يتكئ عبد الرحمن على مكتبه الصغير، واضعًا كفه الأيسر على رأسه، بينما كفه الأيمن مشغول بتحديد هوايته المفضلة على ورقة بيضاء، وتحيط به وبأوراقه بعض من الأوراق والأقلام التي تزين رسوماته؛ لتكشف عن رسالة عميقة بتوثيق وتجسيد الشخصيات الوطنية الفلسطينية.
الفتى عبد الرحمن حمو من مخيم بلاطة في مدينة نابلس بالضفة الغربية المحتلة، يتمتع بشخصية تعشق الهدوء والسكينة، وجد نفسه منذ الطفولة بين الأوراق والأقلام؛ ليصبح بعد (14 عامًا) من ميلاده واحدًا من أشهر الفتية في نابلس بالرسومات الفنية المميزة.
يتميز عبد الرحمن عن غيره من أصدقائه بأنه تعلم فن الرسم دون الحصول على دورات تعليمية، ولم يتلقَ أي إرشادات فنية من المدرسين، بينما تلقى فقط دعمًا من والدته، التي دفعته للاستفادة من قضاء وقته عبر منصة اليوتيوب، بدلًا من مشاهدة فيديوهات لا مضمون لها سوى الضحك أو الانحراف.
بدأ عبد الرحمن (رسم بورتريه) بشكل فعال بعد وصوله لسن العاشرة، إذ وجد صعوبة في بداية أعماله الفنية، قائلًا: "كل بداية عمل سواء فني أو تعليمي أو رياضي صعبة؛ لكن مع الممارسة والاستمرار والحب يصبح العمل أكثر سهولة".
استعاد الفتى شريط ذكرياته، وعاد بنا إلى بداية عمله بالرسم، قائلًا: "أول شيء رسمته هو صورة الأنمي، وهو عبارة عن الرسوم المتحركة اليابانية، وشعرت بالفرحة بعد إنجاز الرسمة بشكل كامل، وهو ما أدخل الفرحة والسرور إلى قلب أمي التي شجعتني على تكرار الرسم مرة أخرى".
ونشر الفتى عبد الرحمن الصورة على حساباته في منصات التواصل الاجتماعي؛ لتحظى بإعجاب واسع من أصدقائه ومعلميه في المدرسة، الأمر الذي منحه دفعة قوية للاستمرار في تعلم الرسم وإتقانه.
ومنذ تلك اللحظة وضع عبد الرحمن رسم الأنمي أو رسم بورتريه ضمن الأهداف التي يجب أن يحققها بوقت قياسي، وبدأ يبحث كثيرًا في منصة اليوتيوب عن خطوات الرسم المتقدم حتى تمكن من إتقانها بشكل كبير.
غالبية رسوماته كانت متعلقة بالرسوم المتحركة اليابانية؛ لكن والدته دفعته لرسم الشخصيات الوطنية الفلسطينية؛ لتجسيد الرموز التي ضحت من أجل أن يعيش أبناء فلسطين بعزة وكرامة وحرية يفتقدها الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
وأبدع عبد الرحمن في رسم الشخصيات الفلسطينية؛ والتي بدأها برسم الأسير الشهيد ناصر أبو حميد الذي استشهد بتاريخ (20-12-2022) في مستشفى سجن الرملة، بعد أن أمضى 20 عامًا متتالية في السجن.
وبعد مرور أسابيع عدة، تمكن الفتى عبد الرحمن من رسم عميد الأسرى الفلسطينيين المحرر القائد كريم يونس، والذي أمضى 40 عامًا متتالية في سجون الاحتلال الإسرائيلي، وأفرج عنه بتاريخ (3-1-2023)، فيما يستعد الآن لرسم صورة "قدري طوقان" وهو أحد كتاب وسياسيي مدينة نابلس، وقد سميت المدرسة على اسمه.
ولم يكتفِ الفتى عبد الرحمن حمو بالرسم فقط، إنما شارك في مسابقات عدة عبر منصات التواصل الاجتماعي، وحصل على جوائز قيمة، إذ لفتت أعماله الفنية أنظار المدرسة التي وضعت رسوماته في معرضها؛ لتكريم الطالب المتميز.
ويرى الفتى عبد الرحمن أن التعلم عبر الإنترنت واستغلال منصة اليوتيوب وسيلة مفيدة جدًا؛ لإتقان الأعمال التي يرغب بها الانسان قائلًا: "بدلًا من مشاهدة فيديوهات لا أهداف لها علينا أن نشاهد فيديوهات مفيدة وممتعة يمكن من خلالها التعبير عما يجول في خاطرنا، وإيصال الرسالة التي نرغب بنقلها عبر الرسم".
ولم يخفِ الفتى عبد الرحمن طموحه بالوصول إلى العالمية من خلال الرسم، إذ أكد أنه سيدرس في كلية الفنون الجميلة؛ ليُنمّي قدراته ومواهبه؛ لتحقيق طموحه.