غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

27 عامًا على اغتيال الشقاقي.. بصمات حاضرة في الوعي والثورة

الشقاقي.jpg
شمس نيوز -القدس المحتلة

يُصادف اليوم الأربعاء 26 تشرين الأول/ أكتوبر، الذكرى الـ 27 لاستشهاد مؤسس حركة الجهاد الاسلامي الدكتور فتحي الشقاقي، الذي رحل وبقيت بصماته في الوعي والثورة حاضرة تمد الثوار والمقاومين بالعزيمة والإصرار على مواصلة المشوار حتى النصر أو الشهادة.

وتأتي ذكرى الشقاقي هذا العام في ظل تصاعد وثيرة المقاومة بالضفة المحتلة، إذ سجلت الحركة التي أسسها الشقاقي قبل 35 عامًا، إنجازات ميدانية في الضفة بتشكيلها كتائب عدة في محافظات الضفة، فأصبحت الكتائب في جنين أولا، وبعدها نابلس، وطولكرم، وطوباس، كابوسًا يلاحق المحتل.

وتأتي الذكرى أيضًا بعد أشهر قليلة من معركة "وحدة الساحات" التي خاضتها سرايا القدس مع الاحتلال على مدار ثلاثة أيام ، حققت إنجازات كبيرة أهمها فرض معادلة "وحدة الساحات" وإفشال مشروع التفرد بالضفة، والقدس، وعزل غزة.

سيرة عطرة

ولد الشقاقي في مخيم رفح للاجئين عام 1951، وفقد أمه وهو في الـ 15 من عمره، وكان أكبر إخوته، درس في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية، وتخرج في دائرة الرياضيات، وعمل لاحقاً في سلك التدريس بالقدس في المدرسة النظامية، ثم جامعة الزقازيق.

وعاد إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة ليعمل طبيبًا في مشفى "المطلع" بالقدس، وبعد ذلك عمل طبيبًا في قطاع غزة.

والشهيد الشقاقي لاجئ من قرية زرنوقة بالقرب من يافا في فلسطين المحتلة، شُردت عائلته من القرية بعد تأسيس كيان الاحتلال عام 1948، وهاجرت إلى قطاع عزة حيث استقرت في مدينة رفح.

تأسيس الجهاد

أراد الشقاقي بتأسيسه لحركة الجهاد الإسلامي أن يكون حلقة من حلقات الكفاح الوطني المسلح لعبد القادر الجزائري، والأفغاني، وعمر المختار، وعزّ الدِّين القسَّام الذي عشقه الشقاقي حتى اتخذ من اسم 'عز الدين الفارس' اسمًا حركيًّا له؛ حتى يكون كالقسَّام في المنهج، وكالفارس للوطن، درس الشقاقي ورفاقه التاريخ جيِّدًا، وأدركوا أن الحركات الإسلامية ستسير في طريق مسدود إذا استمرت في الاهتمام ببناء التنظيم على حساب الفكرة والموقف (بمعنى أن المحافظة على التنظيم لديهم أهم من اتخاذ الموقف الصحيح)؛ ولذلك انعزلت تلك الحركات -في رأيهم- عن الجماهير ورغباتها، فقرَّر الشقاقي أن تكون حركته خميرة للنهضة وقاطرة لتغيير الأمة بمشاركة الجماهير، كذلك أدرك الشقاقي ورفاقه الأهمية الخاصة لقضية فلسطين باعتبار أنها البوابة الرئيسة للهيمنة الغربية على العالم العربي.

يقول الدكتور الراحل رمضان عبد الله" رفيق درب الشقاقي: 'كانت غرفة فتحي الشقاقي، طالب الطب في جامعة الزقازيق، قبلة للحواريين، وورشة تعيد صياغة كل شيء من حولنا، وتعيد تكوين العالم في عقولنا ووجداننا'.

مسرح الاغتيال مالطا

وصل الشقاقي إلى ليبيا حاملاً جواز سفر ليبيا باسم 'إبراهيم الشاويش'؛ لمناقشة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين على الحدود الليبية المصرية مع الرئيس القذافي، ومن ليبيا رحل على متن سفينة إلى مالطا باعتبارها محطة اضطرارية للسفر إلى دمشق (نظرًا للحصار الجوي المفروض على ليبيا)، وفي مدينة 'سليما' بمالطا وفي يوم الخميس 26-10-1995م اغتيل الشقاقي وهو عائد إلى فندقه بعد أن أطلق عليه أحد عناصر الموساد طلقتين في رأسه من جهة اليمين؛ لتخترقا الجانب الأيسر منه، بل وتابع القاتل إطلاق ثلاث رصاصات أخرى في مؤخرة رأسه ليخرَّ 'أبو إبراهيم' ساجدًا شهيدًا مضرجًا بدمائه.

