بينما يحشد الاحتلال قواته وجيشه شمال الضفة الغربية، محاولًا وأد حالة المقاومة فيها، واستهداف المقاومين في جنين ونابلس، جاء الرد صادمًا للمنظومة الأمنية للاحتلال، من خلال عملية إطلاق نار بطولية، في مستوطنة "كريات أربع" والتي يُطلق عليها "عاصمة الاستيطان".
ويرى مراقبون أن العملية جاءت لتؤكد على وحدة الساحات الفلسطينية، وأن كل محاولات وأد حالة المقاومة في الضفة بشكل عام، وبالخليل على وجه الخصوص باءت بالفشل.
توقيت ومكان مهمان
الكاتب والمحلل السياسي قسام الزعانين، يرى أن العملية جاءت في توقيت حساس جدًا على المستوى الداخلي الفلسطيني، وكذلك بالنسبة للاحتلال.
وقال "جاءت هذه العملية بعد حالة القلق التي انتابت شعبنا عقب اغتيال عدد من قادة عرين الأسود في نابلس، وتبجح الإسرائيلي أنه قد استطاع تفكيك هذه المجموعة، رغم تأكيد المجموعة أنها لازالت بخير".
ولفت الزعانين إلى أن القائمين على حكومة الاحتلال أرادوا تحقيق انتصار وهمي قبل الانتخابات، من خلال تصريحاتهم بأن عرين الأسود قد فكك.
وأضاف "هذه العملية أعادت نبض المقاومة في قلوب الجماهير الفلسطينية التي كانت خائفة وحزينة على ما حدث في نابلس".
إلى ذلك، اتفق الكاتب والمحلل السياسي مصطفى إبراهيم مع سالفه إلى أن هذه العملية مهمة؛ كونها جاءت لتؤكد أن المقاومة موجودة سواء في كتيبة جنين، أو عرين الأسود، أو غيرها من الكتائب العاملة في الضفة الغربية المحتلة، أو من الشباب الفلسطيني الذي سطر وما زال يسطر ملاحم كبيرة.
ولفت إبراهيم إلى أن أهمية هذه العملية ومكانها جاءت في ظل ما اعتقده الاحتلال، أن مدينة الخليل منشغلة بالمشاكل العشائرية والعائلية، فيما يد التنسيق الأمني مستمرة في ملاحقة المقاومين هناك.
واستدرك "الخليل متعارف عليها أنها في قلب المقاومة منذ سنوات طويلة، وصاحبت كبرى العمليات خلال انتفاضة الأقصى".
فشل الدعاية الانتخابية
وعن استغلال الدماء الفلسطينية كدعاية انتخابية قال إبراهيم: "الاحتلال كان يخشى تمدد العمليات لمناطق أخرى، وهذه العملية البطولية كسرت هذه الخشية، وأظهرت مدى فشل الدعاية الانتخابية من خلال الإيغال بدماء الفلسطينيين".
وبالعودة إلى الكاتب الزعانين، إذ لفت إلى أن هذه العملية قلبت الأمور رأسًا على عقب بالنسبة للرأي العام الإسرائيلي حول جدوى الإجراءات التي يقوم بها الجيش في الضفة، ودفع تعزيزات من مختلف قوات الجيش.
وقال الزعانين "العملية وضعت تساؤلًا عن مدى قدرة غانتس ولابيد تشكيل حكومة جديدة في ظل هذا التوتر (..) كل ذلك شكل صدمة بالنسبة لهذا الفريق يمكن أن تؤدي لسقوطه بالانتخابات القادمة".
بقعة الزيت تتمدد
وبحسب اعتقاد المحللين فإن العملية ستخفف من الضغوطات على نابلس وجنين، مبينين أن جيش الاحتلال سيحتاج للمزيد من القوات للجيش، والاستخبارات؛ لأن بقعة الزيت للمقاومين امتدت لمناطق أخرى.
ولفت المحللان الزعانين وإبراهيم إلى أن تشكيل بنية جديدة للمقاومة في الخليل على غرار الكتائب الأخرى في الضفة يشكل رعبًا للاحتلال، وبالتالي الدخول لمرحلة من المراحل الخطيرة على العدو، سيجني شعبنا خلالها المزيد من الحقوق.
وقال الكاتب الزعانين: "يبدو أننا أمام مرحلة أكثر عنفوانًا مما كنا نرى في السنوات الماضية، وسنرى المزيد من العمليات، من خلال الشباب الذي يقود نفسه بنفسه، لذا سيكون لهذه العمليات النجاح".
وذكر الزعانين أن الكل في هذه الأثناء أمام مسرح عمليات جديد بالضفة الغربية، تترابط خلاله ساحات الوطن لمواجهة العدو، مضيفًا "تنبع أهمية الخليل من أن موقعها يشكل كابوسًا للاحتلال في قادم الأيام، ولن يستطيع السيطرة على هذه المنطقة؛ كون المستوطنات متداخلة مع منازل وأحياء الفلسطينيين.
المقاومة لا توأد
الكاتب والمحلل السياسي قسام الزعانين، أكد أن الحالة الثورية في قلوب الفلسطينيين مزروعة، ولن يستطيع العدو وأدها.
وقال الزعانين لـ"شمس نيوز": " العدو قتل العديد من أبناء شعبنا، واغتال واعتقل قيادة المقاومة في الضفة خلال عملية السور الواقي، بالإضافة إلى محاولات السيطرة الفكرية على الشباب من خلال العديد من البرامج؛ لتحويل هويتهم إلى شباب يحارب المقاومة، ويقف بصف مشروع التسوية".
واستدرك "الشباب الفلسطيني أعاد البوصلة من جديد باتجاه المقاومة، ولن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام الانتهاكات الإسرائيلية بحق المقدسات والثوابت، والاعتداء على المواطنين في كل أماكن تواجدهم".
وأوضح الزعانين أن تدنيس المسجد الأقصى ومحاولة تهويده بكل الطرق والأساليب، والعمليات في قطاع غزة، وحصاره، والإجراءات العنيفة تجاه الفلسطينيين، أثرت بالشباب الفلسطيني الثائر.