انعكاس نتائج الانتخابات الصهيونية على فصائل المقاومة الفلسطينية جاء سريعا في ظل ما تتحدث عنه البرامج الانتخابية التي طرحها بنيامين نتنياهو, واتيمار بن غفير, وبتسئيل سموتريتش, والتي لم تترك شيئا الا وتناولته, فتحدثوا عن تغير التعامل مع الاسرى بحيث يصبح اكثر عنفا, والبدء بالتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى المبارك, وتحدثوا عن الاستيطان في الضفة, وقمع أهلنا في الأراضي المحتلة عام 1948م, وصولا الى توجيه ضربات مؤلمة للمقاومة الفلسطينية خاصة في قطاع غزة, وملاحقة واستهداف المقاومين في الضفة الغربية المحتلة, فالمهمة التي تحملها هذه الحكومة النازية المتطرفة تتلخص في القتل واراقة الدماء وازهاق الأرواح والعبث بكل ما هو فلسطيني, وتشهد أجواء قطاع غزة، انتشاراً مكثفاً لطائرات الاستطلاع الصهيونية بشكل قريب، الأمر الذي دفع أوساطاً فلسطينية لتحذير رجال المقاومة بالتوخي والحذر والدقة. وقالت مصادر أمنية فلسطينية:» إن طائرات الاستطلاع بكافة أنواعها سواء (900،450، سوبرهيرون، هيرون TB، مأهول تزوفيت، مُسيرات) تجوب أجواء القطاع ويخشى من تنفيذ عمليات اغتيال, الهدف من ورائها توتير الأجواء, ومنح فرصة لحكومة نتنياهو كي تقوم بدورها الذي وجدت من اجله وهو قتل الفلسطينيين وملاحقتهم في كل مكان والقضاء على كل اشكال المقاومة, حتى لو كانت مقاومة سلمية بالحجر والمقلاع وهو ما حدث مع الفتي مصعب محمد محمود نفل (18 عاماً) الذي استُشهد متأثراً بجروحه الخطيرة، من جراء إطلاق النار عليه قرب سنجل» لأنه كان يلقي الحجارة على جنود الاحتلال حسب مزاعم الإسرائيليين, فهناك مخطط تمضي به حكومة الاحتلال الصهيوني المجرمة عنوانه «استسهال القتل» وعدم محاسبة الجنود والمستوطنين على جرائمهم.
امام هذه السياسة الإسرائيلية بحق شعبنا الفلسطيني، ولغة التصعيد التي خرج بها ايتمار بن غفير حول العديد من القضايا خاصة قضية الأسرى في سجون الاحتلال, نقلت صحيفة الاخبار اللبنانية عن مصادر مطلعة في الفصائل الفلسطينية، قولها: «الفصائل الفلسطينية، وعدد من قيادات الأسرى، أجرت اتّصالات عاجلة بهذا الخصوص، واتّفقت على وضع خطّة شاملة، تتضمّن تصعيد العمل المقاوم في مختلف مناطق الضفة الغربية، والتجهيز لإضرابات داخل السجون قد تكون هي الأكبر في تاريخ الحركة الأسيرة», وأفادت المصادر بأن الاتصالات الفلسطينية ستتوسّع خلال الأيام المقبلة، لتشمل جميع الفصائل والمسؤولين عن ملفّ الأسرى خارج السجون والمؤسّسات المعنيّة بنصرتهم، مُتوقّعةً اندلاع تحرّكات ميدانية، شعبية وعسكرية، ضدّ قوّات الاحتلال، لمنعه من تنفيذ مخطّطاته التي تَستهدف قرابة خمسة آلاف أسير. وينوي الفلسطينيون إعداد برنامج نضالي موسّع لمواجهة مخطّطات للتضييق على الأسرى، بعد أن أعلن ابن غفير نيّته إنفاذها، في حال تسلُّمه الوزارة. ويَطلب ابن غفير، من رئيس كتلة اليمين بنيامين نتنياهو، أن يكون هو الوزير المسؤول عن الشرطة وإدارة السجون، بما يُنذر، في حال تَحقّقه، بمزيد من التضييق والتنكيل بالأسرى؛ إذ سيُوجّه الأوّل باعتماد تقرير المفوض السابق، شلومي كعتبي، الذي ترأّس اللجنة التي حقّقت في ظروف احتجاز الفلسطينيين، وعلى هذه الخلفيّة، قدّرت مصادر أمنية إسرائيلية أن تؤدّي نيات بن غفير إلى إشعال المنطقة خلال فترة زمنية سريعة إذا ما تمّ تنفيذها، وخصوصاً أن قضية الأسرى تُعدّ من القضايا الحسّاسة بالنسبة إلى الشارع الفلسطيني. وكان زعيم حزب «القوة اليهودية» قد توعّد، في تموز الماضي، بالسعي إلى إمرار قانون لإعدام المعتَقلين، حال حصول أحزاب اليمين على أغلبية في «الكنيست»، وقال: «سنسعى إلى أن تتمّ زيارة الأسرى في القبور بدلاً من زيارتهم في السجون» ومثل هذه التصريحات لا يمكن للمقاومة الفلسطينية ان تمر عليها مرور الكرام حيث توعدت بالرد.
والمقاومة الفلسطينية لا زالت تقيم الأوضاع في اعقاب فوز نتنياهو مدعوما بأئمة الإرهاب الصهيوني ابن غفير وسموتريتش بالانتخابات وسعيه لتشكيل الحكومة الجديدة, والمقاومة تنسق مواقفها بدقة وفق تطورات الاحداث, وهى تقدر ان الحالة الجديدة التي تشهدها الأراضي الفلسطينية في ظل حكومة نتنياهو تتطلب مواقف وطنية حقيقية يتم اتخاذها بالإجماع, حتى لا يستفرد الاحتلال بفصيل فلسطيني على حساب فصيل فلسطيني اخر, كما يتطلب الامر وحدة الساحات لمواجهة اية احتمالات للتصعيد الصهيوني المتوقع, فلا يمكن للمقاومة ان تسمح للاحتلال بتمرير مخططه في القدس دون ان تتصدى له, فالقدس تجمعنا وتوحدنا, ولا يمكن للمقاومة ان تصمت امام نوايا الاحتلال التصعيدية ضد اسرانا في سجون الاحتلال, فهي حتما سترد بقوة على أي اجرام صهيوني ضد الاسرى, فعلى ما يبدو ان بن غفير لم يستفد من سلفه افيغدور ليبرمان والذي كان يرفع شعارات اكثر دموية, وعندما خاض التجربة وتلقى ضربات مؤلمة من المقاومة الفلسطينية, تراجع عنها وامتثل صاغرا لسياسة الامر الواقع, وتعاظمت الخلافات بينه وبين بنيامين نتنياهو ووصلت الى حد الافتراق لمعسكرين مختلفين, رغم ان كلاهما محسوب على اليمين الصهيوني المتطرف, علينا ان ندرك ان إسرائيل اختارت من يمثلها في الحكومة الجديدة, ونحن سنختار الطريق الاصوب الذي سيجعلنا نواجه هذه الحكومة باللغة التي تفهمها, وبالطريقة التي تمكننا كفصائل مقاومة فلسطينية من احباط اهداف هذه الحكومة اليمينية واضعافها, لذلك فالمقاومة تعيد تجربتها.