شهد العام 2022 الكثير من الإنجازات العلمية والتكنولوجية التي غيرت فهمنا للكثير من الأشياء، ونعرض لكم في هذا التقرير أبرز إنجازات العام الحالي، والأحداث التي يُنتظر أن تسهم في تحقيق خطواتٍ جديدة للبشرية نحو التقدم في العام الجديد.
أبرز إنجازات العام 2022
- تلسكوب جيمس ويب: في 11 تموز المنصرم، وفي بثٍ مباشر من البيت الأبيض، كشف الرئيس الأميركي جو بايدن النقاب عن الصورة الأولى لما أسماه تلسكوب فضائي جديد "معجزة"، يُسمى "جيمس ويب"، لاستكشاف بدايات الكون والغلاف الجوي للكواكب البعيدة. ومنذ وضعه على بعد مليون ونصف مليون كيلومتر من الأرض، يثير خليفة التلسكوب الفضائي "هابل" الذي لا يزال أيضاً في الخدمة، ذهول علماء الفلك مع صور تتمتع بدقة غير مسبوقة.
- الاندماج النووي: أعلن علماء أميركيون في 13 كانون أول، عن إجراء تفاعلٍ اندماجي نووي أنتج طاقة كبيرة. وهذا يمثل اختراقاً كبيراً في هذا المجال. وإذا تم تسويق طاقة الاندماج النووي، فستوفر مصدراً نظيفاً ومتجدداً للطاقة يساعد في مكافحة تغير المناخ، مع عدم إنتاج مجموعة من النفايات المشعة التي تشتهر بها مفاعلات الطاقة الانشطارية.
- "عكس الموت" بإحياء خلايا الخنازير: ضخ علماء جامعة "ييل" الأميركية، نظاماً طوروه يُدعى "OrganEx" في أجسام الخنازير الميتة باستخدام جهاز مشابه لآلات القلب والرئة المستخدمة في المستشفيات. وعندما بدأت الآلة بتوزيع المحلول في أوردة وشرايين الجثث، بدأت خلايا الدماغ والقلب والكبد والكلى في العمل مرة أخرى. يتمثل أحد الأهداف الرئيسية للباحثين من هذه التجربة في زيادة إمداد الأعضاء البشرية للزراعة في المستقبل، عن طريق السماح للأطباء بالحصول على أعضاءٍ قابلة للحياة بعد فترةٍ طويلة من وفاة المريض. كما يأملون في إمكانية استخدام هذه التقنية لمنع حدوث أضرار جسيمة لأعضاء مثل القلب، بعد تعرض الفرد لنوبة قلبية كبيرة، أو الدماغ بعد السكتة الدماغية.
- إنماء جنين فأر اصطناعي مع دماغ وقلب ينبض: في قفزةٍ هائلة في بحوث الخلايا الجذعية، طورت تجربة بقيادة باحثين من جامعة "كامبريدج" في المملكة المتحدة، نموذجاً حياً لجنين فأر مكتمل بأنسجة القلب وبدايات الدماغ، من دون الاستعانة بحيوان منوي، أو بويضة. وكل ما تطلّبه الأمر هو استخدام الخلايا الجذعيّة. وهي عبارة عن خلايا غير مُتخصصة يمكن التلاعب بها لتتحوّل إلى خلايا ناضجة ذات وظائف خاصة. ومن خلال مشاهدة الأجنّة في المختبر بدلاً من الرحم، يحصل العلماء على رؤية أفضل للعملية بهدف معرفة سبب فشل بعض حالات الحمل، وكيفيّة منع ذلك.
- نجاح العلماء في زرع خلايا دماغ بشرية في الفئران الصغيرة: في دراسة نُشرت في مجلة "نايتشر Nature" في تشرين أول المنصرم، حقن العلماء الخلايا العصبية البشرية في أدمغة الفئران. ووجدوا أن هذه الخلايا العصبية استمرت في النمو، وشكلت روابط مع خلايا دماغ مضيفها ووجهت سلوكها. وقد نمت هذه الخلايا في النهاية لتشكل سدس أدمغة الحيوانات. الهدف النهائي من هذه التجربة هو البدء في فهم سمات الأمراض المعقدة مثل الفصام، واضطراب طيف التوحد، والاضطراب ثنائي القطب. لكن بعض العلماء عبّروا عن قلقهم من أن تخلق هذه التجربة "فئران خارقة" ذات قدرة عالية. وهذا ما لفّت إليه جوليان سافوليسكو، عالم أخلاقيات علم الأحياء في جامعة "سنغافورة الوطنية" بقوله "هذا يثير احتمال قيامك بإنشاء فأر محسّن قد يكون لديه قدرات معرفية أكبر من الفأر العادي".
