وجهت أجهزة أمن الاحتلال، انتقادات شديدة اللهجة، للاتفاق الائتلافي الذي توصل إليه رئيس الحكومة المكلف وزعيم حزب الليكود، بنيامين نتنياهو، مع رئيس حزب "الصهيونية الدينية"، بتسلئيل سموتريتش، ويمنح الأخير صلاحية تحديد سياسات الاحتلال في الضفة الغربية، الأمر الذي كان متروكا لتقديرات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي ووزير الأمن.
وينص الاتفاق على أن وزيرا في وزارة الأمن من حزب "الصهيونية الدينية" سيكون له دور كبير في اختيار رئيس "الإدارة المدنية" للاحتلال في الضفة الغربية، ومنسق "أنشطة الحكومة (الإسرائيلية) في المناطق" المحتلة، ما يمنح "الصهيونية الدينية" صلاحيات غير مسبوقة بتنفيذ سياسات الحكومة الإسرائيلية بكل ما يتعلق بالفلسطينيين والمستوطنين في الضفة.
وعبّر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، عن اعتراضه على هذه الإجراءات، وشدد في محادثات مغلقة، بحسب ما أوردت القناة 13، مساء الإثنين، على أنه "لن يسمح بتدخل ولو بسيط" بتعيين ضباط في جيش الاحتلال، مشيرا إلى أن ذلك "أمر غير وارد".
و منذ تأسيسها عام 1981، فإن تعيين رئيس الإدارة المدنية، وهو ضابط برتبة عميد، لا يخضع لأي تدخل سياسي ويقتصر التعيين على قرار من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، يصادق عليه وزير الأمن، وكذلك الأمر بالنسبة لتعيين المنسق، وهو ضابط برتبة لواء.
والإدارة المدنية هي المسؤولة عن المصادقة على مخططات البناء الفلسطينية وبناء المستوطنات في المنطقة (ج)، وقسم التفتيش في الإدارة مسؤول عن الكشف عن البناء "غير القانوني" وهو القسم الذي يقوم، من بين أمور أخرى، بتفكيك البؤر الاستيطانية غير القانونية، بموجب القانون الإسرائيلي (لم تقام على ما يسمى بـ"أراضي دولة").
كما أن الإدارة مسؤولة أيضًا عن إصدار تصاريح العمل للعمال الفلسطينيين وكذلك الاتصال بالسلطة الفلسطينية بشأن القضايا المتعلقة بالتنسيق الأمني والمدني، وبناء البنية التحتية مثل شق الطرق أو مد شبكة المياه.
في المقابل، أشارت القناة 13 إلى أن نتنياهو، من جانبه، توجه إلى وزير أمنه المرتقب، يوآف غالانت ("الليكود") وفحص توجهات الأخير ورأيه في ما يتعلق بالتغييرات التي يتعزم نتنياهو إحداثها في وزارة الأمن.
وفي حين أشار التقرير إلى أن نتنياهو لم يكن قد أطلع غالانت في السابق على الإجراءات التي يعتزم اتخذاها في إطار الاتفاق الائتلافي مع "الصهيونية الدينية"، أوضح التقرير أن الأخير لم يبد أي اعتراض على توجهات نتنياهو ومنحه "ضوءا أخضر".
وشدد مسؤولون كبار في أجهزة الأمن الإسرائيلية على أن منح سموتريتش صلاحيات واسعة في ما يتعلق بتعيين رئيس "الإدارة المدنية" و"المنسق"، سيؤدي إلى "كسر التسلسل القيادي" في جيش الاحتلال الإسرائيلي.
واعتبر المسؤولون الأمنيون أن منح شخص عدا وزير الأمن صلاحية تعيين قيادي عسكري برتبة عميد أو لواء، "سيخلق حالة من الفوضى" ويضر بـ"جاهزية القوات"، وشدد التقرير على أن رئيس الأركان الإسرائيلي المقبل، الذي يستلم منصبه في كانون الثاني/ يناير المقبل، هرتسي هليفي، يؤيد موقف القيادات الأمنية والعسكرية في هذه المسألة.
كما تعترض المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، بحسب التقارير، على عزم نتنياهو نقل 72 كتيبة من قوات "حرس الحدود" العاملة في الضفة المحتلة، إلى إمرة رئيس حزب "عوتسما يهوديت" إيتمار بن غفير، الذي سيتولى حقيبة "الأمن القومي".
وترى القيادات العسكرية الإسرائيلية أن نقل هذا الحجم من القوات سيتطلب استدعاء واسعا لقوات الاحتياط، لسد الفجوة ومنع نقص القوات العاملة في الضفة، الأمر الذي يتطلب تعديل "قانون الاحتياط"، فيما شددت القيادات العسكرية على أنه لم تجر أي استعدادات على الأرض في هذا الشأن.
وينص الاتفاق الائتلافي بين الليكود و"الصهيونية الدينية" على أنه سيتم تعديل "قانون أساس: الحكومة" بما يسمح بتعيين وزير إضافي في الوزارة يكون مسؤولاً بعض الملفات بما يتبع لمسؤولية وزير الأمن.
كما ينص الاتفاق على أن الوزير في وزارة الأمن المعين من قبل "الصهيونية الدينية"، سيكون مسؤولا عن الردود التي ستقدمها الدولة على توجهات من قبل المحكمة الإسرائيلية العليا، بشأن الأمور الإدارية في الضفة المحتلة، بما في ذلك ما يتعلق بالبؤر الاستيطانية وملفات الهدم والتخطيط والبناء وإجراءات التهجير القسري.