قائمة الموقع

الحر سعيد الطوباسي.. 21 عاماً من الحلم بالحرية

2022-10-31T14:38:00+02:00
سعيد طوباسي.jpg
بقلم الأسير/ محمد المرداوي

ما بين زرعين المهجرة قرب البحر ومرج سهل مرج بن عامر الفسيح، وبين مخيم جنين حكاية عشق وانتماء وحلم كبر ويكبر ولا يزال يغني وينشد بالفتى الذي أضحى اليوم رجلاً من رجالات المقاومة والجهاد الصديقين، ورمزاً ومنارة لكل الجيل الذي يقاتل اليوم ويبحث عن حقه في الحياة والتحرر والعودة والكرامة.

إنه في بيت عاشق له وحامل لراية الجهاد والمقاومة قدم اثنين من إخوانه شهداء، فكان أحمد شهيداً زين دمه شوارع وأزقة المخيم الحالمة، ويلتحق من بعده إسلام بقافلة العزة والتحدي الذين رسموا بعطر دمهم خريطة الوطن الجميل الذي نعشقه ويعيش فينا ونعيش فيه.

 كان لسعيد الطوباسي الذي نهض مثل الكثيرين من جيله، محمود طوالبة وطه الزبيدي وقيس عدوان وزياد العامر وإياد الحردان وأنور الحمران ومحمود الخواجا، يحمل سلاحه وروحه على كتفيه للعمل والانحياز للخط المقاوم الأصيل، فكانت ملحمة وصمود مخيم جنين التي أبدع فيها سعيد الحر الأبي والأصيل الطاهر، ليسجل ورفاقه ثابت مرداوي ومحمود طوالبة والحاج علي وأنس جرادات والكثير من المجاهدين معركة البطولات والفداء.

كان مصيره في الأسر، لكن الأسر لم يهزمه، فأكمل مشواره وحلمه ومشروعه في التعليم ويحصل رغم القهر والعقوبات والعزل والتضييق على درجة الماجستير في العلوم السياسية وكذلك في الفقه والتربية الاسلامية وبكالوريوس في التاريخ، ولكن حلمه الكبير الذي يبحث عن تحقيقه هو الحرية المشرفة التي يرفع بها رأسه ورأس المقاومة، الحرية التي تمكنه وكل ملايين المشردين واللاجئين في الشتات والمخيمات من العودة إلى زرعين وحيفا، الحرية التي تحقق الخلاص من الظلم والعدوان ومن المشروع الإرهابي المتسلح بالجريمة والعنف والسجون.

سعيد سيكون أكثر سعادة عندما يرى وطنه حراً طليقاً، السعيد الذي يملك أماً قل نظير صبرها وإرادتها، أم الشهداء الأبطال أحمد وإسلام، وأم الأسرى الأحرار سعيد ومحمد، التي نفخر بهذه الأم المجاهدة ونعتز بها.  هذا هو مخيم جنين الذي خرج منه سعيد ولا يزال شوكة في حلق العابرين الغرباء، قاوم مخيم جنين الذي أصبح عاصمة للمقاومة ومعه كل مدينة جنين، وكل مدن الضفة المحتلة، وملجأ لكل المقاومين.

ها هي كتيبة جنين ترسم خطة الطريق وتلحقها الكتائب والمجموعات من أجل قتال الاحتلال، من ذلك الجيل الذي تركه سعيد قبل عشرين عاماً، يستلم الراية ويواصل درب المسيرة، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر إحدى الحسنين إما النصر أو الشهادة. ما أروعهم وما أجملهم الذين يتصدرون المشهد الجهادي في جنين الجميل جميل العموري وعبدالله الحصري وأبو اسلام السعدي واَخرهم متين ضبايا، وقافلة الشهداء التي تسير نحو التحرير، ومن يستشهد يخلفه شهيد اَخر.  

لقد زرعتم أيها السعيد الزرع، فأنبت أملاً وانتصاراً، وحتماً سوف يزهر هذا النصر، وتعود أنت وكل رفاقك من الأسر محررين عائدين إلى وطنهم المكلوم، بعد أكثر من عشرين عاماً وأحكام باهتة لا قيمة عليها 32 مؤبداً وخمسون عاماً لا زال السعيد سعيد الطوباسي شامخاً منتصباً نحو زرعين نحو زيتونها وتينها وزعترها وسهلها مرج بن عامر.

سعيد الطوباسي ليس رقماً أو اسماً أو مقالة تكتب، إنما إنسان له حضوره ومكانه وتأثيره بين الجيل المنتفض، الجيل الذي أحيا شعبنا وجيلاً راهنوا على تدجينه وتغيير فكره، لكن اليوم هذا الجيل الذي عشق السعيد، رغم أنه لم يعرفه، لسان حاله: أريد أن أكون مثل سعيد مقاوماً ومجاهداً ومضحياً وأكمل مسيرته التي جاهد لأجلها عشرين عاماً. تلك السنوات التي لن تزيدك إلا وعياً واصراراً وثباتاً على الأهداف والمبادئ التي ناديت بها أنت وكل رفاقك في الأسر من المناضلين والمخلصين والأوفياء الذين يواصلون الطريق التي كنتم عليها ولن يتخلوا عنها، لقد مضت السنوات والجميع ينتظر حريتكم الميمونة بإذن الله تعالى. 

السلام على الضفة وعلى رفاقك الشهداء الذين قاتلوا معك جنباً لجنب، والسلام على أشقائك الشهداء إسلام وأحمد وكل شهداء المخيم، والسلام على روحك الوثابة الطاهرة، وحتما موعدنا بك قد اقترب وأن ليل وظلم المستعمرين لن يدوم، وأن فجر المجاهدين والمقاومين بدأ بالبزوغ، السلام على كل المقاومين في كل السجون من هدريم وجلبوع وريمون ونفحة والنقب ومجدو وعسقلان وعوفر، السلام على حرائر فلسطين في الدامون وفي سجون الاحتلال، والسلام عليكم وأنتم الأحرار فينا وأنتم الشهداء الأجمل بيننا.

اخبار ذات صلة