غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

بالصور دمشق: نُقَّاد وأدباء يُوصون بترجمة مُذكرات الشيخ بسام السعدي كونها تُوثق محطاتٍ عن سيرة شعب مُقاوم

مُذكرات الشيخ بسام السعدي - أدباء ونقاد (9).jpg
شمس نيوز - دمشق

أوصى نُقَّاد وأدباء وكُتَّاب سوريون وفلسطينيون، بضرورة تداول كتاب (قبسٌ من نور المسيرة.. الشيخ المجاهد بسام السعدي يتذكر) على أوسع نطاق، وترجمته إلى عدة لغات، كونه لا يقف عند مسيرة شخص بذاته، وإنما يتناول محطاتٍ هامة في سيرة شعب بأكمله، لازال يُقاوم الاحتلال بشجاعةٍ وعزيمة، على مدارِ قرنٍ كامل.

جاء ذلك في ندوةٍ نظمتها حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، بالساحة السورية، ظهر اليوم السبت، لقراءة كتاب (قبسٌ من نور المسيرة.. الشيخ المجاهد بسام السعدي يتذكر)، وذلك بقاعة خريجي الكليات والمعاهد التجارية، في دمشق.

قلبٌ ينبض بالثورة

ورحَّب مُمثل حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين بالجمهورية العربية السورية إسماعيل السنداوي، بالحضور جميعاً، مؤكداً أن الشعب الفلسطيني يعي تماماً أن نهج الجهاد والمقاومة الذي تبناه، فيه ابتلاءٌ وتضحية وفداء.

وقال :"نلتقي اليوم في رحاب مسيرةِ قائدٍ كبير من عائلة مجاهدة، من نسل الشيخ فرحان السعدي. إنه الشيخ بسام السعدي، الذي قدّم أبناءه قرباناً لله على طريق الجهاد والمقاومة".

وأشار السنداوي، إلى أن الاعتقالات والإبعاد لم تثنِ عزيمة الشيخ المجاهد بسام، ولم تشكل عائقاً له، فمازال قلبه ينبض بالإيمان والوعي والثورة. ثورة القسام، د. فتحي الشقاقي، محمود طوالبة، وجميل العموري، ورفاقهم الذين حملوا ولا زالوا يحملون البندقية، ويواصلون المسيرة بعزيمة، اقتدار، وتحدٍ.

وتابع يقول :"نحن أمام مسيرة قائد استثنائي، بذر بذرة "كتيبة جنين"، وكان مثالاً وحريصاً على الوحدة الوطنية، لتُولد اليوم مرحلة الفلسطيني الجديد، مرحلة جميل العموري، عدي التميمي، إبراهيم النابلسي، وخيري علقم".

"كتاب أبكاني كثيراً"

أما الكاتب والروائي الفلسطيني د. حسن حميد، فقد قال: "إن هذا الكتاب أبكاني كثيراً، فلا تستطيع أن تغادر صفحة من صفحاته، إلا وأن ترفع تحية إجلالٍ وفخر للشعب الفلسطيني المقاوم الأبي".

وأضاف "هذا شعبٌ غير عادي. أرى مثلما أراكم أن الإسرائيلي يغرق في قبره شيئاً فشيئاً".

وتابع د. حميد : "مهما حدث، ومهما بلغ هذا التغول الإسرائيلي، فإن نهاية هذا الكيان حتمية".

ونوه إلى أن "الكتاب في منتهى الأهمية، وأعني بالكتاب، هذه الأفعال التي يقوم بها الشعب الفلسطيني"، وفق تعبيره.

وشدد د. حميد، على أنه "لم يسمع أو يرَ مثل هذه المواقف والقصص والحكايات غير العادية".

وشرح أننا "نرى في هذا الكتاب، الأطفال حماماً زاجلاً بين الشيخ بسام والمقاتلين خلال معركة جنين عام 2002، ونرى كذلك الأمهات، كيف يخبزن ويطهين الطعام للمجاهدين، فيما القتلى حولهن ورائحة الدم تفوحُ في أرجاء المخيم الصغير بمساحته، الكبير بعزيمة أبنائه. باختصار في هذا الكتاب سترى ما يُدهشك، وتحافظ على حلمك بأن هذه البلاد ستعود حتماً"، مُوصياً بترجمته إلى عدة لغات، وخاصةً اللغة الإنجليزية.

وأشاد د. حميد، بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، الفصيل الفلسطيني المُذهل بحضوره، وفعله المقاوم.

