توقع مدير مركز علوم الأرض وهندسة الزلازل في جامعة النجاح الوطنية الدكتور جلال الدبيك، أن تشهد تركيا ومنطقة بلاد الشام وقوع بعض الارتدادات والهزات الأرضية خلال الساعات القادمة؛ بسبب تأثير الزلزال الذي أوقع آلاف الضحايا والجرحى.
وأوضح د. الدبيك لـ"شمس نيوز" أن غالبية الزلازل القوية يتبعها هزات أرضية أو ارتدادات قد تُشكل خطرًا على الناس خلال (36 ساعة أو 48 ساعة)؛ لكن بعد ذلك قد تحدث هزات أرضية يكون تأثيرها ضعيفا حسب نوع الزلزال، أو طريقة الكسر الأرضي، أو شكل الطبقات الأرضية التي تكسرت خلال بداية الزلزال.
ارتدادات واهتزازات طبيعية
وأشار إلى أن احتمالية وقوع زلزال في المستقبل القريب بنفس المنطقة الجغرافية الذي وقع فيها زلزال جنوب تركيا أمرٌ وارد –موعد وقوع الزلزال لا يعلمه إلا الله-؛ لكن لا يمكن ربط ما قد يقع من زلازل في المستقبل بما جرى اليوم في تركيا، إنما قد تحدث هزات ارتدادية خفيفة خلال الساعات القادمة فقط.
ولفت إلى أن الجهات المختصة تجمع الناس في الساحات العامة؛ حفاظًا على أرواحهم لمدة (36 ساعة أو 48 ساعة)، وفي الوقت ذاته تعمل فرق الكوارث لوضع إشارات على المباني الآمنة لتأمين الناس، مع الإشارة إلى أن الارتدادات الأرضية تكون قد استقرت وهدأت خلال عملية تقييم المباني.
فيما يتخوف علماء وخبراء في تركيا من وقوع زلازل أخرى بنفس الشدة وبقوة تدميرية عالية، داعين إلى أخذ الحذر في المناطق عالية الكثافة السكانية والسيطرة على السدود.
وبلغت قوة الزلزال فجر اليوم الاثنين 7.8 درجات على مقياس ريختر، وتبعته عشرات الهزات الارتدادية وصل بعضها إلى قوة 6.7 درجات
وتسبب الزلزال الذي ضرب جنوب تركيا وامتد تأثيره المدمر إلى سوريا وقوع آلاف الضحايا ، ونحو 13 ألف جريح، وتدمير مئات المباني السكنية فوق ساكنيها، وهنا أشار د. الدبيك إلى أن قوة الزلزال على مقياس ريختر يتحكم في مساحة انتشاره.
وقال: "كلما زادت قوة الزلزال على مقياس ريختر، وقلَّ عمقه –مركزه على القشرة الأرضية وقربه من التجمعات السكنية- كلما كان تأثيره أقوى والأضرار كبيرة"، لافتًا إلى أن زلزال تركيا كان قويًا، وهو ما تسبب بامتداد تأثيره الواسع في المنطقة الجغرافية الممتدة من تركيا إلى سوريا ولبنان وفلسطين.
كيف تقع الزلازل؟
وبين د. جلال أن الزلازل هي انكسارات تحصل في القشرة الأرضية، كنتيجة طبيعية لأسباب عدة، منها حركة الصفائح الأرضية التي تمثل 70% من الزلازل كـ "الصفيحة العربية" إذ تتحرك القشرة الأرضية للجزيرة العربية مبتعدة عن أفريقيا أو تقترب منها أو تنزلق الصفائح الأرضية؛ ما يُسبب وقوع زلزال.
أما السبب الآخر الذي يُسبب الزلازل وفقًا للدكتور الدبيك، فهي التضاغط أو تكوين إجهادات في القشرة الأرضية؛ ما يُسبب عدم قدرة طبقات الأرض على تحمل هذه الإجهادات التي تتراكم في القشرة الأرضية بشكل سنوي، قائلًا: "كلما كان الإجهاد كبيرا كان تحرك الصفائح الأرضية بشكل كبير؛ لينتج عنه زلزال قوي يكون تأثيره كبيرا".
المناطق المعرضة للزلزال
وفي السياق ذاته أشار د. الدبيك إلى أن المناطق الأكثر عرضة للزلازل والاهتزازات الأرضية هي المناطق التي تقع بين تقاطع الصفائح الأرضية مثل (اليابان واندونيسيا وتركيا وكاليفورنيا) بينما مناطق بلاد الشام كـ"لبنان وفلسطين وسوريا" تتعرض لتأثير متوسط من الزلازل.
وذكر بأن تركيا تقع بين ثلاثة صفائح –بلاطات أرضية- وهي (الصفيحة الأوروبية والصفيحة الشمالية والصفيحة العربية) وكلما تحركت الصفائح مبتعدة عن بعضها البعض أو اقتربت من بعضها يقع الزلزال، لذلك تركيا من أكثر الدول عرضة للزلازل.
الحد من تأثير خطر الزلازل
لا يمكن التنبؤ بوقت حدوث الزلازل، لذلك قد تكون تأثيراته كارثية كما حصل في تركيا، وأمام هذا الخطر الكبير، أوضح د. الدبيك طريقة يمكن من خلالها الحد من الآثار الكارثية للزلازل، تتمثل بانتهاج خطة هندسية للبناء بتصميم مناسب للمباني السكنية، بما يشمل البناء على أرض مناسبة وليست طينية أو جبلية قابلة للتحرك بسهولة مع أي اهتزازات أرضية.
وفي حال وقع الزلزال، أشار د. الدبيك إلى ضرورة التركيز على سرعة عمليات الاستجابة من خلال هيكلية محددة بين المؤسسات وفرق التطوع وأبناء الشعب لتوزيع المهمات والمسؤوليات لتسريع إنقاذ الضحايا من تحت الأنقاض.
وتتطلب الهيكلية جهود كبيرة من الدولة تتمثل أولًا بتثقيف الشعب بكيفية وقوع الزلازل وطرق التعامل السليمة للحد من المخاطر التي قد يسببها الزلازل، إضافة إلى العمل على تدريب الشعب على خطط مواجهة الكوارث بشكل دوري؛ ما يساعد فرق الإنقاذ والطوارئ للاستجابة السريعة.