على طريق مقاومة المحتل والمحاولات الدؤوبة لتمريغ أنفه في التراب والتركيز على أهداف عسكرية (الجنود) لكسر شوكته ألا وهم الجنود تم تحديد مفترق بيت ليد كهدف وكانت دماء الشهيد خالد شحادة هي البوصلة.
بعد دراسة وتدقيق لمفترق بيت ليد (الشارون) والذي يتواجد فيه العشرات بل المئات من الجنود الذين يذهبون إلى قواعدهم العسكرية بعد قضاء إجازة نهاية الإسبوع.. ولهذا تم ترتيب عملية عسكرية يقوم بها ثلاثة استشهاديين يلبس كل منهم لباس الجيش ومزود كل منهم بحزام ناسف يتقدم ثلاثتهم إلى المفترق واحدًا تلو الأخر ولظروف خاصة تأخر أحدهم وتمت العملية باستشهاديين يتلو أحدهم الأخر وأطلق عليها الإحتلال عملية بيت ليد المزدوجة؛ والتي أورثت العدو رعبًا لا يوصف وكان نتيجتها كما أعلن العدو مقتل 22 جنديًا وإصابة 66 آخرين.
ومن خلال إعلام العدو تبين كم كان وقع هذه العملية على الإحتلال واعتبرها العدو أضخم عملية في تاريخ الاحتلال؛ وقد أبكت جنرالاته وجنوده وأولهم قائد الإركان أمنن شاحاك..
في البداية اعتقد الإحتلال أن العملية عبوة ناسفة وضعها المجاهد قرب جدار المقصف وبعد أن فجرها فجر نفسه بحزام كان يلبسه، وشيئا فشيئًا اتضحت الأمور وخاصة بعد إعلان حركة الجهاد الإسلامي عن مسئوليته عن العملية وتوزيع بيانًا يوضح ذلك وفيه أسماء المنفذين الشهيدين المجاهدين أنور سكر وصلاح شاكر.
وجاء الحديث عن العملية في صحيفة هآرتس الصادرة بتاريخ 23/01/1995م في صدر الصفحة الأولى: "19 قتيلًا بإنفجار عبوتين بمفترق بيت ليد"، "الإغلاق فرض على المناطق".
في عملية الأمس صباحًا بمفترق بيت ليد (مفترق الشارون) قتل 19 شخصًا (واحد مدني والبقية جنود) وأصيب في العملية 66 بدرجات متفاوتة وضع 14 منهم خطير جدًا.
عقب العملية قرر رئيس الحكومة ووزير الأمن إسحق رابين لفرض إغلاق كامل على الضفة الغربية وقطاع غزة ويستمر الإغلاق من 8 إلى 10 أيام على الأقل حسب توصيات جهات أمنية. وبعد كتابة أسماء القتلى تستمر الصحيفة: "وصل المخرب حوالي الساعة التاسعة صباحًا لمفترق بيت ليد حيث ينتظر هناك كثير من الجنود للتوجه إلى قواعدهم العسكرية المختلفة ووضع المخرب عبوة بوزن 5 كغم تقريبًا وهو يلبس جعبة على جسمه ويحمل حزامًا ناسفًا بوزن 5 كغم.
وتابعت الصحفية: بواسطة جهاز تحكم عن بعد فجر المخرب العبوة الأولى والتي انفجرت الساعة التاسعة والثلث وأدت لمجموعة من الإصابات من بينهم قتلى وهرب المخرب من المكان وحينها لاحقه جنود كثر واقتربوا منه ففجر العبوة التي يحملها وكانت النتيجة قتلى كثر.
وتستمر الصحيفة بالحديث: معظم القتلى كانوا جنودا.. وحسب بيان وزع في القطاع إدعى الجهاد الإسلامي أن اثنين من أعضائه هم المسئولين عن العملية الإنتحارية وأشارت جهات أمنية أنهم لا يستطيعوا تأكيد أن اثنين نفذوا العملية لأنه في مكان العملية لم يجدوا سوى قطع لحم لجثمان مخرب واحد. (يشير الاحتلال هنا إلى تعاون بين الجهاد وحماس ونحن نؤكد ونحن نوثق هذه العملية عدم وجود أي علاقة لحماس بهذه العملية ونؤكد أن مهندس العملية والمعد للأحزمة هو الشهيد المهندس محمود الزطمة).
