أكثر ما يثير الاستغراب والاستهجان هو حجم الجدل والتناحر الذي يُثيره الكثير من الدعاة والخطباء، وكَمُّ الفتاوى التي يطلقونها حول حكم الاحتفال بذكرى معجزة الإسراء والمعراج، التي أُسري فيها بالنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- من المسجد الحرام في مكة المكرمة إلى المسجد الأقصى المبارك في القدس؛ وعرج منه إلى السماوات العليا، في الوقت الذي يصمتُ فيه أولئك الدعاة عن إدانة الاقتحامات اليومية والانتهاكات الإجرامية للاحتلال "الإسرائيلي" بحق قبلة المسلمين الأولى، والتخاذل عن دورهم في شحذ همم الأمة الإسلامية وتوجيههم بوصلتها نحو وجوب نصرة الأقصى والدفاع عنه.
وتأتي ذكرى معجزة الإسراء والمعراج، هذا العام، في ظل تصاعد واضح في جرائم الاحتلال بحق المسجد الأقصى المبارك، إذ كان العام المنصرم 2022 الأسوأَ والأعلى في وتيرة انتهاكات قوات الاحتلال واقتحامات قطعان المستوطنين المتطرفين للحرم القدسي الشريف، وفق البيانات الرسمية.
الأقصى بوابة السماء
وقال الشيخ ماهر حمود، الأمين العام لاتحاد علماء المقاومة، إنَّ معجزة الإسراء والمعراج واحدة من آيات الله تعالى التي بيَّنت أهمية المسجد الأقصى وقدسيته لدى المسلمين باعتباره قبلتهم الأولى، والنقطة التي عرج منها النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى السماء.
وأضاف الشيخ حمود، في حديث خاص لـ "وكالة شمس نيوز الإخبارية"، أن إسراء النبي الكريم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى هو دليل على وراثة النبي محمد -صلَّ الله عليه وسلم للقدس باعتبارها ميراث الأنبياء جميعهم.
وأوضح أن الهُوِيَّة الإسلامية للقدس تأكدت بصلاة رسول الله إماماً بالأنبياء في المسجد الأقصى، خلال هذه المعجزة التي فَرِض فيها الركن الثاني من أركان الإسلام.
وأكد أن ما يحدث في المسجد الأقصى المبارك من اعتداءات واقتحامات وتدنيس من قِبل الاحتلال الإسرائيلي يتطلب وقفة إسلامية جادة؛ لنصرته والدفاع عنه.
وحول غياب بعض العلماء والدعاة المسلمين عن أداء دورهم وواجبهم في استنهاض الأمة لنصرة المسجد الأقصى المبارك، وتحريره وتطهيره من رجس وبراثن الاحتلال، استنكر الشيخ حمود هذا "التخاذل الكبير لعلماء السلاطين" -وفق قوله-، مُنبِّهاً إلى "أنهم (علماء السلاطين) متخلون عن دورهم، وأن أقوالهم وفتاويهم في مواضيع البدعة والتناحر التي لا تنفع المؤمنين مردودةٌ عليهم، وتهدف إلى تشتيت الأمة وحرفها عن قضيتها المركزية".
وطالب الأمين العام لاتحاد علماء المقاومة الدعاةَ بالتزام مسؤولياتهم في توحيد كلمة الأمة تجاه فلسطين، وإحياء واجب النصرة للمسجد الأقصى المبارك باعتبارها فريضة شرعية واجبة على جميع المسلمين في كل أنحاء العالم.
كما طالبهم بتوحيد الصفوف، والابتعاد عن التناحر والاختلاف، وعدم إطلاق الفتاوى التي تعزز التباغض والفرقة بين المسلمين، وترك الدفاع عن المطبعين وإنكار هذا الفعل الإجرامي الخطير (التطبيع).
ودعا الأمة الإسلامية إلى الاستيقاظ واستنفار الجهود والهمم، وتحريض الشباب على الجهاد في فلسطين، ودعم المقاومة بالأموال والعتاد، وتسخير القدرات كافة من أجل نصرة فلسطين والمسجد الأقصى المبارك.
انتهاكات مع سبق الإصرار
وخلال العام الماضي، تزايدت وتيرة اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى المبارك بحماية مشددة من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
وفي بيان سابق، أعلنت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس، أن أكثر من 48 ألف مستوطن اقتحموا المسجد الأقصى خلال العام 2022.
وقال مدير عام دائرة الأوقاف الإسلامية وشؤون المسجد الأقصى المبارك، الشيخ عزام الخطيب، إن العام الماضي 2022 كان الأبرز والأعلى في عدد الانتهاكات بحق المسجد الأقصى المبارك، إذ وصل مجموع المتطرفين اليهود المقتحمين للمسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة إلى 48 ألفاً و238 متطرفاً.
وحذر الخطيب من الانتهاكات التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق المسجد الأقصى المبارك، مؤكداً أنها "لم تتوقف عند حد عسكرة الساحات وتحويل المسجد إلى ثكنة عسكرية، بل تجاوز إلى قيام المجموعات اليهودية المتطرفة بتصرفات استفزازية لمشاعر المسلمين، شملت أداء صلوات، وانبطاحات، وطقوس تلمودية علنية، وغناء، ورقص، داخل الباحات، عدا عن رفع الأعلام الإسرائيلية".
وجدد تأكيده على أن المسجد الأقصى خالصٌ للمسلمين وحدهم في جميع أنحاء العالم، ولا يقبل القسمة ولا الشراكة رغم جميع محاولات تغير الوضع الديني والتاريخي والقانوني القائم منذ أمد.