شمس نيوز/عبدالله مغاري
تختلف الأساليب وتتنوع في تنفيذ حكم الإعدام على ما يقارب مليوني إنسان ,ممن شاءت الأقدار أن يكونوا من سكان قطاع غزة, لتختلف أيضا الطرق والأساليب التي يتحدى بها السكان ذلك الواقع الذي زجهم به الاحتلال الإسرائيلي من جهة ومؤامرات حاكها القريب والبعيد من جهة أخرى .
من باب الخروج من الواقع, ومع قلة الإمكانيات وفي ظل صعوبة الحالة الاقتصادية ,يتجه الكثير من سكان قطاع غزة ,نحو التنزه في الأماكن العامة كمحاولة بسيطة منهم لهجرة الواقع وحالة الاحتقان التي يعيشونها.
هذه الأماكن أصبحت ملجأ للكثيرين ممن هربوا من أجواء البيوت الصعبة، كطالب الثانوية العامة "خالد موسى" الذي جلس في أحد المتنزهات للدراسة في أجواء هادئة بعيدة عن عتمة البيت القسرية، ليقول لـ"شمس نيوز": أقضي معظم وقتي هنا خاصة عندما تكون الكهرباء مقطوعة ,أجلس هنا وحدي وأحاول الدراسة، لأن أجواء البيت صعبة ولا يوجد راحة نفسية هناك".
إلى أين نذهب ؟؟
تتساءل الحاجة" أم احمد جودة "عن ذلك المكان الذي يمكن لها قضاء يوم جميل فيه, بدلا من ساحة الكتيبة ومنتزه بلدية غزة ,اللذين اعتادت على اصطحاب أحفادها للتنزه فيهما من وقت لآخر, ما جعلها تشعر بأن النزهة أصبحت مجرد روتين.
لم تتردد الحاجة "جودة "عند طلب مراسل "شمس نيوز" الحديث معها وكأنها كانت تنتظر أحدا لتفرغ له عما في قلبها، قائلة: أنا آتي إلى هذا المكان حتى أخرج من البيت ومن المشاكل التي نعيشها, أجمع أحفادي كل فترة ونأتي هنا، لأن الحياة صعبة والأوضاع سيئة" متسائلة: إلى أين نذهب غير الكتيبة والمنتزه؟ الأماكن الأخرى تحتاج فلوس وهذا المكان قريب".
وتشير بإصبعها إلى أحفادها الذين كانوا يلعبون ويلهون حولها، قبل أن تضيف: أحضر هنا من أجل الأطفال أحفادي، فوالدهم استشهد في حرب 2012، وأنا أحاول التخفيف عنهم، أما بالنسبة لي، فأنا أصبحت أشعر بأن قدومي إلى هنا مجرد روتين أسبوعي فقط".
حال الحاجة "جودة" لا يختلف عن حال المواطن "أبو احمد "الذي اعتاد على اصطحاب أسرته إلى ميناء غزة من فترة لأخرى.
يقول "أبو أحمد" لـ"شمس نيوز": كلما شعرت أن الجو مناسب أطلب من زوجتي تجهيز الأولاد ونذهب نتمشى حتى الميناء لنقضي هناك ساعتين ومن ثم نرجع إلى البيت، وغالبا نخرج هذا المشوار عند انقطاع الكهرباء".
ويضيف: "الميناء بالنسبة لنا المنفذ الوحيد، يكفي أننا قمنا ببناء أحلامنا عليه خلال الحرب، ولكن للأسف لم يفتح, أتمنى أن نأتي إلى هنا للسفر يوما".
تسودها البساطة
أوقات سعيدة قضاها المواطن أبو شفيق وعائلته على قطعة قماش افترشوها وجلسوا فوقها مجتمعين حول قليل من المكسرات والحلوى التي أعدتها أم شفيق في بيتها بعد أن طلب الأبناء الخروج في فسحة إلى مكان ما, فلم يجدوا سوى ساحة السرايا وسط مدينة غزة.
"أبو شفيق" يعتبر ما يقوم به وأسرته نوعا من عدم الاستسلام للواقع ولأهداف الاحتلال الذي يحاصر غزة، ليقول :اليوم الظروف صعبة وما بتسمح لي أن أفسح عائلتي في مكان يتطلب تكلفة مالية، فقدومي إلى هذا المكان يؤدي الغرض، وبالعكس أنا أتحدى الواقع الصعب".
يهربون من حالة الإحباط
ويرى أستاذ علم النفس في جامعة الأقصى د. "درداح الشاعر" "أن توجه أهالي وسكان قطاع غزة نحو التنزه في المناطق العامة, ظاهرة طبيعية يحاولون من خلالها الخروج من حالة الإحباط والاحتقان التي يعيشونها بفعل الظروف الصعبة التي تعصف بهم,مشيرا إلى أهمية وجود مؤسسات تقدم خدمات الدعم النفسي في تلك المناطق .
وقال "الشاعر"في حديثه لـ"شمس نيوز": قطاع غزة يعيش ظروفا استثنائية صعبة جعلت المواطن يعيش في حالة نفسية معقدة، دفعته للبحث عن مخارج مناسبة لظروفه المادية والنفسية للتخفيف من حالة الاحتقان التي يعيشها".
وأضاف: بسبب قلة المتنزهات والحصار يتجه الناس إلى الأماكن العامة وشاطئ البحر والمساحات الخضراء للخروج من الأجواء التي تركتها الحرب على الأطفال خاصة".
ونوه أستاذ علم النفس إلى أهمية تواجد المؤسسات العاملة في مجال تقديم خدمات الدعم النفسي في المناطق العامة بهدف القيام بالأنشطة المختلفة التي تعمل بوظائف تنفيسية وترفيهية.