وتتحدث الصحيفة: عن دخول الحكومة الصهيونية لجلسة مغلقة موحدة عقب العملية وفي نهاية الجلسة اتخذت مجموعة من القرارات منها منع دخول العمال لعدة أيام ووقف إطلاق سراح أسرى فلسطينيين ووقف العمل في الطريق الآمن الواصل بين غزة وأريحا، والطلب من السلطة تسليم القتلة لـ "إسرائيل".
وقررت أيضًا تقوية أجهزة الأمن ووقف تقليص الموازنة في الجيش والشرطة وقررت الحكومة مواصلة عملية السلام.
وأوصى رابين بزيادة مدة الإعتقال الإداري من 6 شهور إلى سنة، وأوصى رئيس الشاباك إبعاد أبناء عائلات المخربين والساكنين في المناطق، وأوصى البعض في جلسة الحكومة بالفصل بين "إسرائيل" والمناطق.
أشار رابين أن الانتحاريين موجة جديدة كانت معروفة في لبنان فقط وصعب جدًا التعامل معها.
وواصلت الصحيفة: الجهاد الإسلامي تبنى العملية، إثنين من أعضاء التنظيم من غزة نفذوا هذه العملية.
وفي التفصيل عضوان من الجهاد الإسلامي سكان قطاع غزة نفذوا أمس العملية بمفترق بيت ليد كذلك اتضح من البيان الذي وزعه التنظيم فيه تبنى الذراع العسكري للجهاد مسئوليته عن العملية وتبين من البيان أن منفذي العملية هم من سكان رفح وغزة.. وفي البيان كُتب أن منفذي العملية أعضاء "خلية الشهيد البطل هشام حمد" من مجموعة الشهيد القائد هاني عابد.. حمد عضو الجهاد الإسلامي والذي قتل ثلاثة ضباط في العملية التي نفذها في نوفمبر إنتقامًا لإغتيال المخابرات الصهيونية للقيادي هاني عابد.
منفذي العملية هم: أنور محمد سكر 25 عامًا من حي الشجاعية وصلاح عبد الحميد شاكر 27 عامًا من محافظة رفح.
قبل توزيع البيان تبنى الشقاقي الموجود في دمشق رئيس حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين العملية وحسب وكالات الأنباء أشار الشقاقي أن العمليات الإستشهادية التي ينفذها الإسلاميون ستستمر.. وقال على الإحتلال أن يعرف أن إحتلال الأرض الفلسطينية لن يوفر لهم الأمن.
وتواصل هآرتس في ص2 تحت عنوان: "المخرب فجر نفسه قرب الجنود الذين اهتموا بعلاج أصدقائهم المصابين.
ثلاث شاحنات عسكرية بالأمس قامت بإخلاء مفترق بيت ليد من جثث قتلى العملية.. ساحة المقصف بالمفترق تحولت إلى مكان عمل لقوات الجيش والشرطة ورجال التعرف على الجثامين اهتموا بجمع الجثث وقطعها وتشخيصها شيئًا فشيئًا إمتلأت صفوف من الشيالات بجثث الجنود مغطاة ببطانيات عسكرية وهنا وهناك ظهرت أقدام وأحذية جيش من خلال الحمالات.
مئات الصحفيين والمصورين وبعثات التلفزيونات الأجنبية ومتطفلين تابعوا بصمت وبنظرات مروعة الأعمال التي تتم في المكان، ففي كل وقت تدخل للمكان حمالة بجثة إضافية اُخرجت من مكان العملية المجاور. وهتف الحضور المتطفل النداءات المعروفة (الموت للعرب).
استمرت الصحيفة في التوضيح: كما كل يوم أحد صباحًا حتى أمس تجمع المئات من الجنود في المفترق لإنتظار الحافلات. لتقلهم لقواعدهم العسكرية بعد عطلة السبت.. وحتى تصل الحافلات تجمع الجنود قرب أو داخل مقصف المفترق.. وجلسوا على حقائبهم في الساحة وشربوا مشروبات وقرؤوا صحفًا وبينهم تجول جنودًا مسلحين يلبسون سترات حماية وجعب.
