مع اشتداد وتسارع عمليات المقاومة فى الضفة الغربية من بوابة كتيبة جنين وعرين الأسود وكتائب شهداء الأقصى وكل أذرع قوى المقاومة والشباب الثائر، ومعهم جميعًا حاضنة وسند شعبي قوي، وصمود المقدسيين وثباتهم وتناغم فلسطينيي الــ ٤٨، والصليات الصاروخية والمضادات الأرضية من غزة العزة، ومع تشكل أكثر حكومة تطرف صهيونية دينية منذ قيام الكيان العام ١٩٤٨ بقيادة بنيامن نتنياهو وشركائه بن غفير وسموتريش ودرعي وبرامجها وأولوياتها توسيع الاستيطان والسيطرة على القدس، وتشريع كل البؤر الاستيطانية، ومصادرة وضم الأراضى فى النقب والجليل ومناطق ج فى الضفة، وسن قانون إعدام الأسرى ومضاعفة معاناتهم ناهيك عن جملة قوانين تتعلق بسحب الجنسية عن قلسطينيي الداخل ٤٨ حال تأييد عمليات المقاومة وتهجير أهالي ااــ ٤٨ والبرنامج النووي الإيراني وإعادة الأمن للضفة .
فى ظل هكذا مناخ تتدافع أجهزة مخابرات عربية وأمريكية بمستويات مختلفة: مدير CIA ومستشار الأمن القومى الأمريكي ووزير خارجيتها إلى رام الله، وسبقها لقاء ثلاثي عبد الفتاح السيسي _عبد الله الثانى _محمود عباس .
كل هذه الجهود الجبارة تهدف إلى الحفاظ على أمن ورفاهية واستقرار إسرائيل باعتبارها الإمتداد الطبيعي ورأس الحربة للولايات المتحدة بالخصوص والغرب بالعموم فيما يسمى بمنطقة الشرق الأوسط وأهم قاعدة وثكنة عسكرية .
هذه الرحلات المكوكية واللقاءات تهدف إلى التعامل مع سلسلة من الأحداث المتسارعة منها:
- حث وثنى السلطة الفلسطينية عن الاقتراب من أى تهور فى قصة العلاقة الرسمية مع الكيان الصهيوني، سواء التلويح بوقف التنسيق الأمني أو سحب الإعتراف .
- التفاهم والتنسيق مع السلطة على آليات للحيلولة دون اندلاع انتفاضة مسلحة بأى وسيلة فى الضفة .
- تدارس سيناريوهات الخلافة ما بعد عباس .
ولاشك أن الحكومة التى تشكلت برئاسة نتنياهو مؤخرًا ومن أحزاب تشكل عتاة الصهاينة التى تمثل ثالث أكبر مجموعة فى الكنيست وثانى أكبر مجموعة فى ائتلاف نتنياهو، أمثال ايتمار بن غفير وبتسلئيل سيموتريش وارى درعي تسعى إلى خلط كل الأوراق لتفجير الأوضاع وإشاعة مناخ رعب وقتل، وسن قوانين عنصرية ترفع درجة الغليان داخليًا وخارجيا .
هكذا وضع يجعل من فحص المواقف العالمية والاقليمية حيال هذه الحكومة مثار اجتهاد ورصد.
بتقديري أن الإدارة
الأمريكية ممثلة بالحرب الديمقراطي وإن تعهدت بالعمل مع نتنياهو وحكومته والحفاظ على الثوابت التى تضمن أمن إسرائيل، لكن مصلحتها ليست فى استمرار وصمود هكذا حكومة، ومعنية بالتظاهر والاحتجاج من قبل اليسار والعلمانيين لعلها تسرع الإطاحه بها؛ لأنها أقرب إلى التيار الجمهوري، وبالتالي فإن فشلها وانتخابات جديدة سوف يطيح بالموجود ويسهل مجيء حكومة أكثر واقعية وتناغمًا مع سياسات الحزب الديمقراطي، هذا بدوره قد يمهد لولاية جديدة للديمقراطيين، والتفرغ لملفات عالمية مثل الحرب الروسية -الأوكرانية والصين والملف النووى الإيراني،
ويتماشى مع الموقف الأمريكي الاتحاد الأوروبي وبعض من الدول العربية المطبعة، والمطلوب منها أمريكاالتفاهم مع قيادة المقاومة حماس والجهاد على خفض وتيرة التصعيد فى العمليات العسكرية فى الضفة وعدم التصعيد من غزة؛ لعدم جر هذه الحكومة اظإلى ارتكاب مجازر، والعمل على فتح باب المصالحة الفلسطينية -الفلسطينية معزوفة الحفاظ على الوضع القائم .
أمام هذا الواقع الملتهب والتغيرات المتسارعة فالحالة الفلسطينية تملك أهم ورقة وهي اندلاع المقاومة المسلحة والشعبية بوتيرة متسارعة وتمددها فى غالبية مدن ومخيمات الضفة بنفَسٍ ثوري من غالبية الشرائح والقوى في ساحة ومركز الاشتباك الرئيس، ناهيك عن حكومة متطرفة صهيونية دينية برنامجها الموت والطرد وتهويد القدس.
أمام هذه المعطيات:
- يصبح طي ملف أوسلو وسحب الإعتراف ووقف كل أشكال التعاون الأمني ضرورة وطنية، وهذا هو المناخ الصحي والطبيعي .
- الشروع فى تشكيل الجبهة الوطنية للمقاومة الشاملة التى تعنىٰ فقط بتصعيد وتطوير كل الوسائل الشعبية والعسكرية لتصبح نهجًا وسلوكًا وممارسة .
- المصالحة الوطنية الشاملة على أساس انتخابات مجلس وطني جديد، وإعادة بناء م.ت.ف على أساس متين، والحفاظ على الثوابت الوطنية والتمسك بها .
- تعزيز القيم التي تعيد الاعتبار إلى المجتمع المقاوم غير الاستهلاك، وإشاعة روح التآزر والإيثار.
- العمل على تعزيز كل الروابط مع أبناء وشعوب أمتنا العربية والاسلامية باعتبارها العمق الاستراتيجي والسند المادى والمعنوى .
إذًا ليس من خيار أمام الشعب الفلسطيني إلا خيار الوحدة والمقاومة فقط، وهذه الخيارات هي التى تحافظ على الشعب والقضية من التصفية والبيع فى المزاد، وبدورها ستفتح الباب أمام كل الشعوب العربية والإسلامية لإعادة انبعاث جديد يكون مقدمة لدورة حضارية، ويكون الإسلام العظيم هو الرائد والقائد، وتعود للأمة كرامتها ودورها فى ممارسة رسالتها الخالدة التى اختصها الله جل وعلا بها .
"كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ "