شمس نيوز / عبدالله عبيد
مشاهد الدمار واللجوء والذبح والتشريد لم تغب عن الفلسطينيين الذين يعيشون في مخيم اليرموك، منذ عام 1948 وحتى يومنا هذا، لتتعمق نكبتهم بعدما تورطوا في تعقيدات الصراع السوري ووجدوا أنفسهم بين وحشية القتل وقسوة الحصار.
فبراميل المتفجرات تسقط فوق رؤوس الأطفال والشيوخ والنساء في اليرموك من طائرات النظام السوري، بينما تتفنن المجموعات المسلحة التي تطلق على نفسها اسم "تنظيم الدولة" في صب الزيت على النار، لتفاقم من معاناة الجوعى المحاصرين بين أزقة المخيم المنكوب منذ أكثر من 600 يوم.
وكانت مجموعات تابعة لتنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، دخلت قبل أيام مخيم اليرموك المحاصر منذ عامين، حيث خاضت اشتباكات مع بعض التنظيمات المسلحة الموجودة داخل المخيم.
ويشهد المخيم حركة نزوح للأهالي باتجاه المناطق الخارجة عن سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية".
شهادات حية
مراسل "شمس نيوز" تحدث إلى شهود عيان من داخل مخيم اليرموك، ونقلوا الصورة على حقيقتها، حيث أكدوا أن مسلحي تنظيم الدولة اعتلوا أسطح العديد من المنازل، بالقرب من ساحة أبو حشيش وسط المخيم وقاموا بخطف العشرات من الأهالي.
وقال شاهد عيان إن "الوضع في مخيم اليرموك كارثي، ولا يتدخل أحد لإنهاء معاناة اللاجئين هناك" ، مبيّنا أن إطلاق النار لم يتوقف لدقيقة واحدة داخل المخيم.
وأضاف: ليس هناك طريقة واحدة للهرب من الموت في اليرموك، فبراميل المتفجرات تسقط على رؤوسنا من طائرات بشار الأسد، وداعش متربصة بنا بين أزقة المخيم"، داعياً الدول العربية للتدخل الفوري والعاجل لوقف "هذه المصيبة التي يتعرض لها اليرموك".
وتسيطر المعارضة المسلحة على غالبية أجزاء المخيم -الذي يعد أكبر مخيم للاجئين في سوريا-، وتحاصره قوات النظام السوري وبعض الفصائل الفلسطينية المتحالفة معه منذ نحو عامين، مما تسبب بأزمة إنسانية، ونزوح عشرات الآلاف من أصل 170 ألفا كانوا يقطنون فيه، وهو يؤوي حاليًا نحو 20 ألفا غالبيتهم فلسطينيون.
من جهته، دعا المرصد الأورمتوسطي لحقوق الإنسان، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، واللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى فتح ممرات إنسانية لسكان مخيم اليرموك، والتنسيق مع القوات السورية التي تحاصر المخيم لإجلاء عشرات الجرحى من داخله.
وفي بيان أصدره المرصد، وجه رسالة إلى المفوضية الأوروبية لحقوق الإنسان للضغط على النظام السوري لحماية سكان "اليرموك"، ورفع حصاره عنهم بصفته المسؤول الأول عن أوضاعهم.
مزيد من التصعيد
أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية بسوريا، د. سمير الرفاعي أكد أن الوضع في مخيم اليرموك جنوب دمشق أصبح مأساويا مع استمرار عمليات الكر والفر بين الجماعات المسلحة، ومحاولات تنظيم داعش السيطرة عليه، مناشداً المنظمات الدولية بالتدخل الفوري والعاجل لوقف ما يجري داخل المخيم.
وشدد الرفاعي في حديثه لـ" شمس نيوز" على أن الأمور في اليرموك تتجه نحو مزيد من التصعيد العسكري، مضيفاً: لن يهدأ الوضع في المخيم، دون أن يتم السيطرة عليه من خلال إخراج مسلحي داعش والنصرة" حسب تقديره.
وقال: هناك اشتباكات كثيفة بين الفصائل المسلحة مثل بيت المقدس وتنظيم الدولة "داعش" والنصرة، والفصائل الفلسطينية المتواجدة على محيط المخيم من جهة أخرى"، مشيراً إلى أن الاشتباكات ما تزال مستمرة في اليرموك.
كما وطالب أمين سر منظمة التحرير في سوريا بفتح ممرات آمنة لخروج المواطنين من المخيم، مبيّناً أن هناك عددا من أهالي المخيم قد غادروا إلى مراكز إيواء، بسبب الأوضاع السيئة، والقتال المستمر.
وكانت رئاسة السلطة الفلسطينية، في ذات السياق قالت إنها تقوم بسلسة من الاتصالات المكثفة مع عدة أطراف عربية ودولية وإنسانية لإنقاذ مخيم اليرموك من المأساة التي يتعرض لها اللاجئون الفلسطينيون فيه.
هل يسقط اليرموك
ومن أكثر الأسئلة التي تم عرضها عبر مواقع التواصل الاجتماعي حول هذا الموضوع، هاشتاغ، ( #هل_يسقط_اليرموك)، ليرد عليه المحلل السياسي، أكرم عطاالله بأن اليرموك قد سقط وانتهى، ولم يبقَ فيه شيء للحديث عنه".
وأوضح المحلل عطاالله خلال حديثه لـ"شمس نيوز" أن ما يجري في مخيم اليرموك صراع دائم ضحيته الإنسان الفلسطيني هناك، مستغرباً من وصول "داعش" إلى المخيم بهذه السهولة؟
وأشار إلى أن "داعش" لن تنسحب من المخيم مبكراً، "فالحديث يدور عن احتلال 90% منه"، معرباً عن اعتقاده أنه سيتم حصار المخيم من الخارج كما كان سابقاً.
وتابع عطاالله: سيتم قطع المياه والإمدادات وسيستغيث أهلنا من جديد، وبالتالي سيتعرض اليرموك إلى مجاعة وستقطع طرق الإمدادات من الخارج"، مشدداً على أن الأمر صعب جداً واللاجئون يطحنون تحت عجلات الصراعات في سوريا.
ويعيش نصف مليون فلسطيني في مخيم اليرموك قبل بدء الصراع السوري في عام 2011، حيث بلغ عدد الشهداء الفلسطينيين هناك، منذ بدء الأحداث في سوريا حوالي 1100 شهيد.
وقد أُعلن أواسط العام الماضي عن وفاة أكثر من 150 شخصا في المخيم بسبب الجوع وتداعيات الحصار، فيما دعت منظمات أممية للتدخل العاجل لإنقاذ اللاجئين واعتبرت أن ظروفهم المزرية تضع القيم الإنسانية على المحك.