على الرغم من السخرية والانتقادات التي يوجهها الإعلام والمعارضة الاسرائيلية ضد وزير الأمن القومي ايتمار بن غفير وتصريحاته حول القيام بعملية عسكرية تحت مسمى السور الواقي 2 ضد الفلسطينيين في القدس، فهذه الانتقادات ليست موجهة لبن غفير فقط، فهي استغلال لتصريحاته الشعبوية والخطيرة ايضا انتقاد الحكومة وفشلها في وقف المقاومة الفلسطينية، والعمليات التي تنفذ في الضفة الغربية ومدينة القدس.
وتصريحات بن غفير التي تعتبرها المعارضة شعبوية لكنها تأتي في سياق الاتفاقيات الائتلافية بالنسبة لليكود واقطاب اليمين، فالاتفاقيات واضحة ومستمرون في تنفيذها، وإن ببطء. وبن غفير ليس لديه نية للتراجع عن خططه وسياساته قرارته.
المشكلة عند المعارضة والاعلام الاسرائيلي هي كيف ستقوم الحكومة الاسرائيلية بالقضاء على المقاومة (الارهاب الفلسطيني). والمقارنة بالسياسات التي انتهجتها الحكومة السابقة، والتي نفذت سياساتها بغطاء من الوسط واليسار واليمين.
حتى التحذيرات التي تطلق بخطورة اشتعال المقاومة مع قدوم شهر رمضان، والخشية من اندلاع التصعيد، في حين ان نفس التحذيرات كانت خلال العام الماضي والاعوام السابقة، وشنت الحكومة السابقة عملية عسكرية في الضفة الغربية تحت مسمى "كاسر الامواج"، وارتكب الجيش الاسرائيلي جرائم ضد الفلسطينيين واستشهد اكثر من 175 فلسطينياً، وهدم البيوت في الضفة والقدس، وما قررته حكومة نتنياهو على اثر عمليات القدس، هي ذات السياسة القديمة الجديدة في قمع ومصادرة حقوق الفلسطينيين.
تعيش دولة الاحتلال أزمة سياسية، وامامها جملة من التحديات والمعضلات الاستراتيجية الناقدة خاصة مع تصاعد المقاومة الفلسطينية غير المنظمة حتى الان.
والقلق من امتداد رقعة المقاومة وتصعيد في جميع الاراضي المحتلة، إضافة إلى الوضع الداخلي المتأزم وما يسمي الانقلاب الحكومي وخطة اضعاف الجهاز القضائي، واحتمال المواجهة مع الولايات المتحدة والدول الغربية التي عبرت عن رفضها للتغيرات التي يقوم بها نتنياهو وتهدد النظام السياسي الديمقراطي حسب الوصف.
دولة الاحتلال تتنكر لحقوق الفلسطينيين ومستمرة بسياساتها العدوانية والاستيطانية، وتتعامل مع الفلسطينيين برؤية أمنية، وجرفت العملية السياسية التي تنتظرها القيادة الفلسطينية وتعلق أمالها على العودة للمفاوضات والحل السياسي.
اقام بن غفير خططه وسياساته وشعبويته على الدعوة للقتل والدم والارهاب، فهو ينتظر الان جني ثمار رؤيته وافكاره الفاشية والعنصرية، والاستثمار في وعوده التي اطلقها، والشعبية التي اكتسبها قبل الانتخابات وعندما يصطدم بالواقع وعدم قدرته على اخضاع الفلسطينيين. ومحاولة نتنياهو والاجهزة الامنية التوازن والحذر يصاب بالهستيريا لكنه لا يستسلم.
ليس من صلاحيات بن غفير الإعلان عن عملية عسكرية، لكن هذه الدعوات هي ضغط علي اعضاء الحكومة واستغلال منصبه كعضو في مجلس الوزراء السياسي والأمني (الكابينيت). وهو المجرم، الذي وصل للمنصب على العنصرية و التحريض وفي غياب العدالة الدولية وضرورة محاسبته.
وفي حكومة فاشية يقودها نتنياهو ويتحمل المسؤولية، وهو الاكثر تطرفا وعنصرية، وجند هؤلاء من أجل مصالحه ومصالح دولة الاحتلال.
نزعة بن غفير الفاشية هي خدمة لنتنياهو الذي لا يرى في مؤسسات دولة الاحتلال الرسمية كأدوات مهمة لصنع القرار.
والتوقيع على الاتفاقيات الائتلافية مع الليكود الذي وافق على كل رغبات ونزوات بن غفير ، الذي اصيب بالهستيريا والضعف والارتباك، في مواجهة العمليات الفردية في قلب القدس الذي توج تفسه ملكاً عليها، وأن عمليات المقاومة من اهدافها رد فعل انتقامي على الارهاب الصهيوني الفاشي.
في وقت تحذر الاجهزة الامنية من التخفيف من السنة اللهب وتصاعد المقاومة، تحد بن غفير وامثاله في الحكومة المتطرفة يصبون الزيت على النار.
وعلى الرغم من استجابة نتنياهو لتحذير الجيش الإسرائيلي والشاباك، قرر تأجيل هدم المبنى السكني الكبير في سلوان بمدينة القدس خشية من تصعيد جديد في القدس والضفة.
وفي ضوء ذلك يلقى السؤال الكبير إلى أين تتجه هذه الحكومة في المدى المتوسط وليس البعيد؟ بالنظر على طبيعة هذا التحالف اليميني العنصري الفاشي، والشراكة السياسية المعلنة، والوعود التي اطلقها قادته لناخبيهم يعني التوجه إلى عدوان واسع في الضفة الغربية، وقد يمتد الى قطاع غزة، ومهما حاول نتنياهو أن يكون حذراً وتجنب العدوان ومتع التصعيد سيكون من الصعب على الائتلاف الحاكم.