كان مشهد حصار نابلس وعربدة الاحتلال الصهيوني المجرم فيها مستفزا للفلسطينيين, لم يكفِهم قتل خمسة فلسطينيين بدم بارد, انما عاقبوا سكان المدينة وحاصروها ومارسوا كل اشكال العنف ضد أهلها, ومارسوا نفس هذا الفعل الاجرامي في شعفاط ومن قبلها جنين, وفي كل مدينة كانوا يدخلونها كانوا يظنون انهم بهذا الفعل الاجرامي سيقضون على المقاومة, ويوقفون انتفاضة السلاح الممتدة من جنين الى الخليل مرورا بنابلس ورام الله وبيت لحم, حتى جاءت عملية الخليل بالأمس حيث مغتصبة كريات اربع التي تقع شرقي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وهي أعلى مستوطنة يهودية في الضفة الغربية على ارتفاع 1008م فوق مستوى سطح البحر. استوطن كريات أربع مجموعات صهيونية في عام 1968، واستمرت في التوسع حتى باتت أكبر المستوطنات في الخليل، في قلب كريات أربع خرج إليهم منفذ العملية وهو الشهيد البطل محمد الجعبري وهو شقيق الأسير المبعد إلى قطاع غزة وائل الجعبري، والذي تحرر في صفقة وفاء الأحرار في شهر أكتوبر/ تشرين أول 2011، وكان محكوما بمؤبدين بتهمة قتل جنديين خلال انتفاضة الأقصى. فيما نقلت صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية، أن منفذ عملية الخليل ينتمي لكتائب القسام الذراع العسكري لحركة المقاومة الإسلامية «حماس». واستشهد الجعبري برصاص الاحتلال بعدما أطلق النار صوب 6 مستوطنين ليلقى أحدهم مصرعه ويصيب الآخرين بجراح خطيرة في عملية إطلاق نار على مدخل المستوطنة اليهودية وسط الخليل، ونعت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس، الشهيد القسامي المجاهد محمد كامل الجعبري (35 عاما)، وهو متزوج وأب لطفلين هما عبد الرحمن وسارة. يعمل الجعبري مدرسا لمادة التربية الإسلامية بمدرسة جواد الهشلمون في الخليل، فقد تشرب الثورة من داخل بيته حيث العطاء اللامحدود، ونقل ثورته الى تلامذته وأصدقائه لمواصلة الطريق بقوة وثبات.
الاحتلال ظن ان نابلس ستمثل عامل ردع لبقية المدن الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة, ولم يكن يعلم ان الخليل ستنتفض, وانها سترد على جرائم الاحتلال بقوة, ومن بعد الخليل ستنتفض اريحا التي وصلت انباء منها ونحن نكتب هذا المقال ان عملية دهس نفذها فلسطيني ضد جنود الاحتلال على حاجز عسكري قرب اريحا, وغدا تنتفض بيت لحم لترد على جرائم الاحتلال, وبعدها قلقيلية وسلفيت وطولكرم ورام الله, وسيبقى الاحتلال يولول ويصرخ ويتوعد الى ما لا نهاية, ولن يردع الفلسطيني سياسة الاغلاق والحصار فاليوم تواصل قوات الاحتلال «الإسرائيلية» إغلاق جميع مداخل مدينة الخليل منذ الليلة الماضية، بعد عملية إطلاق نار، في محيط منزل المتطرف إيتمار بن غفير في مستوطنة كريات أربع بالخليل حتى خرج بن غفير مولولا ليحمل اليسار الصهيونية مسؤولية مقتله في حال اصابته رصاصات الفدائيين المجاهدين, مستخدما لغة التحريض على العنف وقتل الفلسطينيين والخلاص منهم, وكانت قوات الاحتلال اغلقت الطريق المؤدية لمنزل الشهيد محمد الجعبري في بيت عينون شرق الخليل ، واعتقلت شقيقه نبيل كامل الجعبري وعدد اخر من الفلسطينيين, وفي كل مرة تلجأ فيها «إسرائيل» لهذه الخيارات تدفع ثمنها سريعا, لكنها لا تريد ان تتعلم, فالدم يطلب الدم, والدم قانون المرحلة والفعل المقاوم بات ثقافة يتحلى بها شعبنا الفلسطيني لوقف جرائم الاحتلال وانتهاكه لحرمة الارض والمقدسات, لذلك باركت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين العملية البطولية وانها تأتي في سياق الرد الطبيعي على الاحتلال وجرائمه المتصاعدة، وأن دماء الشهداء لن تذهب هدراً، وتؤكد وحدة ساحات المواجهة من الشمال إلى الجنوب. كما تؤكد على إصرار شعبنا على مواصلة طريقه، والتي تستحضر في مكانها عملية «زقاق الموت» قبل عشرين عاماً، وأن الخليل اليوم تقول كلمتها في الوقوف بوجه المحتل الغاصب امتداداً مباركاً لانتفاضة الضفة.
لم يكن في الحسبان بالنسبة للمنظومة الأمنية والعسكرية الصهيونية ان تأتي الضربة هذه المرة من الخليل، فقد كانت التقديرات الأمنية تشير الى نابلس وجنين، لذلك شَكَلت عملية الخليل صدمة للمنظومة الأمنية «الإسرائيلية» وأخدت صدىً أكثر من غيرها؟ فالهدوء المسلح في الخليل اوجد حالة خداع للعقلية الأمنية الصهيونية التي أبعدت تقديراتها عملا مسلحاً في الخليل، لذلك كان الفعل مفاجئا وقاسيا عليهم، لان العملية اسفرت عن قتل مستوطن على الأقل ولا زال اخرون في حالة خطرة، والمنطقة التي نفذت فيها العملية فيها تعزيزات عسكرية صهيونية كبيرة, ومعرضة للمراقبة عبر كاميرات الرصد على مدار الساعة, وهذه العملية ستدفع المستوطنين للمطالبة بتوفير المزيد من الامن لهم والسماح لهم بحمل السلاح, خاصة أن العملية اخترقت كل الحواجز الأمنية «الإسرائيلية» في المدينة، باعتبار أنها منطقة استيطان كثيفة جداً، وهو سيقلب كل حسابات العدو، وسيهدد أمنهم وأمن المستوطنين، وقد يؤدي ذلك الى تتنامي العمليات الفدائية في تلك المنطقة في الفترة المقبلة حسب تقديرات المراقبين, فنجاح العملية بهذا الشكل, وقدرة الشهيد الجعبري على التواجد في المنطقة وعدم الانسحاب منها وانتظاره لقدوم التعزيزات تحمل إشارة واضحة ان الفلسطيني لا يخشى الموت, وانه يصر على استكمال مسيرة التحرير حتى يصل الى الانعتاق من عبودية الاحتلال, مهما كلف ذلك من تضحيات, اليوم بات الاحتلال الصهيوني يعيش ازمة حقيقية بتمدد الفعل المقاوم جغرافيا من جنين الى الخليل, والخروج بعمليات نوعية ليس لها مثيل يقودها مواطنون ومثقفون ومدرسون ومربو أجيال وائمة مساجد ونساء .. وياما في الجراب يا حاوي.