لم تمنع سنوات الأسر الخمس عشرة، الأسير المحرر خالد القاضي من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، من تحقيق حلمه، وإكمال مشواره الرياضي الذي بدأه قبل الأسر في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
المحرر القاضي الذي اختير مؤخرًا ليكون مديرًا فنيًا لنادي الاستقلال الرفحي– أحد أندية الدرجة الثانية في قطاع غزة – بدأ مشواره كأحد لاعبي كرة القدم في فريق جماعي رفح عام1991، إلى أن جاءت السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة عام 1994.
ومع قدوم السلطة وبدء حملة اعتقالات للمعارضين لاتفاقية أوسلو، ترك القاضي كرة القدم لفترة وأصبح بعدها يمارسها من فترة إلى اخرى بجانب مقارعته للاحتلال الإسرائيلي، ليتم تكليفه بتدريب الفريق الأول لنادي الأسير الفلسطيني، قبل العودة لنادي جماعي رفح ليكون مدربًا للفريق الثاني في النادي.
شغف الرياضة رغم الاعتقال
لم يقف القاضي مكتوف اليدين بعد اعتقاله خلال انتفاضة الأقصى والحكم عليه بالسجن 15 عامًا، بل استثمر تلك السنوات لمتابعة كرة القدم العالمية، خاصة الأندية والدوريات الاسبانية والاإنجليزية والفرنسية والإيطالية، مستغلًا الأوقات التي كان يسمح بها الاحتلال للأسرى بمشاهدة التلفاز.
يقول القاضي في حديثه لـ"شمس نيوز": "كانت القنوات الإسرائيلية تستضيف محللين أجانب ولهم خبرة كبيرة، يعقبون على هذه المباريات بشكل دقيق، ويشرحون أسباب استخدام المدربين لبعض الأساليب والتكتيكات عن الأساليب الأخرى".
سنوات الأسر، كانت كفيلة لأن يتعلم سبل وطرق التكتيك الكروي بشكل جيد وواسع، ومن مختلف المدربين حول العالم، ومدربي أكبر الأندية العالمية، بالإضافة إلى التدريبات البدنية وغيرها، ليخرج من السجن في العام 2018 وقد اكتسب من المهارات الكثير.
مشوار بعد الأسر
رغم ذلك، قرر القاضي عدم الاهتمام بالرياضة عند خروجه من السجن، ورأى أن الخيار الأفضل هو الاهتمام بأسرته التي ابعده السجن عنها 15 عامًا، إلا وأنه وبعد الحاح مستمر ومتواصل من الأصدقاء عاد إلى الوسط الكروي بعد نحو عامين من التحرر، ليعمل في العام 2021، كمشرف فني لفريق الاستقلال، ويضع بعض البصمات للاعبين وللمدير الفني للنادي.
يكمل القاضي حديثه ويقول: "خلال هذه الفترة عملت على تنمية مهاراتي من خلال العديد من الدورات والحصول على الشهادات بمختلف الدرجات الخاصة بالإشراف الفني والإدارة الفنية للفرق والأندية".
خلال أعوام عمله كمشرف فني على فريق الاستقلال، كان يتابع العمل عن بعد، ويعطي بعض التوجيهات للطاقم الإداري والفني واللاعبين، واستمر بهذا الأمر إلى أن تم تكليفه خلال الأشهر ليكون مديرًا فنيًا للنادي، وينتشله من الهاوية، ويصل إلى أدوار متقدمة ضمن دوري الدرجة الثانية.
الاستفادة من الأسر
قبل تولي القاضي دفة القيادة، كان الفريق قد خاض 8 مباريات، لم يحصل خلالها سوى على 4 نقاط فقط، الأمر الذي دفع المحرر إلى إعادة ذكريات الكرة مع ما تعلمه خلال فترة الأسر، واستجماع كل نقاط القوة والبدء بالعمل.
حقق الفريق بقيادة القاضي إنجازات عديدة، ووصل إلى إجمالي 15 نقطة، وأصبح في المرتبة السادسة ضمن فرق الدوري.
يسرد هنا تفاصيل النقاط التي تمكن من حصادها الفريق تحت إشرافه ويقول :"المباراة الأولى كانت مع اتحاد دير البلح، وعلى أرضه، وبما أنه متصدر الدوري كانت المباراة محسومة لصالحه، ولكن بحمد الله تعادلنا في هذه المباراة وحصلنا على أول نقطة".
بعد ذلك تعادل مع خدمات المغازي، رغم أن المباراة قبل بدايتها محسومة له، إلا أن الاستقلال تمكن من التعادل، والحصول على نقطة، ثم مع القادسية وفاز الاستقلال عليه وحصل على ثلاث نقاط، ثم فاز على نادي الرباط وحصل على ثلاث نقاط جديدة، تلاها الفوز على جماعي رفح والحصول على ثلاث نقاط، ليصبح إجمالي النقاط التي حصل عليها الفريق بالإضافة للأربع القديمة، 15 نقطة.
صعوبات وآمال
وأمام هذه الإنجازات إلا أن الكابتن القاضي لا زال يحصل على الخبرات والأفكار التدريبية من مختلف أندية العالم، خاصة من تدريبات الفرق الثانية في هذه الأندية، مرجعًا ذلك إلى أن تلك الأندية تهتم بالفرق الثانية بشكل كبير؛ كونها الفرق الناشئة والتي لها المستقبل الكروي.
ويأمل القاضي أن تتطور كرة القدم بغزة، وأن تتطور الأندية والملاعب في القطاع ، مشيرًا إلى أنها أندية للهواة أكثر منها للرياضيين المحترفين.
يكمل حديثه هنا "العديد من الأندية تفتقر للمدرب البدني، والكثير ممن يصابون في الملعب لا يعالجون بشكل سليم، كما أن هناك صعوبات تواجه اللاعبين الغزيين".
ومن هذه الصعوبات التي يشير إليها الكابتن القاضي "بعض اللاعبين يستدينون مواصلات تنقلهم من السوبر ماركت، أو المحال التجارية، وهذه مشكلة كبيرة، أيضًا هناك أندية يتم التحكم بها سياسيًا، وتتحكم باختيار الأجهزة الفنية واللاعبين بناء على رغباتهم السياسية، وليس على الخبرة الرياضية".
ويطمح بالوصول لتدريب المنتخب الوطني؛ كونه يعطي أفقًا أوسع، ويكون في المنتخب صفوة اللاعبين، ويمكن المنافسة على بطولات أكبر، كما يؤكد، مستدركًا "لكن المكتسبات السياسية تعترض هذا الأمر وتضع عقبات في هذه الطريق".