إضافة بعد الاعتقال الأخير

بدوره، توجَّه مُحرر الكتاب عصري فياض، بالتحية للحضور في دمشق، عرين العروبة، والحجر الأساس في محور المقاومة.

وقال في كلمة له عبر الهاتف: "الكتاب يتحدث عن مسيرة الشيخ المجاهد بسام السعدي، الذي أمضى في المطاردة والاعتقال 18 عاماً، فهو يُمضي وقته مجاهداً حتى في زنانين الاحتلال، بالمطالعة والقراءة والحرص على الوحدة الوطنية".

واضاف "أراد الشيخ بسام، تجسيد تجربته الذاتية في كتاب لينقلها إلى الأجيال. وهو طلب مني أن أساعده في التدوين، فكنتُ أسجل له، وأدون".

وتابع فياض :"حتى في الاعتقال الأخير - مطلع أغسطس/ آب الماضي- أرسل إليّ الشيخ بسام فصلاً وأضفته، وهو الفصل الحادي عشر".

واستطرد :"تفاجأتُ بحجم هذه المادة وزخمها، والتي لها أكثر من وجه، وإذا أردنا أن نتناولها فإن كل وجه يحتاج إلى كتاب، كي نُوفيه حقه".

ولفت فياض، إلى جزئية لافتة في الكتاب، وهي بكاء الشيخ بسام بكاءً مراً عند استشهاد د. فتحي الشقاقي، وبكائه كذلك عند استشهاد القائد نعمان طحاينة، فيما لم يبكِ بالمطلق عند استشهاد ابنيه.

ونوه إلى أن هذا الكتاب يصلح أن يكون ملحمةً، مشيراً إلى أن الشيخ بسام أوصى بإشهاره إذا ارتقى شهيداً أو إذا اعتقل.

وشدد فياض على أن مخيم جنين لا يُقاتل بالرصاص والعبوات فقط، بل يُقاتل بالقلم والمذكرة.

ولفت إلى أن كل جيل يأتي في فلسطين، يكون أشد على الاحتلال من الجيل الذي سبقه.

حضورٌ لفلسطين في الكتاب

من جانبه، أكد الناقد الأدبي أحمد هلال، أن هذا الكتاب لغته جزلة مشرقة، وعناوينه الداخلية موحية على مدى اثني عشر فصلاً محكماً بسرديته التوثيقية - التاريخية، والتي تلتحم في سياقات معرفية تختص بالمسيرة والسيرة بآن.

وقال :"في الكتاب نجد فلسطين وبأسمائها الحُسنى مدناً وقرى وبلدات إحدى دررها جنين، التي اشتعل رماد جمرها الآن في المشهد الصراعي اليومي النازف بالشهداء والأدل بالبطولات الاستثنائية لأجيالٍ من الشباب".

وأضاف هلال "لعل قلم الراصد والباحث الحصيف، وهو يدون مرويات الشيخ المجاهد بسام السعدي، من مهبط الميلاد، وصيرورة السلالة المجاهدة، ارتباطاً بالنسب والهوية الكفاحية بالمجاهد الشيخ الشهيد فرحان السعدي، اتصالاً بالقسام. هي إذاً سيرورة تاريخ فاعل، رسم رحلة الضوء تاريخاً وجغرافيا وهوية وانتماء، وتجذراً في النسب الشريف، لتسفر عن وعي متراكم، مؤسس في حلقات اشتباك، قبضاً على الذاكرة، فهي المستهدف أيضاً".

ولفت إلى أن الشيخ بسام السعدي، الأمين على خط أفق رسمته العائلة المجاهدة، ليجلو بذلك الوعي انتماءه لحركة جهادية مقاومة، كان لها فعلها، وإسهامها الكبير في مسيرة كفاح ومقاومة الشعب الفلسطيني.

كما لفت هلال، إلى محطة مرج الزهور كعلامة في هذه المسيرة/ السيرة، حيث احتكاك شرارة الوعي المؤسس على أبجدية الصراع، وفهمه والانتباه الشديد لما يتطلبه ذلك الوعي، ليلتقي بالرموز الجهادية، أي بقوة المثال، امتداداً لفكره وعقيدته وسلوكه.

تأسيس تربوي للأجيال

من ناحيته، أكد عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الكتاب العرب الأرقم الزعبي، أن الكتاب يحمل أركان الرواية، فالمذكرات الواردة فيه تحمل الدهشة، وتحمل جماليات في الإيقاع والحكاية والشخصيات والحبكة الروائية، وقد كتبت على لسان بطلها، الذي يتحدث عن شخصياتها بخجل وإيثار يقدم بإنسانية الإنسان، الأرض، والمعاناة.

وقال الزعبي :"يا لُطهر ما دارت حوله هذه المذكرات. هناك ذكريات دونت بشيء من الحزن، وأخرى بشيء من الطرفة والمغامرة، وأخرى تكشف الحقائق، والأهم لتكون تأسيساً تربوياً للأجيال".

وتابع :"إنها حبكة تُظهر العلاقة السببية بين مفردات عملية التذكر المحتمل، فالمقاوم يتطلب التعبئة الفكرية والروحية، والمقاومة تتطلب الأدوات والمستلزمات".

ومضى الزعبي يقول :"هنا يرسم الشيخ بسام السعدي أدوات المقاومة بألوان الواقع، وبأسلوب يجعلنا نؤكد أن ما قدم أكثر من تذكر لسرد أحداث. لاحظوا معي كيف يسرد آلية استعداد مخيم جنين لمحاولة اجتياحه من قبل العدو الصهيوني، فيقول :" برز بشكل فريد دور الحاضنة الشعبية للمقاومة، وصل إلى حد تسليم البيوت بمفاتيحها للمقاومين.. التعاون لإنشاء ثلاثة معامل لصناعة القنابل اليدوية المحلية.. التشارك مع جميع فصائل المقاومة، توزيع الرصاص والذخيرة كما يوزع الخبز والدقيق.. استخدام العجانات في مزج المواد المتفجرة وصناعتها، التعاون لشراء الرمل لتعبئة الدشم، وبناء السواتر، وتجهيز بعض البيوت، لتكون مراكز إسعافية".

واستشهد الزعبي، بمقولة أخرى وردت على لسان الشيخ بسام السعدي، :"إن المواطن العادي غير المقاتل كان في المخيم فدائياً ومشاركاً في المعركة، حتى عندما كان جنود الاحتلال يجبرونه على أن يكون أمامهم كدرع بشري..".

يُقدم بكل صراع مرة

أما مدير مؤسسة القدس للثقافة والتراث محمد أبو جبارة، فاستهل حديثه، بالتطورات الأخيرة، حيث قال :"كيان بأكمله مدجج بالأسلحة والعتاد المتطور يدخل إلى مخيم جنين ذو المساحة الصغيرة -كيلو متر مربع- ليقتل 10 مدنيين عزل، وشاب متسلح بالعزيمة والشجاعة، يدخل بمفرده إلى قلب الكيان المحتل، وتحديداً مدينة القدس، ليقتل 10 من الصهاينة".

وبحسب أبو جبارة فإن الكتاب يُلخص المسيرة السعدية، ويُقدمها في قالب فني شيق، ومترابط.

وتابع :"الكتاب الذي بين أيدينا، يُقدم للبشرية في كل صراع مرة، لأنك تستحضر من خلاله نقاطاً رئيسية، فهو يجعلك تقف عند أحداثه بتمعن".

وأوضح أبو جبارة، أن من هذه النقاط، أن قراءة الفصل الأول والثاني من الكتاب تجعلك مضطراً لمتابعة قراءة باقي فصوله. فهو يجعلك تقرأ سيرة شعبٍ بأكمله.

وتطرق إلى الحكمة، التي كان يتمتع بها الشيخ بسام السعدي، فذكر أنه في احتكاكه المباشر مع أمن السلطة، كان يتعامل معهم بهذه الحكمة والصبر، فعندما يجيئون لاعتقال أحد المقاومين، يقول لهم: "اعتقلوني إن شئتم".

ولفت أبو جبارة إلى أنه في هذا الكتاب نجد الإحصائيات الموثقة وتفاصيل هامة عن الإبعاد لمرج الزهور.

مسيرة حافلة بالدروس

من جانبه، توجه الأكاديمي د. إبراهيم ناجي علوش، بالتحية للشعب الفلسطيني المقاوم، ولمخيم جنين، الذي يجدد فصول البطولة في كل المواسم.

وقال عن الكتاب: "إنني وإذ رحت أتسلق ذكريات القامة النضالية العالية للشيخ بسام السعدي، صفحةً تلو صفحة، أخذتني سطوره وما بين السطور في رحلة عبر ثلاثية الإيمان والوعي والثورة".

وبيّن علوش، أنها مسيرة حافلة بالدروس العظام، ففيها قصة السهل الممتنع لأولي الألباب. فهناك أولاً، الجذر الثابت: تأصيل العمل الوطني المقاوم في سيرة الشيخ عز الدين القسام، وسيرة الشيخ فرحان السعدي.

كما بيّن أن هناك ثانياً، الأصل الكريم: العائلة المعجونة بتراب الوطن، بالزيتون والزعتر، وبأهل الوطن، وطيبتهم، وطيب أصلهم، وهناك ثالثاً رحلة البحث عن الذات، وعن مرساة الاستقرار في الأنواء: العقيدة التي لا يستقيم معناها إلا إذا أولت بصورة وطنية مقاومة، وإلا إذا ارتقى المناضل إلى مستواها، وذاب فيها.

وتحدث علوش، عن الالتحام بالناس، ملح الأرض وبارود الثورة: وهنا درس عظيم في فن القيادة من الميدان، الذي أسهم في تحويل مخيم جنين إلى قلعة سياسية- عسكرية للمقاومة، والذي ارتقى به الشيخ بسام، إلى مستوى الاحتراف.

كما تحدث عن السلوك القدوة، مكتفياً بالقول هنا: إن الشيخ بسام فرض احترامه على العدو والصديق، وفي صفوف حركة الجهاد الإسلامي، والفصائل الأخرى، ولدى عامة الناس، ولاسيما أهل مخيم جنين.

وأشار علوش إلى أن الكتاب تضمن أيضاً الاستعداد لتعلم الدروس، وتصحيح الأخطاء، وكان هذا لافتاً فيما تفضل به الشيخ بسام عن توقيع "وثيقة الأسرى" في السجن عام 2006 وتراجعه عنها، وهو موقف يزيد من احترامه وتقديره لمن يعرف معنى الالتزام، وأن سر النجاح نضالياً هو العمل الجماعي المنظم.

كما تطرق الكتاب -وفق علوش- إلى حتمية النصر والاستعداد للتضحية، فمن الاعتقالات والسجون والتعذيب، إلى الإبعاد في مرج الزهور، إلى تجارب العمل السري والمطاردة، إلى الإسهام الحثيث في بناء أطر حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، إلى قيادة العمل الجماهيري، حيث أن الشيخ لم يوفر جهداً أو دماً أو عمراً أو مالاً أو ولداً للسير بالعمل الوطني خطواتٍ إلى الأمام.

وخصص علوش جزءاً من حديثه عن اندماج الذات بالموضوع، موضحاً أن سيرة الشيخ بسام السعدي تتضمن سيراً لكثير من القيادات والمناضلين والشهداء، كما تتضمن فصولاً من سيرة مخيم جنين نفسه، وهو ما جعل العنوان "قبسٌ من نور المسيرة"، اسماً على مسمى، فهو لم يكتب عن ذاته بمقدار ما كتب عنهم، وعن المخيم، والمعتقلات، وعن تتابع النضالات عبر الزمن، ليوثق بذلك إرثاً وطنياً فلسطينياً للأجيال، واستنبط طاقةً نضالية من مجموعة سير تلهم من يبحثون عن نجمة يهتدون بها في الليل الحالك، وكرس تتابع أجيال المقاومين والشهداء في صراع مع الحركة الصهيونية وأذنابها، هو في الواقع صراع أجيال.

وأفرد علوش، مساحةً للحديث عن مدرسة الصبر والجلد، التي تجلت في ترويض النفس والارتقاء بها إلى مستوى التحدي في أقسى التجارب وأصعبها، في غرف التحقيق، وجلسات التعذيب، وفي الحفاظ على الذات إزاء مغريات الحياة الدنيا، وفي مواجهة الاستفزازات والصغائر، ليصبح بذلك الشيخ بسام، معلماً كبيراً في مدرسة الصبر الصعبة.

ولم يغفل الكتاب -بحسب علوش- عن الحس الوحدوي المرهف، مع الحفاظ على الثوابت المبدئية والوطنية، وتجلى ذلك في الانفتاح على المناضلين والمجاهدين من الفصائل كافة، وفي الالتحام في المواجهات الوطنية عموماً، مع التمسك بنهج رفض التسوية مع العدو الصهيوني أو الانخراط في سلطة أو عملية سياسية في ظل احتلال أو مشروع تقزيم فلسطين إلى "أرض محتلة عام 1967" فحسب.

وختم علوش حديثه قائلاً: "نحتفي اليوم بظاهرة نضالية، ونكرم رأس حربة في مشروع وطني، ونُسلط الضوء على صفحاتٍ مضيئة في التاريخ المعاصر لشعبٍ بأكمله، والعنوان اليوم هو الشيخ بسام السعدي، فك الله أسره، وأسر كل المقاومين في سجون الاحتلال، وأسر الوطن كل الوطن من النهر إلى البحر".