الشهيد القائد أنور حمران أصلب من أن يهادن أو يساوم في دنياه حتى الرصاصة التي حملته إلى حلمه الجميل وهو الشهادة في سبيل الله، وهو الذي لم ينقطع عن الجهاد منذ صغره، فكان أحد بناة النواة الصلبة للجهاد الإسلامي، سطور حياته تتلألأ بأنوار وأنواع جهاده وتصديه للعدو بشتى الوسائل الممكنة الأمر الذي عرضه للسجن مرات عدة، لم يتهاون ولم يهادن، شعاره الجهاد، الجهاد فقط، وكان يقول: علموا أولادكم حب التراب فإن حب التراب من حب الوطن.
تطل علينا اليوم الأحد الموافق 11 - 12 الذكرى الثانية والعشرون لرحيل الشهيد القائد "أنور محمود حمران" أحد أبرز قادة سرايا القدس في شمال الضفة الغربية المحتلة، والذي ارتقى شهيداً في عملية اغتيال صهيونية بنابلس.
ميلاد قائد
ولد الشهيد القائد أنور محمود أحمد حمران، في بلدة عرابة جنوب جنين يوم 21/7/1972م في أسرة مكونة من الأب والأم وأخ وحيد و3 أخوات، تزوج شهيدنا في الأردن عام 1993م من ابنة عم له، ورزقه الله ثلاثة أبناء هم: صابرين وصهيب وهمام.
درس الشهيد حمران الثانوية العامة في مدارس البلدة وقبل تخرجه بشهر واحد أبعدته الأردن إلى فلسطين وحرم من إكمال دراسته الجامعية في تخصص مساعد صيدلي من الكلية العربية.
لا يهاب قول الحق
كان الشهيد أنور حمران ملتزماً دينياً ويتصف بكرم الأخلاق ، وكان باراً بوالديه حنونا عليهما لدرجة لا توصف، وكان ملتزماً بالصلوات في المسجد زاهداً في حياته، ورغم الوضع المادي المتردي لعائلته إلا أنه كان يحرص على مساعدة العائلات المتعففة، لا يهاب قول الحق مهما كلفه الأمر، هكذا يكون الرجال، تعرض أنور للإصابة ب19 طلقة موزعة على أنحاء جسده، وذنبه الوحيد أنه يدافع عن الحق بقوة، وكان كاظماً للغيظ ويستند في أسلوب حياته على قاعدة العفو عند المقدرة".
مسيرته الجهادية
انضم الشهيد القائد أنور حمران لحركة الجهاد الإسلامي في مطلع العام 1987م، وهو في الخامسة عشرة من عمره، ومارس العمل الطلابي في مدارس عرابة، واعتقل للمرة الأولى عام 1988 حيث كان في الصف الحادي عشر، فصدر بحقه حكم بالحبس ستة شهور أمضاها في سجن مجدو، وعاد لنشاطه الطلابي في اليوم الثاني من الإفراج عنه، وما لبث حتى عادت قوات الاحتلال لاعتقاله في العام 1989 وصدر بحقه حكم بالسجن لعامين ونصف العام، أمضاها في سجني مجدو والنقب، حيث كان دائم الاستقطاب والفعالية والمشاركة في المهرجانات، وكتابة الشعارات على الجدران وقراءة البيانات، لا يكل ولا يمل في خدمة المشروع والفكرة، فهو مجاهد بالفطرة".
في العام 1992م، وبعد الإفراج عن الشهيد القائد أنور أعاد تقديم الثانوية العامة بتفوق وانتقل إلى الأردن لإكمال الدراسة الجامعية في الكلية العربية ودرس تخصص مساعد صيدلي، وخلال تواجده في الأردن كان يستقبل الرُسل التنظيمين من جميع أنحاء الضفة الغربية، حيث كان المسئول عن الساحة الأردنية في حركة الجهاد الإسلامي، ومن هناك تسلل إلى سوريا وجمعته علاقة احترام وعناية كبيرة من شخص الدكتور المعلم فتحي الشقاقي، وخضع للعديد من الدورات العسكرية والتنظيمية ثم عاد إلى الأردن، فكشف أمره وخضع لتحقيق قاس ، ليصار إلى تسليمه للصهاينة عبر معبر الكرامة قبيل تخرجه بشهر واحد".
11 يوماً على عودته من الأردن حتى عاد الاحتلال واعتقله من جديد في أواخر العام 1993م وخضع لتحقيق صعب، ولكن كعادته لم يخرج من فمه حرف واحد، وحوكم على اعترافات الغير لمدة 3 سنوات ونصف.
بعد خروجه من السجن في العام 1997م دخل إلى مدينة جنين وما يسمى حينها بمناطق ( أ ) ليمارس عمله التنظيمي تحت يافطة مكتب الخدمات الجامعية والاتصالات، الذي كان تابعا للجهاد الإسلامي، وتزامنا مع الذكرى الثالثة لاغتيال الدكتور فتحي الشقاقي وتحديدا في تشرين 1998م اعتقلته أجهزة أمن السلطة الفلسطينية لعرقلة إتمام مهرجان إحياء الذكرى في جنين، حيث رفض أنور أخذ تصريح أو ترخيص للمهرجان.
بعد اعتقاله لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية بعشرة أيام أفرج عنه ليحيي الذكرى على طريقته الخاصة، وجهز لعملية استشهادية في محاني يهودا بالقدس نفذها الاستشهاديين سليمان موسى طحاينة من السيلة الحارثية غرب جنين ويوسف الزغير من عناتا بالقدس، وقد شاركه الإعداد لها الشهيد خالد زكارنة والشهيد إياد الحردان فتم اعتقالهم جميعاً من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية على إثرها، واحتجزوا في سجون جنين وأريحا وأخيرا الجنيد".
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000م تم تحريرهم من قبل جماهير نابلس ومخيماتها خوفاً على حياتهم إلى جانب عشرات المعتقلين من أبناء حركتي الجهاد الإسلامي وحماس".
خرج أنور ليرسي دعائم سرايا القدس ويؤسس لمرحلة جديدة ، لتكون باكورتها 3 عمليات نوعية بسيارات مفخخة مؤقتة، ومن جديد في محني يهودا والخضيرة ونتانيا ليغتال في 11/12/2000، ويسلم الراية لأخويه الشهيدين إياد حردان وخالد زكارنة اللذين التحقا به في وقت لاحق".
استطاع الشهيد القائد أنور حمران برفقة الشهيد القائد إياد حردان إدخال سيارة مفخخة إلى محني يهودا في مدينة القدس المحتلة بتاريخ 2-11-2000م، وتفجيرها وأدت لمقتل صهيونيين وإصابة 10 آخرين حسب اعتراف العدو.
رحيل القائد
اتهمته قوات الإرهاب الصهيوني بالوقوف وراء العمليات البطولية في محني يهودا والخضيرة، ومشاركته في التخطيط لعدة عمليات عسكرية بطولية من عمليات استشهادية وتفجير سيارات مفخخة، وإطلاق نار وكمائن استهدفت جنود الاحتلال وقطعان مستوطنيه وأدت إلى مقتل العديد منهم.
تعتبر جريمة اغتيال الشهيد القائد أنور حمران هي عملية الاغتيال الأولى في انتفاضة الأقصى المباركة ففي تاريخ 11/12/2000م، قامت قوات الاحتلال المتمركزة على جبل عيبال في نابلس برصد الشهيد بالتعاون مع عملائها على الأرض، وقد استغلت قوات الاحتلال عمله في مكتبته الخاصة الواقعة أمام جامعة القدس المفتوحة في حي الروضة بنابلس، واستثمر الاحتلال وصوله الباكر إلى مكتبته، فأطلق عليه سيلا من الرصاص استمر دقيقتين، ليصاب بأكثر من تسعة عشر رصاصة من نوع 800 من النقطة العسكرية المقامة على جبل جرزيم أمام مكتبته الواقعة أمام جامعة القدس المفتوحة في المدينة.
رحل أنور حاصلاً على الشهادة في سبيل الله وكانت الأسرع والأسهل عليه من شهادته الجامعية والتي حرم من الحصول عليها، رحل وترك خلفه من يحملون الراية ويحافظون عليها.