شهد قطاع غزة خلال السنوات الماضية، حركة نشطة لتركيب ألواح الطاقة الشمسية، في ظل تفاقم أزمة التيار الكهربائي، تزامنًا مع تعرض الخدمات الأساسية لتحديات كبيرة سببت حالة من الأرق لدى سكان القطاع؛ نتيجة نقص ساعات وصل الكهرباء.
واتجهت الشركات والمصانع العاملة في قطاع غزة للاعتماد على الطاقة المتجددة (الألواح الشمسية) بدلًا من التيار الكهربائي، إذ أن انقطاع التيار الكهربائي لساعات عدة يوميًا قد أعاق وأوقف عمل بعض المصانع والشركات؛ ما أدى لارتفاع معدلات الفقر والبطالة بين سكان القطاع.
وذكر العديد من أصحاب المصانع والشركات أن الأعطال التي سببتها الحروب الإسرائيلية ضد القطاع لشبكة توزيع الكهرباء، وتأثيرها المباشر على تشغيل المصانع والشركات التجارية، دفع رجال الأعمال للبحث عما يساعدهم في تشغيل مصانعهم وشركاتهم؛ ليحافظوا على تجارتهم وأموالهم.
ياسر الحاج صاحب مزرعة أسماك ومطعم للمأكولات البحرية على شاطئ بحر مدينة غزة، اعتمد على الطاقة الشمسية بدلًا من التيار الكهربائي؛ لمواصلة عمله على أكمل وجه، لافتًا إلى أن هناك فرقاً بين تكلفة الكهرباء.
وأشار إلى أن تكلفة كهرباء الطاقة الشمسية أقل بكثير من تكلفة التيار الكهربائي الوارد من شركة توزيع الكهرباء في غزة، مبينًا أنه بحاجة إلى التيار الكهربائي على مدار الوقت؛ لحماية مشروعه التجاري.
يقول الحاج: إن الكهرباء هي العمود الفقري لمشروعه المتمثل في مزرعة الأسماك والمطعم"، مشيرًا إلى أن اعتماده الكامل على الطاقة البديلة؛ لتوفير الأوكسجين للأسماك، بالإضافة إلى سحب المياه وضخها من البحر".
وذكر الحاج بأنه كان يدفع 150 ألف شيكل شهريا (نحو 44 ألف دولار) لشركة الكهرباء؛ ما شكل عبئَا ضخمًا على المصاريف التشغيلية لشركته؛ لذلك بحث عن حل لتخفيف الاستهلاك الشهري.
لم يجد الحاج أمامه سبيلًا إلا بتركيب الطاقة البديلة (ألواح شمسية) قائلًا: "أصبحت أدفع فقط 50 ألف شيكل شهريًا"، وشكل هذا الأمر فارقًا كبيرًا في حياة الحاج الذي استفاد من المبلغ بتطوير مشروعه.
ويرى العديد من رجال الأعمال بأن عدم وجود حلول فعالة من الحكومة لإنهاء أزمة التيار الكهربائي، وغياب الأجسام الاقتصادية القادرة على الاستثمار في مجال الطاقة، دفع بعض المنظمات الأجنبية والدولية للمساهمة في تشييد منشآت الطاقة الشمسية على أسطح المباني والشركات بمساعدة من رجال الأعمال وبعض المقاولين.
ويعتقد رجال الأعمال بأن قلة تكلفة تركيب الألواح الشمسية أو (الخلايا الشمسية) ساهمت بالإسراع بإدخال هذا المجال إلى قطاع غزة، وهذا واضح من خلال اعتماد نحو 20% من المنازل على الطاقة الشمسية، وفقًا لمجلة الطاقة والاستدامة والمجتمع.
واستثمر بعض رجال الأعمال، اعتماد أصحاب الشركات والمصانع والمطعام والمحال التجارية على الألواح الشمسية، إذ قال المهندس شهاب حسين، من شركة MegaPower المحلية: "خلال العامين الماضيين تحول رواد الأعمال إلى الطاقة الشمسية؛ لأنها توفر المال، وهي استثمار مربح".
ولفت إلى أن سعر تركيب الألواح الشمسية يصل إلى 1000 يورو كحد أدنى حسب عدد الألواح الشمسية، قائلًا: "يمكن استخدام الألواح الشمسية لسنوات عدة بشرط تغيير البطاريات مرة واحدة خلال سنتين أو ثلاث سنوات".
يُشار إلى أن أزمة التيار الكهربائي في قطاع غزة بدأت عام 2006، حينما قصفت "إسرائيل" محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع، عقب عملية أسر الجندي جلعاد شاليط؛ ما أدى إلى توقفها عن العمل بشكل كامل؛ لكن الاتحاد الأوروبي تكفل عام 2009 بإصلاحها، وعادت إلى العمل جزئياً، ومنذ ذلك الوقت، أصبح القطاع يعاني بشكل مستمر عجزاً جزئياً في الطاقة.
ويُدار ملف الكهرباء في غزة من قبل ثلاث جهات وهي: (سلطة الطاقة - شركة توليد الكهرباء - شركة توزيع الكهرباء)، فيما يعمل المسؤولون عن توزيع التيار، وفق جداول ثابتة، إذ يقسمون القطاع إلى مناطق صغيرة، ويرسمون جدولاً لوصل الطاقة، بحيث يكون عدد ساعات الفصل نحو 20 ساعة في وقت الذروة.
ويعد انقطاع التيار الكهربائي أمرا روتينيا بالنسبة لسكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، إذ تصل ساعات الانقطاع لأكثر من 12 ساعة يوميا، بحسب بيانات للأمم المتحدة.
وتضطر المصانع، خلال انقطاع التيار الكهربائي في المنطقة الصناعية بقطاع غزة، لإيقاف العمليات، وتقليص الإنتاج، وتقليل ساعات العمل المدفوعة، أو توليد الكهرباء باستخدام مولدات الديزل الخاصة؛ ما يتسبّب بانبعاثات ضارة.
وفي ذات السياق فإن أزمة التيار الكهربائي سببت كوارث مختلفة، من بينها وفاة نحو 30 طفلًا وفقًا لبعض الإحصائيات (غير الحكومية) إذ حُرق العديد من المنازل لأسباب مختلفة: إما لاستخدام الشموع، وإما لماس كهربائي مفاجئ.
أم رائد أبو عميرة تعيش في بيت من الصفيح بمدينة خان يونس تقول: "نعاني معاناة شديدة من انقطاع التيار الكهربائي؛ فالبيت حار جدًا في الصيف، وبارد جدًا في الشتاء"، مشيرة إلى أن معاناتها متجددة لا تتوقف؛ لعدم قدرتها وزوجها على تلبية الاحتياجات الخاصة للعيش بمنزل جديد.
في السياق تعاني أبو عميرة من تلف الأطعمة؛ لعدم قدرة الثلاجة التي تمتلكها على حفظ ما فيها؛ لانقطاع التيار الكهربائي لساعات عدة؛ ما اضطرها لشراء بعض الأطعمة من السوق، إذ زاد ذلك من تكلفتها المادية بشكل كبير جدًا.