فرَّ القاتل على دراجة نارية كانت تنتظره مع عنصر آخر للموساد، ثم تركا الدراجة بعد 10 دقائق قرب مرفأ للقوارب، حيث كان في انتظارهما قارب مُعدّ للهروب.

عملية الاغتيال كانت على يد الموساد الصهيوني؛ لاتهامه بالوقوف خلف تنفيذ عملية بيت ليد الاستشهادية التي أسفرت عن مقتل 22 جندي وإصابة أكثر من 108 آخرين.

رحل الشقاقي إلى رفيقه الأعلى، وهو في الثالثة والأربعين من عمره مخلفًا وراءه ثمرة زواج دام خمسة عشر عامًا، وهم ثلاثة أطفال وزوجته السيدة 'فتحية الشقاقي' وجنينها.

رفضت السلطات المالطية السماح بنقل جثة الشهيد، بل ورفضت العواصم العربية استقباله أيضًا، وبعد اتصالات مضنية وصلت جثة الشقاقي إلى ليبيا 'طرابلس'؛ لتعبر الحدود العربية؛ لتستقر في 'دمشق' بعد أن وافقت الحكومات العربية بعد اتصالات صعبة على أن تمر جثة الشهيد بأراضيها ليتم دفنها هناك.

وصل جثمان الشقاقي يوم 31 أكتوبر 1995، سورية على متن طائرة انطلقت من مطار "جربا" في تونس، وشيّع في 1 نوفمبر من العام ذاته، قبل أن يُدفن في مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك.

كلمات مضيئة

ومن كلماته المضيئة:

يا جماهير أمتنا العربية والإسلامية في كل مكان:

إن شعبنا في فلسطين مستمر في انتفاضته وثورته الباسلة رغم الجوع والعذاب والحصار، يدافع عن جدار الأمة الأخير، ويخوض معركة الأمة، كل الأمة؛ دفاعا عن عقيدتها وأرضها، دفاعا عن حريتها ونهضتها واستقلالها، فلا تتركوه وحيدا، ولننهض جميعا بدلا من أن نقتل فرادى.

إن خطنا الإستراتيجي أن يستمر جهادنا؛ حتى تصحو الأمة، وتوحد صفوفها، وتستثمر طاقتها ولو جزء منها في معركة المصير ضد العدو الصهيوني والنفوذ الغربي.... وطالما استمر الوضع العربي والإسلامي في ضعفه وتدهوره فليس أمامنا إلا حشد جميع القوى والطاقات الفلسطينية لمنع مؤامرات تصفية القضية الفلسطينية، وعلى رأسها مؤامرة الحكم الإداري الذاتي التي يجري الترتيب لها حاليا، في نفس الوقت علينا أن نضع البرنامج النضالي البديل الذي يعبئ طاقات شعبنا ويفك الإحباط الذي تسببه مؤامرات التسوية وقيادات التسوية، ثم أن نوحد جهودنا في مشروع جهادي شامل عسكري، وأمني، وسياسي، واقتصادي؛ لبناء المجتمع الفلسطيني المقاوم الذي يستعصى على الكسر والاختراق. وأن تستمر ضربات مجاهدينا بلا كلل ضد مصالح العدو الصهيوني.

إن مسالة تحرير فلسطين هي مسالة مشروع ينظم إمكانية الأمة، ويرد على حرب العدو الشاملة بحرب ثقافية، وفكرية، واقتصادية، وأمنية، وعسكرية.. ويبقى دور المجاهدين في فلسطين هو إحياء فريضة الجهاد ضد العدو ومشاغلته، واستنزاف طاقته، وكشف وجهه البشع وتدمير ما يستطيعون من قدراته، وإدامة الصراع حيًّا؛ حتى وحدة الأمة وتحقيق النصر والتصدي لمؤامرة تصفية القضية التي يؤججها الغرب .

رحل القائد الشقاقي، وبقيت سيرته العطرة نبراسًا تسير عليه حركة الجهاد والثوار والمقاومون في طريق العز والمقاومة.