غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الشيخ خضر عدنان وصرخة الأحرار

الشيخ خضر عدنان

بقلم: راغدة عسيران

يخوض الأسير الشيخ خضر عدنان، القيادي في حركة الجهاد الإسلامي، إضرابا عن الطعام منذ اعتقاله يوم 5/2/2023، في منزله ببلدة عرابة. لقد أعلن عن إضرابه عن الطعام والكلام فور اعتقاله في ذلك اليوم، عندما اقتحمت قوات العدو منزله فجرا وروّعت أفراد عائلته وهددتهم، وخرّبت أثاث المنزل، كما هي العادة كلما تقتحم منازل الفلسطينيين.

الإعلان عن الإضراب عن الطعام، فور الاعتقال، يعني التمرّد على جيش العدو ومخابراته، ورفض الاعتقال بحد ذاته، كون الصهاينة قوة احتلال ولا شرعية لوجودهم على أرض فلسطين. الإعلان الفوري عن الإضراب رسالة واضحة تعني أن الشيخ المجاهد يرفض التعامل مع قوات العدو وأنه يطالب بحريته لأنه يعيش في وطنه وبلده، وشعاره "إضرابي ان شاء الله للحرية". هي صرخة كل فلسطيني حرّ يرفض وجود المحتل على أرضه. فيقول لهم أن مجرّد وجودهم في فلسطين مرفوض ويستدعي المقاومة والتمرّد، فكيف إذا اقتحموا البيوت وبثوا الرعب وفتشوا المنازل واستولوا على المقتنيات الشخصية للأسير وأفراد عائلته؟ وقد استولوا على الهواتف والصور والدروع التكريمية، ظنا منهم أنهم سيواجهون الشيخ عدنان بهذه "الأدلة" خلال التحقيق معه.

يريد العدو ان يعتاد الشعب الفلسطيني على وجوده، وعلى اقتحاماته وإرهابه اليومي، وعلى همجية مستوطنيه، لكن الشيخ خضر عدنان، يقول بإعلانه الإضراب عن الطعام، أنه وشعبه بكل فئاته، لم ولن يعتادوا على وجوده في أرض فلسطين، لأنه وجود شاذ ومخالف لكل القوانين الإنسانية والكونية، مهما اعترف به المطبّعون ومهما أوهمته اتفاقيات أوسلو، سيظل غريبا عن فلسطين والمنطقة وشعوبها. هي صرخة الشيخ عدنان بوجه العدو الذي قرّر اعتقاله، كما اعتقل قبله، خلال الشهور الماضية، العشرات من أعضاء وكوادر حركات المقاومة، خشية من تأثيرهم على الجماهير الملتفة حول المقاومين.

لقد تم استجواب الشيخ عدنان في مركز تحقيق الجلمة، وحقق معه رجال الشاباك عن فيديوهات في الإعلام في بيوت الشهداء إبراهيم النابلسي وفاروق سلامة وعن الشهيدين أبو الأيمن السعدي ونعيم زبيدي، وعن الشهيدة إسراء خزيمية، وكان موقفه أثناء التحقيق الصمت التام، كما أفاد في أول رسالة بعثها الى الخارج. يحاول المحتل تلفيق قضية واتهامه بها، للتخلص من أزمة الاعتقال الإداري والإضراب عن الطعام، حيث أن محققي الشاباك يذكرون أسماء لا يعرف معظمها، ويسعون الى اتهامه بأي تهمة لتبرير اعتقاله.

ومددت محكمة سالم العسكرية اعتقال الشيخ عدنان لمدة اسبوع بحجة استكمال التحقيق معه، حتى تاريخ 19/02/2023. ويتواجد حاليًا في العزل الانفرادي بقسم (3)، في ظروف قاسية وعدم توافر أغطية تحميه من البرد. نشرت مؤسسة مهجة القدس رسالة نقل فيها "شكري ومحبتي لكل إخوتي الأسرى وذويهم، وكل من حضر الى البيت من الأهل والجيران والأحباب، ثقوا بمعية الله وثقوا بنصر الله، وأكرر نحن لا نقابل أعداء الله بالمنطق، فليحشدوا حشدهم وليمكروا مكرهم وليحضروا كل الفيديوهات عن كلامي بالضفة، فسيذهب الله مكرهم وحقدهم"، تأكيدا على رفض وجودهم المبدئي.

ما يزعج الاحتلال، هو الالتفاف الشعبي الذي يمثله الشيخ خضر عدنان، حول الشهداء والأسرى وذويهم، وتذكير الجيل الصاعد دائما بما قدّم هؤلاء الأبطال لدينهم ووطنهم وشعبهم. حاول العدو منع التشييع الجماهيري للشهداء، وخاصة في القدس، ومنع الاحتفال بالإفراج عن الأسرى واستقبالهم جماهيريا في بلداتهم ومدنهم، ومنع إعادة بناء المنازل التي هدمها بسبب المقاومة. فهو يريد عزل عائلات المجاهدين اجتماعيا ومحاصرتهم سياسيا وماليا، ظنا منه أنه يستطيع، من خلال هذه التصرفات القمعية، إلغاء الذاكرة والتاريخ لدى شعب ما زال يقاوم المحتل ويستذكر كل يوم البطولات والمواقف الرائعة ضد المحتلين، منذ الاحتلال البريطاني وبداية الغزو الصهيوني.

