ترجمته على أوسع مدى وتفعيله ووضعه على سلم أولويات الحركة الفلسطينية المجاهدة.
هنيئاً لحركة الجهاد الإسلامي ولأمينها العام في إطلاق هذا الشعار على معركتها الأخيرة، والذي تعمَّد بدماء قادتها وفرسان سراياها وأبطال شعبنا شهداء وجرحى.
هذا الشعار الذي يعزز كل يوم أن فلسطين ساحة نضال وجهاد واحدة وأن دمنا واحد وأن قضيتنا واحدة وأن الإحتلال الإسرائيلي هو عدونا ولا عدو لنا غيره.