وفي عنوان جديد: "الحائط هدم من قوة الإنفجار".. الإنفجار الأول حدث الساعة 09:20 صباحًا ونتيجة للإنفجار هدم الجدار الشرقي للمقصف نتيجة لقوة الإنفجار وحسب حديث شهود عيان من قوة الإنفجار نتوقع أن العبوة تزن 10 كغم طار عشرات الجنود بالهواء وسقطوا على بعضهم بعضًا عرايًا وكانوا ينادوا للمساعدة.. الجنود الجالسين في الحافلة قرب المقصف والتي تحطمت نوافذها وقفز الجنود للخارج ليقدموا المساعدة للمصابين وبعضهم أخرج من حقائبهم ضماداتهم الخاصة وحاولوا تضميد المصابين.
وتصدر الصفحة الأولى لصحيفة معاريف الصادرة بتاريخ 23/01/1995م صور القتلى مكتوب أعلاها: "19 قتيلًا و68 أصيبوا بمفترق المظليين "بيت ليد". ومكتوب بخط كبير بالأحمر "دموع الغضب".
ومن العناوين: (القبعات الحمر ملطخة بالدماء) و(الموت في الطريق إلى القاعدة).
وفي أحد الروابط: يوم الأحد بتاريخ 22/01/1995م مخربان يلبسان ملابس عسكرية فجروا أنفسهم واحدًا تلو الأخر بفارق ثلاث دقائق بمحطة سفر الجنود بمفترق بيت ليد شرق نتانيا، قتل 21 جنديًا ومدنيًا وأحدًا في العملية.
وبعد وصول رابين رئيس الحكومة وموشي شاحال وزير الشرطة إلى مكان العملية قال رابين: لقد نفذنا مئات الإعتقالات لنشطاء التنظيمات الإرهابية لكن من يعرف الواقع الجغرافي في المنطقة يعرف أن انتحاريًا واحدًا مصممًا يمكنه الوصول إلى الأراضي الإسرائيلية لتنفيذ هجوم.. لا يوجد عقاب رادع ضد المستعدين للإنتحار.
وزار رئيس الأركان أمنون شاحاك الجرحى ووعد: "الجيش سيلقي القبض على القتلة ومنفذي الهجوم في مفترق بيت ليد في أي مكان".
وأشار فايتسمان رئيس الدولة: "يلزم تعليق المحادثات مع منظمة التحرير الفلسطينية وعمل حسابات جديدة".
وفي جريدة القدس الصادرة بتاريخ 23/01/1995م عنوان في الصفحة الأولى: معظم القتلى عسكريين – مقتل 19 إسرائيليًا وإصابة 62 في عمليتين إنتحاريتين بمفترق بيت ليد - حركة الجهاد الإسلامي تعلن مسئوليتها عن الهجومين.
وفي التفاصيل: في اتصال هاتفي أجراه عرفات مع رابين أكد فيه عرفات على أن عملية بيت ليد التي أستهدفت الأبرياء الإسرائيليين هي "عمل إجرامي" يهدد عملية السلام برمتها واستمرت الصحيفة: "نقل عرفات تعازيه وتعازي السلطة لعائلات الضحايا".
ونتيجة لهذه العملية البطولية والجريئة كانت هناك بعض النتائج:
حجز جثامين الشهداء أنور سكر وصلاح شاكر؛ ومازالوا حتى اليوم.
إغتيال الشهيد محمود الخواجا قائد القوى الإسلامية المجاهدة في حينها بتاريخ 22/06/1995م.
إغتيال الدكتور فتحي الشقاقي الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بتاريخ 26/10/1995م في مالطا.
اعتقال المجاهد عبد الحليم البلبيسي بتاريخ 06/12/1995م والذي صدر بحقه الحكم المؤبد ومازال يعاني من مرارة السجن حتى الآن.
إغتيال كل من المجاهدين أيمن الرزاينة وعمار الأعرج بتاريخ 03/02/1996م وإعتقال مهندس العملية الشهيد القائد محمود الزطمة.
نترحم على الشهداء وندعو للأسرى والجثامين المأسورة بالفرج القريب.