يعتبر العدو الهمجي أن التواصل مع ذوي الأسرى والشهداء وتكريمهم والاعتناء بهم والالتفاف حولهم هو بمثابة جريمة، لأنه يعني كسر إرادته والتمرد عليها، ويجعل من الأبطال الفلسطينيين مثالا لشعب يقاوم الاحتلال ويسعى للتخلص منه بكل ما يملك من قوة وأدوات. تعتبر سياسة عزل ذوي الأسرى والشهداء التي يسعى اليها العدو محاولة لضرب التماسك الاجتماعي والقيم الإنسانية من ناحية، ولتدمير معنويات الأسرى، من ناحية أخرى، لبث التشاؤم والندم لديهم وإحباط إرادتهم. ولهذه الأسباب، قام باعتقال الشيخ المجاهد خضر عدنان للمرة 12، الذي يمثل هذا الانتماء الى شعبه.

صرخة الأحرار التي أطلقها الشيخ عدنان فور اعتقاله تتزامن مع صرخة الأحرار التي أطلقها المقاومون، منذ سنتين، في جنين ومخيمها وبلداتها وسائر مدن الضفة الغربية، من نابلس الى أريحا والخليل والقدس، وفي مخيمات اللجوء، في شعفاط والأمعري، حيث عبّروا بكافة الوسائل، بالنار والدهس والطعن، عن فكرة رفضهم لوجود المحتل الصهيوني على أرضهم وفي حياتهم.

وفي سجون العدو، أطلقت الأسيرات، قبل أيام، صرخة الحرائر رفضا للإجراءات التعسفية التي يسعى السجانون لتطبيقها وتضييق هامش الحياة الكريمة التي ناضلن من أجلها، فتمرّدت وأحرقت الغرف، فجاء القمع الهمجي والعزل، الى أن أعلنت الحركة الأسيرة عن استنفارها دفاعا عنهن وإنهاء عزل المجاهدة ياسمين شعبان (من بلدة رمانة في منطقة جنين).

هي صرخة الأحرار التي أطلقها الأسرى الأبطال، يوم 6/9/2021، الذين حفروا نفق الحرية في سجن جلبوع، وهم القائد محمود العارضة، والمجاهدون محمد العارضة، وأيهم كممجي، ويعقوب القادري، وزكريا الزبيدي ومناضل انفيعات، وأخوانهم الذين ساعدوهم في عمليتهم الجريئة، ليثبتوا أن الأسرى ناضلوا وسيستمرون في نضالهم من أجل الحرية، ولن يقبلوا أحكام الاحتلال ولن يتعايشوا معه.

وعقب اعتقال الشيخ خضر عدنان، أطلق الأسير القائد محمود العارضة صرخته، مذكرا بإضرابه في العام 2012 الذي "نقل قضية الأسرى لمستوى لم يسبق له مثيل في الوعي والوجدان الإنساني" ومحذرا من إمكانية "تصفية" الشيخ من قبل الصهاينة، لأنه "بدأ إضرابه في ظل الهجمة المسعورة على الحركة الأسيرة، ونرى فيه أنه سيحييها وسيكون جدارها المنيع"، ومطالبا من "قوى شعبنا الحية" الوقوف "موقفا جديا.. لأن الهجمة ليست كسابقاتها، ومصحوبة بهجمة إعلامية ضخمة من قبل الاحتلال".

خلال جلسة الاستئناف التي تم رفضه، في محكمة الناصرة، أطلق الأسير البطل يعقوب القادري صرخة الأحرار، نيابة عن بقية الأسرى، حياّ فيها المقاومين والمرابطين وأهلنا في القدس وجنين وبلداتها، وكل فلسطين، وحيا "كل مناضل حرّ شريف يعمل على هذه الأرض. وسوف يأتي يوم نكون به أحرار، شاء من شاء وأبى من أبى بإذن الله تعالى".

وصعدت مؤخرا صرخة الاحرار في سجون العدو، ردا على تعليمات وزير الأمن الإرهابي إيتمار بن غفير، الذي يسعى الى تجريد الأسرى من كافة حقوقهم الإنسانية والسياسية، والتي ضحوا واستشهد العشرات من الأسرى من أجلها.

لقد جاء في بيان "لجنة الطوارئ الوطنية العليا للحركة الأسيرة" (13 شباط 2023) أننا "قررنا الشروع في سلسلة خطوات تبدأ بالعصيان وتنتهي بالإضراب المفتوح عن الطعام في الأول من شهر رمضان القادم، حاملين مطلبنا الوحيد "وهو حريتنا".

هي صرخة الأحرار التي لن يسمعها المجتمع الدولي ودوله الغربية والشرقية، وأصدقاء الولايات المتحدة في العالم، ولن تسمعها كيانات الأمم المتحدة وهيئات حقوق الانسان، ولا الأنظمة العربية والإسلامية المطبّعة مع العدو، التي ستواصل تجارتها وصفقاتها معه، إلا إذا وقف الشعب الفلسطيني بكل فئاته، الى جانب الأسرى في معركتهم، ومعه أحرار العالم، لينقلوا هذه الصرخة عاليا ويخرقوا الصمت الدولي المطبّق على عذابات الأسرى والشعب الفلسطيني بشكل عام.

"جميع المقالات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي "شمس نيوز".