قائمة الموقع

تزامنا مع اليوم الدولي لمناهضة العنف ضد المرأة.. نساءُ فلسطين تكحّلن بالشجاعة

2022-11-28T13:31:00+02:00
المرأة الفلسطينية - فلسطين - مظاهرة - مسيرة.jpg
بقلم/ آمنة محمود حميد

كثيرة هي الحملات التي تدعو لمناهضة العنف ضد النساء والتي يبذل مؤسسوها والمروجون لها قصارى جهدهم لنشر مفهومٍ عمومي يتمركز في أصله بوضع المرأة دائمًا مرمى الاتهام بالسخف وضعف العقل، والأخذ دوما في الخوض والنقاش في قضايا هامشية لا تُشكل جوهرًا يلامس في الحقيقة موطأً صحيحًا مع محاولة إذابة العنف ضد المرأة وحصره في الشرخ الهائل الذي أسسّهُ الغرب لتفتيت الأسرة العربية والمسلمة منذ زمن بعيد واستخدم هذا الشرخ بشكل منظم وضغط هائل من أجل طوفان التغريب الذي يأخذ بالنساء للقفز عن عظمة التشريع الإسلامي والتراث الثقافي مستغلا الواقع الاجتماعي السيء الذي أوجدته معتقدات وأفكار (تنويرية) هدامة تدعو للتصادم البحت بين الرجل والمرأة لإشغال المسلمين والمسلمات في قضايا ثانوية تزيدُ مساحة الهُوّة بين الواقع الرديء و المأول الذي لم يكن بعيدًا عن تحرير المرأة من الجاهلية بالإسلام وجعل منها منذ خص الله نساء المسلمين بهذه الكرامة فصارت المرأة ملكة متوّجة، ترث وتتعلم وتُعلّم وتعمل وتستشار، وتُكفى هم الحياة، وتمتلك ما تشاء وتعيش في حماية التشريعات التي تصونها وتحفظها. 

ذلك شأن مُدَعُو الإصلاح في هذا العصر بينما تغيبُ دائمًا عن نماذج مناهضة العنفِ ضد المرأة مصادرة حقها في حياة كريمة تحت نير الاحتلال الصهيوني في فلسطين المحتلة التي يسعى العدو في مقدمة مايسعى إليه كسرها وتشويه دورها بالكامل وإفقادها صلاحية الوجود الفلسطيني حيث تعتبر النساء مرتكزًا أساسيًا في صناعة النشأ وتطوير هذا الصراع العقدي بكل مكوناته وأدواته، فلم يكن من السهل أبدا أن تبتلع أمهات هذه الأرض المقدسة قدرًا كبيرا من الآلام والحسرات على مدار ثلثي قرن من الزمن جراء حرب شعواء مفتوحة على مدار الثانية مع العدو الصهيوني الذي يُعد مقتضى وجوده القتل والتدمير والخراب، فالبيوت وإن كان بابها مقفلًا وجدران البيوت قائما ومتينا يخترق البيوت ويهدم الجدر ويكسر الأبواب في كل وقت وحين دون حسيب أو رقيب، ولم تكن هذه ظاهرة العنف الوحيدة

قد تعدا الأمر ذلك حتى صارت نساء فلسطين في الضفة الغربية درعًا بشريًا لمئات الاقتحامات الصهيونية لبعض المدن والمخيمات فتستخدم كرهينة مع تصويب فوهة النار إلى رأسها في صورة مركبة بين أن تكون السيدة الدرع البشري ويكون ابنها أو زوجها أو حتى ابنتها هي من يسعى الجنود لقتلهم أو سحلهم أو أسرهم، بينما تحول الأمر لكابوس مزعج بينما تضع نساء العالم رحالها في ساعات الليل ليهدأ بالها وترتاح يباغت جنود العدو الصهيوني نساء فلسطين بقض مضجع نومها فلا تخلو ساعات الليل من التفتيش للمنازل بالضفة الغربية تحت جنح الليل واعتقال من فيها أو في غزة عندما تنهال أطنان المتفجرات الصواريخ القاتلة على منازل الفلسطينين أو بجوارها. 

