غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

هل تتجه العليا الإسرائيلية إلى إبطال تعيين درعي؟

نتنياهو ودرعي
شمس نيوز -القدس المحتلة

تترقب الأوساط السياسية والقضائية في "إسرائيل"، القرار الذي قد يصدر عن المحكمة العليا خلال الأيام المقبلة بشأن تعيين رئيس حزب "شاس"، أرييه درعي، وزيرا في الحكومة الإسرائيلية، في قرار سيكون له تأثير كبير على الحكومة الإسرائيلية كونه يتعرض لأحد أبرز مسؤوليها وصاحب ثاني أكبر كتلة في الائتلاف.

ونظرت المحكمة العليا، يوم الخميس الماضي، في التماسات ضد قرار رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بتعيين درعي وزيرا، في أعقاب إدانته بتهم جنائية وفرض عقوبة السجن مع وقف التنفيذ عليه، بداية العام الماضي.

وقبيل أيام من تشكيل الحكومة الجديدة، شرع الائتلاف تعديلا على "قانون أساس: الحكومة"، بأن لا تلصق وصمة عار بمن يحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، ما سمح بتعيين درعي.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد وجهت تهديدا واضحا إلى المحكمة العليا، من خلال تصريح لمصدر رفيع في الائتلاف بأن الجدول الزمني لخطة وزير القضاء، ياريف ليفين، لإضعاف جهاز القضاء، سيتأثر من قرار المحكمة العليا بخصوص تعيين درعي، وسط تقديرات بأن يلقي قرار العليا في هذا الشأن بظلاله على جدول أعمال الحكومة المقبلة، وكذلك على مدى الاحتجاجات الإسرائيلية على هذا التعيين والتغييرات التي تعتزم حكومة نتنياهو إحداثها في الجهاز القضائي.

وتتناول الالتماسات ضد تعيين درعي قضيتين رئيسيتين؛ تتمثل الأولى بمدى شرعية "قانون درعي" - التعديل الجديد على "قانون أساس: الحكومة"، والذي شرعن تعيين رئيس حزب "شاس" رئيسا؛ فيما تتمحور القضية الثانية حول ما إذا كان يجب إلغاء تعيين درعي من قبل نتنياهو، بسبب ماضيه الإجرامي والتزاماته بالتقاعد من الحياة العامة كجزء من صفقة الإقرار بالذنب عند إدانته بآخر قضية فساد وجهت له، في آذار/ مارس العام.

ما القرارات المتوقعة التي قد تصدر عن المحكمة العليا؟

وفي هذا الإطار، فإن مجموعة الخيارات المتعلقة بالقرار الذي قد يصدر عن المحكمة العليا، محدودة؛ أبرزها، الخيار الأول، أن ترد المحكمة الالتماس بشأن دستورية التعديل الذي أجراه ائتلاف نتنياهو على "قانون أساس: الحكومة"، في حين يتم رفض تعيين درعي وزيرا بناء على حجة "عدم المعقولية" بسبب ماضيه الإجرامي.

وفي الماضي، أبطلت المحكمة العليا، في العديد من الحالات، تعيينات كبار المسؤولين في الخدمة العامة بناء على حجة "عدم المعقولية" الجلية في هذه الحالة، في ظل إدانته ثلاث مرات في ملفات فساد ومخالفات جنائية، علما بأن رئيسة المحكمة العليا، إستر حيوت، كانت قد اعتبرت في العام 2015 أن حجة عدم المعقولية "تكاد أن تتحقق" في حالة درعي، ومنذ ذلك الحين أدين درعي (في العام الماضي) بالتهرب الضريبي وحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ.

المحكمة العليا نظرت في التماسات ضد تعيين درعي وزيرا، على خلفية إدانته بتهم فساد والحكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ، والمستشارة القضائية تقول إنه التصقت به وصمة عار، والمحكمة تعلن أنها ستصدر القرار لاحقا

ويرفع من احتمالية أن تتخذ العليا قرارا بـ"عدم معقولية" تعيين درعي، أن المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف - ميارا، رفضت الدفاع عن موقف الحكومة بشأن تعيين درعي، واعتبرت أنه موصوم بالعار، وقالت ممثلة المستشارة القضائية خلال المداولات في الالتماسات المقدمة ضد تعيين درعي إنه "لا نعرف أشخاصًا مثل الوزير درعي، الذي تم تقديم ثلاث لوائح اتهام ضده وأدين ثلاث مرات وحُكم عليه ثلاث مرات بالسجن الفعلي (أو مع وقف التنفيذ)".

وشددت ممثلة المستشارة القضائية على أن بهاراف - ميارا، تعتبر أن درعي موصوم بالعار، ولا يصلح لتولي منصب وزاري. وفي قضايا مشابهة سابقة، جاءت قرارات المحكمة العليا مطابقة لموقف المستشار القضائي للحكومة، ما يعزز من إمكانية أن ترى المحكمة أن تعيين درعي هو قرار يتجاوز حد "المعقولية".

وفي ما يتعلق بإلغاء تعديل "قانون أساس: الحكومة" الذي أجاز تعيين درعي، هناك احتمال نظري بإبطال هذا التعديل لعدم دستوريته، لكن المحكمة العليا لم تبطل أبدًا "قانون أساس" سنه الكنيست، بسبب الحالة القانونية الخاصة لهذه القوانين التي تعتبر إسرائيليا ذات مكانة خاصة كونها "قاعدة لدستور مستقبلي محتمل".

والخيار الثاني الذي قد يذهب إليه قرار المحكمة العليا، الذي سيصدر عن هيئة موسعة من 11 قاضيا، يتمثل بقبول قرار نتنياهو بتعيين درعي، رغم ما يشوب هذا القرار من إشكالات، وذلك بسبب السلطة التقديرية الواسعة الممنوحة لرئيس الحكومة في ما يتعلق بالتعيينات الوزارية، وبالتالي لن تقرر المحكمة إبطال التعيين.

عبّرت المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، في موقف رسمي قدمته للمحكمة العليا، عن موقف يقضي بإلغاء تعيين درعي لأن القرار غير معقول بسبب إدانته بمخالفات جنائية، فيما طالبت المحكمة برفض الالتماس حول "دستورية" تعديل "قانون أساس: الحكومة".

وفي مثل هذه الحالة، سينتقد قضاة المحكمة قرار نتنياهو بتعيين درعي، وقبول الادعاء بأن ناخبي "شاس" أخذوا في الحسبان أن درعي سيكون وزيرا رفيعا في حكومة نتنياهو رغم إدانته بالفساد، وبالتالي "يجب أخذ إرادة الناخب بعين الاعتبار"، وكذلك بسبب الاعتبارات التي يقدمها تشريع قانوني دخل حيز التنفيذ في تموز/ يوليو 2022، والذي ينص على أنه "لا ينبغي أن تؤخذ الجرائم القديمة التي أدين بها شخص قبل 20 عامًا أو أكثر في الاعتبار لأنه تم شطبها من السجل القضائي للمدان".

والخيار الثالث أمام المحكمة العليا، هو عدم إلغاء التعديل على "قانون أساس: الحكومة"، باستثناء البند الذي ينص على تطبيقه الفوري، أي أن المحكمة سترى أن التعديل على القانون سيطبق من الآن فصاعدًا، بما لا يشمل التعيين الحالي لدرعي. في مثل هذه الحالة، قد تطلب المحكمة العليا من درعي التوجه إلى رئيس لجنة الانتخابات، نعوم سولبرغ، حتى يتمكن من تحديد ما إذا كان قد لحق بدرعي "وصمة عار" في إدانته الأخيرة.

والخيار الرابع للمحكمة، هو أن تستخدم المحكمة ما يعرف بـ"مبدأ الصمت القضائي"، والحكم بعدم أهلية درعي لتولي حقائب وزارية، بناء على تنقاض ادعاءات المتهم، ووفقا لهذا المبدأ، لا يمكن لمتهم أن يقدم ادعاءات والتزامات في إجراء قانوني معين، ويناقضها في إجراء آخر، وبالتالي لا يمكن لدرعي تولي منصب وزير بعد أن تعهد في صفقة الادعاء التي أدين بموجبها في قضية فساده الأخيرة، بـ"الابتعاد عن الحياة السياسية لسنوات عديدة"، وبناء على ذلك لا يمكنه الادعاء أمام المحكمة العليا بأن لديه الحق في العودة إلى الحياة السياسية كوزير رفيع المستوى في الحكومة الجديدة.

وتشير التقديرات إلى أن استخدام مبدأ "الصمت القضائي" هو أسهل الخيارات المتاحة أمام المحكمة العليا إذا ما أرادت إبطال تعيين درعي دون اللجوء إلى "حجة عدم المعقولية" التي يسعى ائتلاف نتنياهو إلى إبطالها ضمن المخطط الذي طرحه مؤخرا وزير القضاء، ياريف ليفين، وحظي بتأييد واسع من الأحزاب في الائتلاف الحكومي.