أبرز الإنجازات العلمية والتكنولوجية المتوقعة في عام 2023
- قفزة في مشاريع الذكاء الاصطناعي: في عام 2023، سيصبح الذكاء الاصطناعي حقيقة ملموسة بشكلٍ أكبر في الشركات والمؤسسات. سيكون التسوق والتسليم اللا تلامسي والمستقل اتجاهاً هائلاً لعام 2023. وسوف يسهل الذكاء الاصطناعي على المستهلكين دفع ثمن السلع والخدمات واستلامها. كما سيعمل الذكاء الاصطناعي أيضاً على زيادة كل وظيفة تقريباً في كل عملية تجارية عبر الصناعات. وسيستخدم المزيد من تجار التجزئة الذكاء الاصطناعي لإدارة وأتمتة عمليات إدارة المخزون المعقدة التي تحدث خلف الكواليس.
- جانب من الميتافيرس سيصبح حقيقة: يتوقع خبراء التكنولوجيا أن يضيف عالم الميتافيرس 5 تريليونات دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، وبأن يحدد عام 2023 اتجاه الميتافيرس للعقد المقبل. سنرى أيضاً المزيد من تقنيات الأفاتار المتقدمة في العام الجديد. ورغم بدء بعض الشركات بالفعل باستخدام تكنولوجيا شبيهة مثل AR و VR لإجراء التدريب والإعداد، فمن المؤكد أن هذا الاتجاه سوف يتسارع في عام 2023.
- بناء الجسور بين العالم الرقمي والمادي: التوائم الرقمية هي محاكاة افتراضية لعمليات أو منتجات في العالم الحقيقي يمكن استخدامها لاختبار الأفكار الجديدة في بيئة رقمية آمنة. يستخدم المصممون والمهندسون التوائم الرقمية لإعادة إنشاء أشياء مادية داخل عوالم افتراضية، حتى يتمكنوا من الاختبار في ظل كل حالة يمكن تصورها، من دون التكاليف الباهظة للتجارب الواقعية. في عام 2023، سنرى المزيد من التوائم الرقمية، من المصانع إلى الآلات إلى السيارات إلى الرعاية الصحية الدقيقة.
بعد الاختبار في العالم الافتراضي، يمكن للمهندسين تعديل المكونات، ثم إنشاؤها في العالم الحقيقي باستخدام تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. على سبيل المثال، تقوم فرق "Formula 1" حالياً بجمع البيانات المنقولة من أجهزة الاستشعار أثناء السباقات، إضافةً إلى درجات حرارة مضمار السباق وظروف الطقس، لمعرفة كيف تتغير السيارات أثناء السباقات. ثم يقومون بدفق البيانات من المستشعرات إلى التوائم الرقمية للمحركات ومكونات السيارة وتشغيل السيناريوهات لإجراء تغييرات في التصميم أثناء التنقل. ثم تقوم الفرق بطباعة قطع غيار السيارات ثلاثية الأبعاد بناءً على نتائج الاختبار.
- طبيعة قابلة للتغيير على نحوٍ متزايد: نعيش في عالم يمكننا فيه إجراء تغييرات على المواد والنباتات وحتى البشر. وستمكننا تقنية النانو من إنشاء مواد ذات ميزات جديدة تماماً، مثل مقاومة الماء وقدرات الشفاء الذاتي. وبينما كانت تقنية "CRISPR-Cas9" موجودة منذ بضع سنوات، سنشهد في عام 2023 تسارع تقنية تحرير الجينات لمنحنا القدرة المتزايدة على "تعديل الطبيعة" عن طريق تغيير الحمض النووي.
- تطور الحوسبة الكمومية: تُعد الحوسبة الكمية، التي تستخدم الجسيمات دون الذرية لإنشاء طرقٍ جديدة لمعالجة المعلومات وتخزينها، قفزة تكنولوجية من المتوقع أن تجلب لنا أجهزة كمبيوتر قادرة على العمل أسرع بتريليون مرة من المعالجات التقليدية المتاحة اليوم. ويكمن الخطر المحتمل للحوسبة الكمومية في أنها قد تجعل ممارسات التشفير الحالية لدينا عديمة الجدوى، لذا فإن أي دولة تقوم بتطوير الحوسبة الكمومية على نطاقٍ واسع يمكن أن تكسر تشفير الدول الأخرى والشركات وأنظمة الأمان وغيرها. هذا اتجاه يجب مراقبته بعناية في عام 2023 حيث تضخ دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والصين وروسيا الأموال في تطوير تكنولوجيا الحوسبة الكمومية.
- التقدم في التكنولوجيا الخضراء: أحد أكبر التحديات التي يواجهها العالم الآن هو كبح جماح انبعاثات الكربون لدينا حتى نتمكن من معالجة أزمة المناخ. في عام 2023، سنشهد تقدماً مستمراً حول الهيدروجين الأخضر. وهو مصدر جديد للطاقة ينتج عنه ما يقرب من الصفر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. سنرى أيضاً تقدماً في تطوير شبكات الطاقة اللامركزية، حيث يوفر توليد الطاقة الموزعة باستخدام هذا النموذج نظاماً لمولدات الطاقة الصغيرة والتخزين الموجودة في المجتمعات أو المنازل الفردية، لتتمكن من توفير الطاقة حتى في حالة عدم توفر الشبكة الرئيسية.