دراسة: أسماك المياه العذبة تسبب أضرارا صحية خطيرة

كشفت دراسة حديثة أن تناول أسماك المياه العذبة يمكن أن يسبب أضرار صحية خطيرة، قد تنتهي بالإصابة بأمراض بينها السرطان.

وبحسب الدراسة التي أعدتها وكالة حماية البيئة الأمريكية تحتوي الأسماك التي يتم اصطيادها في المياه العذبة لمجاري الأنهار والبحيرات الكبرى على مستويات عالية بشكل خطير من السلفونات المشبعة بالفلور أوكتين (PFAS)، بحسب شبكة "سي إن إن".

هذه المادة هي اختصار لحمض السلفونيك البيرفلوروكتاني، وهو سم اصطناعي معروف تخلصت منه الحكومة الفيدرالية الأمريكية تدريجيا، ويستخدم على نطاق واسع منذ الخمسينيات من القرن الماضي لجعل المنتجات الاستهلاكية غير لاصقة ومقاومة للبقع وأضرار المياه والشحوم.

يُطلق على هذه المركبات"المواد الكيميائية إلى الأبد" لأنها لا تتحلل بسهولة في البيئة، وقد تسربت PFAS إلى مياه الشرب عبر أنظمة المياه العامة والآبار الخاصة. ويقول الخبراء إن المواد الكيميائية تتراكم بعد ذلك في أجسام الأسماك والمحار والماشية ومنتجات الألبان وحيوانات الصيد التي يأكلها الناس.

قال المؤلف المشارك في الدراسة ديفيد أندروز، وهو عالم كبير في مجموعة العمل البيئية، وهي منظمة الصحة البيئية غير الربحية التي حللت البيانات: "غالبا ما تجاوزت مستويات السلفونات المشبعة بالفلور أوكتين الموجودة في أسماك المياه العذبة 8000 جزء لكل تريليون".

وبالمقارنة، سمحت وكالة حماية البيئة بـ 70 جزءا فقط لكل تريليون من السلفونات المشبعة بالفلور أوكتين في مياه الشرب في البلاد.

بسبب المخاوف الصحية المتزايدة، أوصت وكالة حماية البيئة في عام 2022 بخفض المستوى المسموح به من سلفونات الأوكتين المشبعة بالفلور في مياه الشرب من 70 إلى 0.02 جزء لكل تريليون.

قال أندروز: "يجب أن تشرب كمية لا تصدق من الماء - شهرا من المياه الملوثة - للحصول على نفس التعرض الذي تحصل عليه من حصة واحدة من أسماك المياه العذبة".

قال أندروز: "إن استهلاك سمكة واحدة (يتم صيدها محليًا من المياه العذبة) سنويا يمكن أن يغير بشكل ملموس وكبير مستويات السلفونات المشبعة بالفلور أوكتين في دمك".

ترتبط المواد الكيميائية في عائلة "PFAS" بارتفاع الكوليسترول والسرطان والأمراض المزمنة المختلفة، فضلا عن استجابة محدودة للأجسام المضادة للقاحات لدى كل من البالغين والأطفال، وفقًا لتقرير صادر عن الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب.

قالت عالمة السموم ليندا بيرنبوم، المديرة السابقة للمعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية والبرنامج الوطني لعلم السموم تعليقا على الدراسة: "هذه ورقة مهمة".

وأضافت "العثور على هذا المستوى من التلوث في الأسماك في جميع أنحاء البلاد، حتى في المناطق غير القريبة من الصناعة حيث قد تتوقع تلوثا شديدا، أمر مقلق للغاية (..) هذه المواد الكيميائية موجودة في كل مكان".

يقول الخبراء إنه من المستحيل تقريبا تجنب PFAS. يضيف المصنعون هذه المواد الكيميائية إلى آلاف المنتجات، بما في ذلك أدوات الطهي غير اللاصقة والهواتف المحمولة والسجاد والملابس والمكياج والأثاث وتغليف المواد الغذائية.

وجد تحقيق أجري عام 2020 أن مادة PFAS موجودة في تغليف العديد من الأطعمة السريعة وأوعية وحاويات مصنوعة من ألياف "صديقة للبيئة".

وجدت دراسة أجريت عام 2021 أن PFAS موجودة في 52% من مستحضرات التجميل المختبرة، مع أعلى مستويات في الماسكارا المقاومة للماء (82%)، كريم الأساس (63%) وأحمر الشفاه طويل الأمد (62%). كان البولي تترافلوروإيثيلين (الطلاء على الأحواض غير اللاصقة) الأكثر شيوعا من حيث هذه المادة الخطرة.

استخدم العلماء في مجموعة العمل البيئي بيانات من برامج المراقبة الخاصة بوكالة حماية البيئة - التقييم الوطني للأنهار والجداول، الذي يختبر بشكل دوري ظروف التيار منذ عام 2008، ودراسة أنسجة فيليه الأسماك في البحيرات العظمى لصحة الإنسان، والتي تختبر مياه البحيرة كل خمس سنوات.

قال أندروز: "ركز التحليل على الأسماك التي تم صيدها من قبل وكالة حماية البيئة في الأنهار والجداول وفي جميع أنحاء منطقة البحيرات العظمى من عام 2013 إلى عام 2015، حيث كانت هذه أحدث البيانات المتاحة".

وقال إن التلوث كان منتشرا على نطاق واسع، وأثر على "كل الأسماك تقريبًا في جميع أنحاء البلاد".

أظهر التحليل أن السلفونات المشبعة بالفلور أوكتين مسؤولة عن متوسط 74% من التلوث في الأسماك.

ترتبط المستويات العالية من بعض "PFAS" بما يلي: زيادة مستويات الكوليسترول، انخفاض استجابة اللقاح عند الأطفال، تغيرات في إنزيمات الكبد، زيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم، زيادة خطر الإصابة بمقدمات الارتعاج عند النساء الحوامل، انخفاض طفيف في أوزان المواليد، زيادة خطر الإصابة بسرطان الكلى أو الخصية.

يشار إلى أن "PFAS" عبارة عن مجموعة من أكثر من 4700 مادة كيميائية صناعية، تستخدم في مجموعة واسعة من المنتجات اليومية، والتي تلوث الآن الهواء والتربة والماء في جميع أنحاء العالم، تتراكم هذه" المواد الكيميائية إلى الأبد "من خلال السلاسل الغذائية، مما يتسبب في أضرار طويلة الأجل للحياة البرية، وهي شديدة الثبات في البيئة.