شمس نيوز / عبدالله عبيد
من سجن إلى آخر، ومن مستشفى إلى عيادة ومن مرض إلى مرض، هكذا كانت حياة الشهيد جعفر إبراهيم عوض (22 عاماً) من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية المحتلة، والذي أصيب بالعديد من الأمراض وهو داخل سجون الاحتلال، وكان نتيجتها انضمامه إلى قافلة الشهداء يوم الجمعة 10/4/2015.
آخر أيامه كانت داخل المستشفى في رحلة صراع مريرة مع الموت الذي رافقه في كل لحظة بُعيد اعتقاله في سجون الاحتلال، جراء الإهمال الطبي المتعمد بحقه، وإصابته بمرض نادر وخطير بعد في عيادة سجن الرملة بحقنة سامة في جسده، بحسب والده أبا جعفر.
يقول أبو جعفر لمراسل"شمس نيوز": دخل جعفر السجن ولم يكن يعاني أو يشتكي من أي مرض، ولكن تدهورت حالته الصحية داخل السجون"، لافتاً إلى أنه أصيب بمرض السكري ومشاكل في العيون والغدة الدرقية، والتهاب رئوي.
غير مستقرة
آهات الوجع طوّقت الحديث بعد هذه الجملة، ليكمل رب الأسرة حديثه بالقول: عندما اعتقله الاحتلال بتهمة الانتماء لحركة الجهاد الإسلامي، كان وزنه 76 كيلو جراما، وبعد مرضه فقد 31 كيلو جراما، وكان الأطباء يبلغوننا بأن حالة جعفر غير مستقرة".
وفي ظل تطور الخطر المحدق بحياة الشاب جعفر، تدخلت هيئة شؤون الأسرى والمحررين للمطالبة بالإفراج عنه، وبعد طول انتظار، قررت محكمة الاحتلال الإفراج عن جعفر بغرامة مالية مقدارها (40 ألف شيكل).
وفي نهاية حديثه نوه الحاج عوض إلى أن ابنه الأسير قد أخبرهم في آخر أيامه، أن ضابطا في جهاز الاستخبارات الإسرائيلية طلب من جعفر أن يتعاون معهم ويقدم لهم المعلومات، مقابل علاجه، مستدركاً: لكن ابني فضل الموت والشهادة والسم والمرض على أن يكون عميلاً".
يخفي مرضه
" الأسرى يخرجون من داخل السجون إلى أحضان أمهاتهم وسط احتفالات وتكبيرات وتهليلات وحلويات توزع على الحاضرين، ولكن كان استقبال جعفر من أمام مستشفى بعد أن نقلته سيارة إسعاف لاشتداد المرض عليه"، هكذا بدأت أم جعفر عوض والدة الشهيد الأسير المحرر حديثها لمراسل "شمس نيوز"، بعد أن انهمرت دمعاتها حزنا على فلذة كبدها.
وأضافت وعلامات الحزن قد بدت على صوتها المتحشرج: عندما كنت أقوم بزيارته داخل السجن كان يخفي علي مرضه، ويقول لي إنني بخير ولست مصاباً إلا بالسكري، لكي لا أبكي أمامه".
وبذلك يكون العنوان الرئيسي لحالة جعفر هو "الإهمال الطبي داخل سجون الاحتلال"، فلم يلقَ الشهيد عوض اهتمامًا بصحته، حتى ازدادت حالته سوءً، ليكون بذلك ختم بختم الموت تنفيذاً للسياسة المخطط لها بحق الأسرى المرضى، بحسب تعبير والدته.
وتابعت الأم تقول: بعد استشهاده لم يزل طيفه وخياله وحركته حولنا في البيت، فحياة جعفر كلها ذكريات جميلة معي ومع والده وإخوانه وأخواته"، مشددة على أن فراقه قد ترك أثرا كبيرا داخل البيت، خصوصاً وأنه الابن البكر للأسرة.
وبتاريخ 10-4-2015 م بلغ عدد شهداء الحركة الأسيرة " 207 " باستشهاد الأسير المحرر جعفر عوض، الذي قد لا يكون الأخير إذا استمر تجاهل معاناة الأسرى المرضى في سجون الاحتلال في ظل تزايد واضح في عددهم نتيجة إعطائهم حُقن وأدوية مجهولة التأثير الطبي .
جعفر في سطور
الجدير بالذكر، أن الشهيد جعفر اعتقل لدى الاحتلال الإسرائيلي في الأول من نوفمبر عام 2013، وعانى خلال اعتقاله من عدة أمراض أبرزها مشاكل في الغدة الدرقية،إضافة إلى مشاكل في العيون، وإصابته بالسكري.
وتدهور وضعه الصحي بشكل مفاجئ ودخل في غيبوبة بسجون الاحتلال في ديسمبر العام المنصرم ونقل على إثر ذلك إلى العناية المكثفة في مستشفى "أساف هروفيه" وأكد الأطباء في حينه بأنه مصاب بالتهاب رئوي حاد، ومكث فترة وجيزة، حتى أعاده الاحتلال إلى ما تعرف بعيادة سجن الرملة"، رغم وضعه الصحي الصعب الذي كان بحاجة لبقائه في المستشفى".
وبعد جهود قانونية أفرج عنه في 21 يناير عام 2015 بغرامة مالية، وبدأ رحلته بالتنقل من مستشفى لآخر مع عدم وضوح الأسباب التي أدت إلى وصول وضعه الصحي لهذه المرحلة الخطرة إلى أن استشهد صباح الجمعة في مستشفى الميزان التخصصي بمحافظة الخليل.
علماً أن عوض قضى في سجون الاحتلال سابقاً ثلاث سنوات قبل اعتقاله الأخير.