العنف الذي تعيشه النساء الفلسطينيات على مدار صراعنا مع العدو الصهيوني لا يمكن ان نقول بأنه يأخذ وجهًا واحدًا إنما هو يعبر كونها سيدة فيتعامل مع العدو معها أنها بالفعل لا تقل عن الرجل الفلسطيني في شيء بينما تعاني نساء العرب من وهم عدم المساواة بالرجل جاء العدو الصهيوني الذي جعل من نساء فلسطين هدفًا مباشرا في الاغتيال والقتل والاعتقال وبتر الأطراف وهدم المنزل وما زال حتى هذه اللحظة لا يتوانى في استهدافاته للنساء فوفقًا للإحصاءات الرسمية لمؤسسة الميزان حول الضحايا السيدات من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي من الفترة 1  يناير 2008  - 7 مارس 2022م عدد الشهداء من السيدات / 501 سيدة و عدد الإصابات من السيدات / 2748 سيدة، بينما استشهدت رميًا بالرصاص من قبل العدو الصهيوني المباشر وفي قتلٍ متعمد منذ بادية هذا العام على مفترقات الطرق أو حواجز الموت بالضفة الغربية ست سيدات من بينهم الإعلاميتين شيرين أبوعاقلة وغفران وراسنة. 

أما عن أمهات شهداء الأرقام اللاتي صادر العدو الصهيوني حتى حقهن في إلقاء نظرة الوداع على جثامين أبنائهن أو احتضانهم أو حتى مواراة أجساد أبنائهن الثرى فصار شغلها الشاغل وحلمها الذي تسعى إليه فقط أن تُمنح جثة ابنها أو زوجها أو والدها كرامة الدفن، فبقاء جثة الشهيد لعقود في ثلاجات الموتى أو حتى دفنه في ارض ظاهرها صخرًا بلا شواهد أو دلالات أو ربما وجد رقمًا لهذا الشهيد بينما جثته قد اختلطت بجثمان شهيد آخر أو اختفى لون قلم الفلوماستر بعد سنين طويلة عن جثمان الشهيد المغلق عليه بكيس بلاستيكي.. كل هذه الظروف وهذا العذاب النفسي الممنهج للضغط على أمهات الشهداء فإنه بحاجة شديدة وكبيرة لإعادة الصدارة في أوجه معاناة نساء فلسطين من عنف متعمد يمارسه العدو الصهيوني على مدار سنوات ألم يحن وقت علاجه أو حتى وقفه؟!. 

33 أسيرة في زنزازين البؤس التي ينهش أجسادهن فيها الحشرات والرطوبة في أسوأ سجن وظروف احتجازية على الإطلاق في سجن الدامون الذي تم بناؤه في القرن الماضي كمخزن للتبغ والدخان، في حين بين هؤلاء السيدات قاصرة وستة جريحات  أغلبهن مازال في أجسادهن رصاصات العدو الغادرة رغم قيدهن وتعرضهن للتنكيل والقمع وعشرة من الأمهات بينهن من لم تلمس أنامل أبنائها منذ زمن بعيد ناهيكم عن الأحكام المرتفعة بتهم ملفقة للضغط أكثر على النساء الفلسطينيات وبالقوة المفرطة ولم يلقَّ ذلك دعمًا أو تبنيًا كافيًا أمام ماكنة العمل على مناهضة العنف ضد المرأة الذي يُموله ويروج له الحضارة الغربية الذين وجههوا سهامهم صدور المسلمين ونثروا سمومهم فوق رؤوسهم واصفين إياهم بالرجعيين. بينما ذاته الغرب يتعامل مع المرأة بناءً على التشريع المادي الذي وضعته دولهم كونهم كما يدعون دول علمانية! ترضاه رغم أنه جعل منها سلعة لكل عابث أو مادة تباع وتشترَى. 

ماذكر عن عذابات الظلم والقهر الذي تعانيه النساء الفلسطينيات ماهو إلا غيضٌ من فيض يستوجب بناء استراتيجية شاملة تعيد وهج أيقونة الثبات والتضحية نساء فلسطين إلى موقعها في صدارة المواقع المشرفة لمنهاهضة العنف بقوة وشرف ومبادىء قويمة تعتمد اعتمادًا وثيقا على مشاركتها الحياة السياسية والعسكرية والاجتماعية وكونها في مقدمة صفوف المدافعين فيّ معركة قوامها عقدي بالأساس منح المرأة المسلمة وشرفها بالذود عن شرفها وعرضها وأرضها وأسرتها.

اخبار ذات صلة