قائمة الموقع

أجندة حكومة نتنياهو ستقصر من عمرها

2022-12-31T10:03:00+02:00
بن غفير ونتنياهو
قلم/ ياسر عرفات الخواجا

أدى نتنياهو اليوم اليمين الدستوري ليتقلد رئاسة الحكومة السابعة والثلاثين فى الكنيست الإسرائيلي ضمن حالة من الارتباك الواضح، فقد نسي أن يعلن عن تشكيلة حكومته، ونزل عن منصة الكنيست، ثم عاد وأعلن عنها...هذا الارتباك ربما يعيشه نتنياهو فى ظل الموقف الدولي الذى يرى فى تركيبة حكومته غير المؤهلة صعوبة بالغة في التعامل معها، بسبب رؤيتها وسلوكها الذى يدعو إلى توسيع المستوطنات فى الضفة الغربية والقدس، فهذه المناطق تعتبر غير قانونية وفق القانون الدولي.

لقد سعى نتنياهو إلى تشكيل هذه الحكومة وهو لا ينظر إلا لمصلحته الشخصية، وتفضيله عدم العودة مجددا إلى انتخابات قد لا تعطيه الفرصة مرة أخرى، وهو يدرك جيدًا أبعادها، ويدرك حقيقة ما يعنيه هذا الائتلاف المشكل من اليمين واليمين الديني والأحزاب الحريدية التي لها رؤى مختلفة، فهي تنظر إلى (إسرائيل) الحالية ببعدها الديني التوراتي على أنها محطة فى طريق الوصول إلى الدولة الدينية التي تحتكم للتوراة. الأمر سيبرز حالة التوتر وعدم الرضى والخشية من هذه الرؤى على صعيد المجتمع الإسرائيلي، وسيشكل حالة من الصراع الداخلي في هذا الكيان، والذى باتت الانقسامات الداخلية فيه واضحة للعيان حول ملامح وهوية يهودية الدولة، والقضايا الدينية الديمقراطية، والانقسام المحتدم بين المدينين والعلمانيين حول مسألة الحريات الفردية والمدنية للأقليات الدينية والقومية والاجتماعية، بل قد يصل الأمر إلى الانقسام والمواجهة الداخلية فى القضايا الداخلية والمؤسسات الأخرى مثل: الجيش، والأمن، والقضاء، والتعليم، إضافة الى التأثير الذى سيلقي بثقله من خلال سياسة هذه الحكومة على الفلسطينيين فى الضفة الغربية.

فكرة ضم الضفة الغربية والسيطرة على أجزاء واسعة منها، والدعوة لترسيخ نظام الفصل العنصري، وتوسيع المستوطنات، وفرض السيادة على الطرق الاستيطانية فى الضفة والقدس، واستمرار التهديدات باستهداف المقدسات مثل: تغير الوضع القائم من خلال الاقتحامات للمسجد الأقصى، واستمرار الحفريات فيه، والعمل على تهويده، وتكثيف الاستيطان حوله، وإعطاء الضوء الأخضر لـ (ابن غفير) للترويج لقانون الإعدامات للأسرى الفلسطينيين، إضافة للتعليمات والتسهيلات لجنود الاحتلال بقتل الفلسطينيين وإطلاق النار عليهم. كل هذا سيؤدى بالضرورة إلى إشعال المنطقة، والذي ربما سينعكس على الحالة الإقليمية والدولية فى ظل الانشغال الكامل فى الملف الروسي الأوكراني، حيث إن هناك تحذيرات من الأوربيين والأمريكان بإدراج أسماء الإسرائيليين المشتبه فى تورطهم فى جرائم قتل ضد الفلسطينيين فى مناطق الضفة الغربية على القائمة السوداء، هذا التهديد الذي يظهر لأول مرة فى تاريخ علاقة الولايات المتحدة مع الكيان يعد خطوة غير مسبوقة فى التعامل الدبلوماسي بينهما، كل هذا سيشكل جملة من التحديات الداخلية والخارجية لهذه الحكومة الوليدة، الأمر الذي سيثقل كاهلها ويؤدي إلى تقصير عمرها.

وفي تلخيص سريع لأبرز التحديات الداخلية والخارجية:

أولاً: التحديات الداخلية:

تتعلق بالمؤسسات والانقسامات فى الجيش بين المتدينين والعلمانيين، والتنافس الحاد بينهم حول السيطرة على مفاصل القوة، لاسيما أن (14)عضوًا من الائتلاف الحكومي يسكنون فى مستوطنات حول الضفة والقدس، بالإضافة لرفض الأحزاب الدينية تواجد المرأة فى صفوف الجيش وعدم تسلمها مناصب عليا. أما في التعليم: فقد أعلنت أكثر من (50) سلطة محلية داخل الكيان أنها لن تتعاون مع سياسة رئيس حزب نوعم (آفي ماعوز). وأما المالية: فقد أعلن (سموتريتش) صراحة بأنه سيدير الأمور المالية وفق الرؤية التوراتية معلقًا بأن ذلك هو الأفضل من الإدارة المالية للرأسمالية والاشتراكية، وكذلك المسائل الاجتماعية فيما يتعلق بالمساوة وحقوق الأقليات. أما في الملف الفلسطيني: فهو فيما يتعلق باستمرار السلطة، وكيف سيكون شكل التعامل معها، علمًا بأن الإبقاء على السلطة أقل تكلفة أمنية ومالية وقانونية من إلغائها والتصادم معها، إضافة إلى الخوف من التحدي المتعلق بالمواجهات المفتوحة مع الفلسطينيين فى الضفة الغربية وكيفية إنهائها.

ثانيًا: التحديات الخارجية:

فهي المتعلقة بالبرنامج النووي الإيراني وتطور قدرات إيران العسكرية، وتنامى قدرات محور المقاومة وعلى رأسها حزب الله، بالإضافة الى التحديات التي ربما تشمل خطوات كبيرة من الصدام والعزلة الدولية التي قد تحدث نتيجة الخطط والبرامج التي تقدمت بها أحزاب الائتلاف فيما يتعلق بالاختلاف حول ملفات إقليمية ودولية، لاسيما الملف النووي الإيراني والملف الفلسطيني.

الخلاصة:

هذه الحكومة تحمل بذور فنائها قبل أن تبدأ، وإذا ما بقيت على سياستها فلن تدوم طويلاً، فرئيس وزرائها مطلوب للقضاء بتهم الرشاوى والفساد، ورئيس الكنيست المعروف بالشذوذ، والوزراء الذين يحملون حقائب حساسة أغلبهم متطرفون وموتورون "خريجو سجون"، وربما يستغلون هذه المناصب للانتقام والتصعيد ضد الشعب الفلسطيني...وأمام هذا المشهد الخطير أعتقد أنه يتوجب علينا كفلسطينيين أن نستعد جيدًا وأن نتحد ونتجمع ضمن رؤية وبرنامج موحد فى مواجهة سياسات حكومة الكيان الجديدة وما تحمله من مواقف دموية بحق شعبنا ومقدساتنا

اخبار ذات صلة