قائمة الموقع

شعبنا لن يستسلم

2022-10-20T09:40:00+03:00
مواجهات في نابلس.jpg
بقلم الأسير المجاهد/ سامح الشوبكي

بعد حصار بيروت في العام 1982م اعتقد الاحتلال الصهيوني بأنه قضى مرة وللأبد على تجمعات الثورة في الشتات، وبذلك سجل انتصاره الحاسم على الشعب الفلسطيني، ولكن أحفاد الشيخ عز الدين القسام والمجاهد فرحان السعدي والثائر عبد القادر الحسيني، وقائمة الشرف تطول، انتفضوا في داخل الأرض المحتلة وأعلنوا بسم الله ثورتهم الشاملة ضد الاحتلال ووجوده، فكانت انتفاضة الحجارة المجيدة في عام 1987م، هذه الانتفاضة الشعبية العارمة والمباركة، التي ضربت أروع صور الثبات والعطاء والعناد والشجاعة، وأوصلت رسالتها إلى الدنيا بأسرها أن شعبنا الفلسطيني لا يمكن له أن يتنازل قيد أنمله عن حقه الكامل في وطنه فلسطين، وأنه لن يستسلم مهما طال الاحتلال ومهما بلغت الأسماء.

حصل هذا قبل أن يدخل أصحاب الواقعية السياسية إلى حقل ألغام التنازلات والتسويات السلمية الواهية والوهمية، بعد أن وضعوا عذابات وتضحيات وآمال وأحلام وكفاح الشعب الفلسطيني قرابة القرن من الزمن على طاولة المزاد العلني الدولي في مقابل سقطة أوسلو وعارها التاريخي، وما هي إلا سنوات معدودة من العبث التفاوضي حتى انفجرت في العام 2000م لغم أرضي كبير وعنيف بمشروع الواقعية السياسية في أعقاب الفشل الذريع في ملهات "كامب ديفيد" مع الاحتلال، عندها قرر الشعب الفلسطيني أخذ زمام المبادرة من جديد وأشعل بسم الله شرارة انتفاضة الأقصى المباركة التي قدمت للعالم كله حقيقة الإنسان الفلسطيني المقاوم، وضربت مثلًا عظيمًا في تماسك الصف، وروعة الأداء، وغزارة التضحية، وعناد الشعب الفلسطيني وتمسكه بتطهير الوطن كل الوطن من أدران ونجاسة الاستعمار الاستيطاني الاحلالي، وأنه لن يستسلم.

ولكن خرافة ممارسة السلطة تحت حراب الاحتلال لازالت تداعب أصحاب الواقعية السياسية فأدخلوا الشعب الفلسطيني في متاهة الانتخابات في عام 2006م وما تبعها من انشغالات داخلية تناحرية سمحت للاحتلال من تقسيم الوطن إلى ساحات وتجمعات منفصلة، في التزامن قامت راعية الإرهاب العالمي (الولايات المتحدة الأمريكية) بطرح مشاريع سياسية وهمية على طاولة أصحاب الواقعية السياسية مثل خارطة الطريق وإصلاحات دايتون وتفاهمات أولمرت وأخواتها، وكلها أنتجت صفرًا كبيرًا وهذا أدى بطبيعة الحال إلى تراجع فعاليات الانتفاضة الثانية التي اثمرت تحرير قطاع غزة الذي ما توقف منذ العام 2008م عن خوض المواجهات ومراكمة التجربة والقدرات حتى اِشتد عود المقاومة فيها، وباتت بفضل الله تعالى عصية على الكسر، ورغم ضراوة الحروب التي عرفها شعبنا في القطاع المحاصر إلا أنه لم يقهر.. ولم يستسلم.

وبعد مرور عقدين من الزمن على إندلاع شرارة انتفاضة الأقصى زاد إيمان شعبنا المرابط بقناعاته وبتلك الخُلاصات التي عرفتها كل الشعوب التي وقعت تحت الاحتلال، ومفادها أن التسول السياسي لا يمنحُ وطنًا، وأن الذي لا يملك الإرادة والعزيمة على تحرير أرضه لن يكون قادرًا بحال على صنع السلام، وأن الغزاة الصهاينة بتركيبتهم النفسية والدهنية والأمنية (أي من حيث الجوهر) لن يقبلوا بالعرب في هذه المنطقة إلا حراسًا لأمنهم ومشاريعهم التهويدية وهلوساتهم التوراتية، ولن يقدموا لكم يا أصحاب الواقعية السياسية إلا سلطة بلا سلطة، ودولة بلا فلسطين، وحكم ذاتي تاركي مقطع الأوصال وبلا سيادة ولا ترابط!!

والضامن الوحيد لإجهاض مشاريع الصهيونية بحول الله تعالى هو المراهنة على هذا الشعب المبارك الصامد الصابر الذي ما رفع راية الاستسلام طوال مئة عام من المقاومة، وهو الآن يقود معالم ثورة حقيقية بالقدس وضواحيها وبالضفة الفلسطينية المحتلة ولسان حال هذا الشعب يردد من خلال كتيبة جنين ونابلس وسائر فلسطين.

لن نستسلم والله معنا

اخبار ذات صلة