ليس لدينا أي شك في نوابا الجزائر تجاه لم الشمل العربي ودعم القضية الفلسطينية, واعادتها الى الحضن العربي مجددا, فالعرب مشتتون في مواقفهم, ومختلفون في سياساتهم في التعامل مع قضايا المنطقة واهمها القضية الفلسطينية, الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، قال أن «القمة العربية التي ستستضيفها الجزائر تستهدف لمّ الشمل العربي ومواجهة التحديات والضغوط والتهديدات التي تواجه المنطقة”, فهل يمكن ان تتخطى القمة العربية دائرة حدودها المعروفة هذه المرة, وتخرج بقرارات نافذة من شأنها ان تنهي الخلافات العربية العربية, وتعود فلسطين مجددا لحضنها العربي لتكون قضية العرب المركزية وتتصدر المشهد الإعلامي العربي, الإجابة يدركها أي مواطن عربي في أي عاصمة من العواصم العربية, لكنها تبقى امال معلقة على معجزات, فالقيادة الجزائر لم تقصر في توفير الأجواء المناسبة لإنجاح القمة العربية, فقد تواصلت مع عديد الدول العربية وحاولت تقريب وجهات النظر بينها, ودعت أربعة عشر فصيلا فلسطينيا للحوار على ارض الجزائر لإنجاح المصالحة الفلسطينية وتقريب وجهات النظر بيمن الفرقاء, اذا هيا قامت بالواجب المملى عليها, وإيجابية او عدم إيجابية النتائج لا تتعلق بالجزائر بقدر ما تتعلق بنوايا العرب والفلسطينيين, وقدرتهم على تجاوز مكامن الخلافات والبحث جديا عن حلول للخلافات المعقدة والتي تتزايد يوما بعد يوم, على ان ابرز الخلافات التي نشهدها اليوم, هو التطبيع الرسمي العربي الإسرائيلي والذي يمثل طعنة في خاصرة الفلسطينيين, ويضعف من موقفهم في مواجهة التغول الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني, وانكار حقوق الفلسطينية والتنصل من التزامات ما يسمى بمسار التسوية بين السلطة و"إسرائيل" والذي وصل الى نهايته دون ان يحقق اية مكاسب للفلسطينيين نظرا لتشتت الموقف العربي الرسمي في مواجهة سياسات الاحتلال, الامر الذي اثلج صدر "إسرائيل" وجعلها تمضي في مخططاتها التوسعية والعدوانية بزيادة وتيرة الاستيطان والاستيلاء على المقدسات وانتهاك حرمة الأقصى, دون وازع او رادع, وهى استطاعت تحويل الصراع من صراع عربي إسرائيلي الى صراع فلسطيني اسرائيلي.
اذا ما هو المأمول عربيا وفلسطينيا من هذه القمة التي قاطعها اغلب زعماء التطبيع مع "إسرائيل", إذ سيتغيب عن قمة الجزائر ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان صاحب لقاءات "نيوم" السرية مع قادة الاحتلال الصهيوني، ورئيس دولة الإمارات، محمد بن زايد، الذي يتمرمغ في أحضان "إسرائيل" ويطلب ودها ويتحالف معها الى ابعد الحدود دون أي حسابات, وملك البحرين، حمد بن عيسى آل خليفة الذي يرى في إسرائيل جارا وحليفا وحاميا لعرشه وسلطانه ويتغنى بعلاقته الوطيدة معها والتي فاقت كل التوقعات، وسلطان سلطنة عمان، هيثم بن طارق، الذي فرش البساط الأحمر للقاتل المجرم بنيامين نتنياهو الذي زار مسقط زيارة رسمية ووقع اتفاقيات تعاون سياسي وعسكري واقتصادي مع سلطنة عمان, والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الذي اعلن دعمه وتأييده لإقامة ما يسمى بحلف ناتو شرق اوسطي طرحته الإدارة الامريكية, ويضم "إسرائيل" ويعتبر هذا الحلف الذي طالب بأن يشمل كل الدول العربية بؤرة الامن والأمان للعرب والمسلمين, والعاهل المغربي، محمد السادس الذي يتعامل مع إسرائيل على انها حليف استراتيجي للمغرب، ولا يتوانى لحظة واحدة عن ابرام الاتفاقيات معها في كل المجالات, ويتماهى مع السياسة الإسرائيلية الى اقصى حد ممكن, وأمير دولة الكويت، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، إضافة إلى الرئيس اللبناني ميشال عون الذي انتهت ولايته الرئاسية, والحقيقة انه لا تكاد تبنى أي امال على هذه القمة رغم ان الجزائر تبذل جهودا مضنية لإنجاحها, فلو كان الامر يتعلق بالجزائر فقط لاستبشر العرب بقمة تاريخية, لكن حجم الاختلاف والتناقض بين الزعماء العربية لا يمكان تجاوزه ببناء جسور من الثقة والاخوة والمصالح المشتركة, فهناك تحالفات وتوجهات غريبة على المنطقة ولا يمكن لاحد ان يتجاوزها, فالتطبيع مع "إسرائيل" بات وجهة نظرا, بل واعتبره البعض فعل وطني كبير لتجاوز الازمات, وتنفيذ اجندات خارجية اصبح مباح تماما للرسميين العرب, وامريكا هي من تحدد السياسات العربية.
الشارع العربي لا يولي اهتماما بالقمم العربية ولا يأمل من هذه القمة المنعقدة في الجزائر شيئا, لان الواقع العربي لم يتغير والشعوب العربية لا زالت مقهورة, والسياسات محددة سلفا ومفروضة على الزعامات العربية من جهات خارجية, ربما نسمع شعارات وبيان ختامي يتلوه امين عام جامعة الدول العربية احمد أبو الغيط الذي لا نسمع اسمه الا عند التحضير لقمة عربية فقط, وهو منسجم مع حالته ومع الواقع الذي يعيشه الى اقصى حد, ولا يسعى لتغيير هذا الواقع المر الذي تعيشه الامة العربية, فربما يصاب الانسان أحيانا بداء البلادة واللامبالاة, ولا تستفزه اية احداث مهما كانت مؤلمة او قاسية, ويبدو ان امين عام الجامعة العربية احمد أبو الغيط يتعامل مع منصبه بروتوكوليا, فهو منصب شرفي فقط من يشغله يجب ان يتمتع بمواصفات كامنة في مسكنها اللاشعور.